تصدرت الإمارات قائمة دول المنطقة في عدد الفحوصات والمسح الصحي لاكتشاف الحالات الموبوءة، حيث تجاوز العدد الـ750 ألف فحص
هذا العام هو عام الاستعداد لخمسينية الاتحاد المبارك، فبينما العالم منشغل بمحاربة كورونا واصلت المكائن الإماراتية العمل بكفاءة عالية لتجعل من الفيروس أداة محركة لهذه المرحلة المهمة.
من المهارات القيادية النادرة هي أن تطوع أزمة لمصلحة عامة نبيلة. هذه المهارة تمثلت في تحول التعليم العام والعمل من مقار العمل إلى مقار سكن الموظف والطالب، وذلك بدلا من إيقاف التعليم والعمل.
على الرغم من أنه كان مفاجئا وقوبل ببعض التحديات، فإن الانتقال إلى المستقبل كان يسيرا. وما تلك التحديات إلا أدوات لتطوير وتحسين الخدمات، فعند التطبيق الأخطاء تكون ذات فائدة أكبر عما إذا كانت مجرد دراسات وعلى ورق. في الاجتماع الوزاري الأخير قال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم "أذكركم أن لدينا الحكومة الإلكترونية قبل عشرين سنة"، وما نراه في الانتقال إلى العمل عن بعد هو ثمار تلك الرؤية.
اتخذت أغلب دول العالم احتياطاتها وإجراءاتها الاحترازية لتقليل ومنع انتشار الفيروس، لم تتأخر دولة الإمارات في حماية من يقيم على أرضها سواء مواطنا أو مقيما. وشهادة منظمة الصحة العالمية دليل على مدى جاهزية الدولة الفتية في مواجهة الأزمات.
قرارات حكيمة تم اتخاذها مسبقا غير التحول الإلكتروني في الخدمات الحكومية، تدل على بصيرة قادة هذا الاتحاد واستشرافهم للمستقبل. في عام 2017 تم استحداث ملف حكومي للأمن الغذائي وتكليف وزير دولة للإشراف على تطوير بنية تحتية ولوجستية ذات جودة عالية لتحقيق الأمن الغذائي، ما يدعم أولويات ومستهدفات "مئوية الإمارات 2071".
وخلال أزمة كورونا حين أغلقت أغلب المعامل وفي ظل تخوف العالم من نقص في المستلزمات الأساسية والغذائية؛ أعلنت الإمارات أنها تملك مخزونا استراتيجيا يكفي لشهور طويلة. هذا ما أكدته مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لأبناء الإمارات قائلا: "لا تشلون هم.. الغذاء والدواء خط أحمر". تلك المقولة ما هي إلا رسالة طمأنة لمن يقيم على أرض إمارات الخير. والجدير بالذكر هنا أن الإمارات حلت في المركز الـ21 عالميا في مؤشر الأمن الغذائي العالمي العام الماضي.
كما اتخذت أغلب دول العالم احتياطاتها وإجراءاتها الاحترازية لتقليل ومنع انتشار الفيروس، لم تتأخر دولة الإمارات في حماية من يقيم على أرضها سواء مواطنا أو مقيما. وشهادة منظمة الصحة العالمية دليل على مدى جاهزية الدولة الفتية في مواجهة الأزمات.
رفعت الإمارات جاهزية منشآتها الطبية بالقطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى المختبرات الطبية المؤهلة لعمل الفحوصات الفيروسية، مع توفير مخزون كافٍ من المستلزمات الطبية الأساسية.
وسخرت طواقم طبية متخصصة تضم ما بين 500 و700 فرد خلال الفترة الواحدة على مدار الساعة مع توزيع أجهزة الكشف الحراري على أكثر من 32 منفذا بحريا وبريا وجويا. وقامت بتطبيق أعلى الإجراءات الوقائية للعائدين من خارج الدولة، مع تجهيز غرف عزل تضمن عدم انتقال العدوى وتكفي للأعداد المتوقعة.
ونتيجة لتلك الجهود، تصدرت الإمارات قائمة دول المنطقة في عدد الفحوصات والمسح الصحي لاكتشاف الحالات الموبوءة، حيث تجاوز العدد الـ750 ألف فحص. واعتمدت أحدث العلاجات المستخدمة لمكافحة الوباء التي أثبتت كفاءتها في عدد من الدول، من تلك العلاجات الفعالة تقنية بلازما الدم المناعية.
وفي إنجاز غير مسبوق قام باحثون في جامعة محمد بن راشد للعلوم الطبية باكتشاف تسلسل لجينوم فيروس كورونا الذي يعد ركيزة أساسية لمعرفة أسلوب الفيروس من حيث الانتقال وكيفية هزيمته والحد من انتشاره. ما شهدناه في القطاع الصحي في الإمارات، ما هو إلا نقلة نوعية في هذا القطاع الحيوي.
وفي عام 2017 أنشئ مجلس القوة الناعمة الإماراتي باستراتيجية التركيز على الثقل الإنساني والحضاري وإبراز قيم هويتها الأصيلة. وفي هذه الأيام تجلت تلك القوة وتحدث عنها القاصي قبل الداني. يد العون الإماراتية امتدت إلى أرجاء المعمورة. وهذا ما شاهدناه في جهود سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في اتصالاته اليومية مع الدول الشقيقة والصديقة، باحثا سبل التعاون في مجال مكافحة الوباء العالمي.
قامت دولة الإمارات بتخصيص مركز إكسل لندن للمعارض في لندن لاستخدامه كمستشفى ميداني بطاقة استيعابية تقدر بـ4000 سرير، افتتحه ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز قبل أسبوعين. وأرسلت آلاف الأطنان من المستلزمات الطبية إلى عدة دول وكذلك قامت بمساعدة إجلاء رعايا دول شقيقة وصديقة وإعادتهم إلى دولهم.
وكانت مدينة الإمارات الإنسانية شاهدة على الدور الإنساني الكبير الذي قامت به الدولة، بإجلاء رعايا الدول الشقيقة والصديقة من منطقة ووهان الصينية واحتضانهم في هذه المدينة. الموقف الإنساني الإماراتي خلال هذه الأزمة أظهر أن الإمارات لا تتوانى عن مد يد العون إلى كل إنسان مهما كان جنسه وعرقه. هذا نهج زايد الخير منذ خمسين عاما، والعطاء الإماراتي ما زال مستمرا.
فيروس كورونا المستجد على الرغم من ضرره؛ فإنه أجبر العالم على أن يضع اسم دولة الإمارات بين قوى العالم ودول العالم الأول. القوة لا تعني القوة بالسلاح فحسب، فالقوة الناعمة لها تأثير أقوى. وأن تقوم بتطويع أزمة لمصلحة تطوير دولتك والاستمرارية في وصولك إلى هدف عام الاستعداد للخمسين، دليل على حكمتك وبصيرتك. قادة الإمارات حولوا الأزمة إلى شريك في عملية الاستعداد للخمسين. نحمد الله على قادة تستشرف المستقبل وشعارها لا للمستحيل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة