عبر تاريخ البشرية المكتوب حدثت أوبئة كثيرة كان مصيرها الزوال، عاجلاً أم آجلاً، اعتماداً على طريقة تعامل الشعوب معها
طوى عيد الفطر هذا العام أيامه في ظل ظروف لم يسبق أن مر بها العالم في التاريخ الحديث.. مضت الأيام سريعاً ومر الشهر الخامس من هذا العام وجائحة كورونا تجتاح العالم وتصيب البشر بلا هوادة.
جاء شهر رمضان بلا صلاة تراويح ولا صلاة قيام في المساجد وأعقبه العيد من دون زيارات ولا مصليات يلتقي فيها الناس مكبرين ومهللين، اختفت صور اللقاءات وتغيرت أشكال الاحتفال وقضى معظم المسلمين أوقاتهم في المنازل وسط أسرهم الصغيرة خوفاً من فيروس لا يرى بالعين المجردة.
مشاهد مختلفة ومواقف غريبة لم يعتد عليها أحد من قبل – أقله في عالمنا الحديث-، التباعد الاجتماعي عنوان المرحلة، والالتزام سبيل النجاة ليس للفرد فحسب بل لعائلته ومجتمعه وبلاده.
من هنا تتجلى مسؤولية الأفراد في مكافحة فيروس كورونا المستجد حيث تعتمد الدول بشكل أساسي على وعيهم والتزامهم بالتعليمات التي تصدرها للحفاظ على حيواتهم، فيما أثبتت التجربة بأن الاعتماد على الوعي المجتمعي أفضل طريق لتجاوز هذه المحنة.
خيراً فعلت الحكومات بعودة الأنشطة التجارية، لكن هذه العودة لا تعني أن الجائحة قد انتهت بل إن الأفراد أصبحوا على وعي بالالتزام.
عبر تاريخ البشرية المكتوب حدثت أوبئة كثيرة كان مصيرها الزوال، عاجلاً أم آجلاً، اعتماداً على طريقة تعامل الشعوب معها، وتلك قوانين الكون، حيث لا مهرب من الأوبة ولا من الكوارث الطبيعية، وهي أمر حتمي لا يمكن تغييره، وكورونا لن يكون آخر وباء لكن مع تقدم الإنسان وتطور الطب أصبحت الأوبئة أقل انتشاراً وفتكاً.
كورونا شأنه كشأن أي وباء أو كارثة طبيعية، إن نحترمها ونحسن التعامل معها فهي إلى زوال لا محالة، لكن تحديها والتهاون معها والاستقواء عليها يمكن أن يتسبب في كارثة لا طاقة للبشرية في تحملها.
وأقرب مثال الإنفلونزا الإسبانية التي أتت على 50 مليون إنسان على الأقل بسبب التأخر في التعامل معها، فيما تجنبت البشرية أمراضاً عدة بسبب التواضع لها وتقدير خطورتها مبكراً، ولعل آخرها إنفلونزا الخنازير وإيبولا.
ها هي الحياة تعود إلى طبيعتها شيئاً فشيئاً، وخيراً فعلت الحكومات بعودة الأنشطة التجارية، لكن هذه العودة لا تعني أن الجائحة قد انتهت بل إن الأفراد أصبحوا على وعي بالالتزام بالتباعد والتكيف مع الإجراءات الصحية، ففترة 3 أشهر كانت كفيلة بتغيير السلوكيات الصحية بما يتوافق مع تعليمات الجهات الصحية.
يوماً ما ستحكى قصص كورونا للأجيال القادمة، وقد يذكر بها الأطفال حين يكبرون، وبالالتزام بالتعليمات فإن الحكايات ستبدو من باب السرد وقص القصص بلا دمعة حزينة وذكرى أليمة بسبب فقد الأحبة والأصدقاء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة