هذا الفيلم تنبأ بجائحة كورونا قبل 4 سنوات
فيلم "فيفر" يروي قصة صمود رجل وابنه في جنوب أفريقيا بعدما قضى فيروس على 95% من سكان العالم وأغلقت الحدود وتحكمت غريزة البقاء في الناجين
تمنى الروائي الجنوب أفريقي ديون ماير ألا يكون الفيروس القاتل الذي يعيث فسادا في فيلمه "فيفر"، إنتاج عام 2016، تصورا دقيقا ومخيفا لفيروس كورونا الذي يدمر العالم حاليا.
وقال مؤلف قصة الفيلم وكاتب السيناريو: "لا أجد متعة في ذلك، ما زلت أفكر في حزن الآلاف من الأشخاص الذين فقدوا أحبتهم ووظائفهم وما زالوا يعيشون في خوف".
يروي فيلم "فيفر" قصة صمود رجل وابنه في جنوب أفريقيا المقفر بعدما قضى فيروس على 95% من سكان العالم.
بعد 4 سنوات، أصبحت أوجه التشابه بين قصة فيلم "فيفر" ووباء "كوفيد-19" مخيفة، ففيروس كورونا ينتقل من الحيوانات إلى البشر، وينتشر في أنحاء العالم.
وفي السيناريو، تغلق الحدود وتصبح الشخصيات المشاركة في الفيلم أكثر حذرا مع تحكم غرائز البقاء في الناجين.
وقال ماير، لـ"فرانس برس" عبر الهاتف من منزله في مدينة ستيلينبوش الجنوب إفريقية: "(فيفر) كان تتويجا للعديد من المشاعر والمخاوف والكثير من القراءات".
وأضاف الروائي (61 عاما): "لطالما أحببت الروايات الخيالية لما بعد نهاية العالم، وقرأت هذا النوع الأدبي بشكل مكثف عندما كنت في العشرينات والثلاثينات من العمر".
وتابع: "عندما أصبحت أكثر وعيا بالتغير المناخي وإيبولا وانفلونزا الطيور "إتش 5 إن 1" في عام 1996 وإنفلونزا الخنازير "إتش 1 إن 1" في الفترة 2009-2010، لم أستطع إلا أن أفكر في أننا نعيش حيث نهاية العالم تعتبر احتمالا".
الخيار المثالي
ماير تحدث عن تحول تلك المخاوف لمصدر إلهام له في عام 2012 خلال رحلة عودة إلى الديار من نيويورك، مضيفا: "اشتريت مجموعة من القصص القصيرة وقرأتها في الطائرة، كانت إحداها تتناول موضوع ما بعد نهاية العالم وجعلتني أفكر في اتجاهات أخرى محتملة كان يمكن أن يتخذها المؤلف".
وفي الوقت الذي هبطت فيه الطائرة في كايب تاون، بدأت قصة "فيفر" تتشكل في رأسه، وخلال السنوات الثلاث التالية جمع الصحفي السابق معلومات علمية لإدخالها إلى السيناريو الخاص به.
وقال ماير: "كنت في حاجة إلى قتل 95% من سكان العالم مع ترك البنى التحتية سليمة، وبدا أن الفيروس هو الخيار المثالي".
وأدت ساعات من المشاورات مع اثنين من خبراء علم الفيروسات إلى "أفضل مرشح" للمهمة وهو فيروس من عائلة كورونا. وقال ماير: "أعطياني تفاصيل كاملة عن طريقة حدوث ذلك".
وتم تجسيد سيناريو الثلاثي الخيالي في صفحات الرواية، وكتب: "يستلقي رجل في مكان ما في أفريقيا المدارية تحت شجرة مانجا، كانت مناعته منخفضة لأنه مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية ولم يكن يتلقى علاجا له، وكان في دم الرجل أحد فيروسات كورونا".
وتابع: "في شجرة المانجا كان هناك خفاش، مع نوع مختلف من فيروس كورونا في دمه، واحد يمكن أن يصيب الآخرين بسهولة عند استنشاقه، مع القدرة على جعلهم مرضى للغاية".
عندما كشف عن الإصابات الأولى بفيروس كورونا في الصين ديسمبر/كانون الأول، اعترف ماير بأنه راجع كتاباته في حالة صدمة.
وجاء في مقتطف آخر من رواية "فيفر": "حتى معظم البلدان النامية لديها خطط واسعة النطاق لمعالجة مثل هذا الحادث. من الناحية النظرية، كان ينبغي أن تعمل هذه الخطط لكن الطبيعة لم تلتفت إلى النظريات...".
إلهام جديد
فيما كان يشاهد أحداث فيروس كورونا في العالم الحقيقي، شعر ماير بأن معظم الحكومات استندت في ردودها إلى "نصيحة علمية جيدة".
وقال: "حتى الآن الأمور جيدة"، في تلميح إلى كلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتباره أحد "الاستثناءات القليلة".
لكن الكاتب يخشى أيضا أن يستمر الوضع أشهرا. وتساءل: "إلى متى سيظل الناس قادرين على اعتبار المصلحة العامة أهم من نجاتهم وأسرهم".
تكافح الدول الفقيرة، بما فيها جنوب إفريقيا، من أجل إبقاء المواطنين في المنزل، ومعظم هؤلاء يعملون في أعمال غير رسمية.
في "فيفر"، يتحول هذا النضال إلى حرب شاملة بين الناجين تحت مراقبة مجموعة صغيرة من البشر الذين صمموا الفيروس. وتدور نظريات مؤامرة مماثلة في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، زاعمة أن الوباء من صنع الإنسان.
وأمل ماير في ألا توفر روايته الوقود الذي يعزز اقتناع مصدقي تلك النظريات.
ومع دخول جنوب إفريقيا في الأسبوع الرابع من الإغلاق واستمرار انتشار فيروس كورونا المستجد، عرف ماير ما سيكون مشروعه التالي. وقال: "رواية عن جريمة تدور أحداثها خلال مرحلة الإغلاق".