الكلاب «آكلة الجثث» بالخرطوم.. روايات صادمة عن «سُعار» الحرب
شوارع مدججة، وكلاب مسعورة تتغذى على جثث متناثرة بالعاصمة السودانية الخرطوم، في مشهد يزيد من أهوال الحرب.
ففي ظل فوضى الحرب وأهوالها بالسودان تبرز أزمة إنسانية جديدة، أبطالها هذه المرة ليسوا بشرا وإنما كلاب ضالة جائعة، تجوب شوارع المدن باحثة عن أي مصدر للغذاء، لتجد نفسها أمام وجبة مرعبة "جثث القتلى" الذين سقطوا في الصراع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع.
شهادات مروعة عن هجمات هذه الكلاب على الجثث، فضلا عن تهديدها المتزايد لحياة السكان في ظل نقص الموارد وانعدام الأمن، إذ باتت الكلاب الضالة مصدرا للخوف والرعب، ما يضيف معاناة جديدة إلى الشعب السوداني في هذه الأوقات العصيبة.
إذ أعلنت لجنة الطوارئ بولاية الخرطوم، برئاسة الوالي (الحاكم) أحمد عثمان حمزة، لجنة للقضاء على الكلاب الضالة بمدينة أم درمان لمنع تفشي الأمراض.
وتنتشر في أحياء الخرطوم وبحري وأم درمان عشرات الكلاب الضالة التي باتت تقتات وتعيش على بقايا الجثث المتناثرة في الشوارع منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/نيسان 2023.
وتنتشر مئات الجثث في العراء بالعاصمة الخرطوم، منذ الأيام الأولى للقتال بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، دون تدخل من المنظمات إلى المناطق الساخنة التي تشترط تخصيص ممرات آمنة.
ويقول المواطن هاشم موسى إن الكلاب الضالة التي ظلت تنهش جثث الموتى على أرصفة الشوارع تمارس سلوكا عدوانيا تجاه المارة.
ويتخوف موسى، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن تكون الكلاب الضالة مُصابة بداء الكلب (السُعار) في ظل عدم وجود المستشفيات والمراكز الصحية، وانعدام الأدوية والأمصال.
من جهتها تقول المواطنة علياء عبدالله إن مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم تعاني انتشار الجثث في الشوارع.
وأشارت علياء، في حديثها لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الكلاب الضالة تعيش على الجثث المتناثرة في قارعة الطريق بسبب الجوع.
وأضافت "المدينة تعاني كارثة بيئية حقيقية تتطلب التدخل العاجل من السلطات بالقضاء على الكلاب المسعورة، وتوفير الأدوية والأمصال للتدخل الطارئ لإنقاذ المصابين".
تشكيل لجنة طوارئ
وفي بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، قالت حكومة ولاية الخرطوم إن لجنة الطوارئ وإدارة الأزمة شكلت لجنة من ذوي الاختصاص للقضاء على الكلاب الضالة تحسبا لتفشي الأمراض.
وتُدير حكومة ولاية الخرطوم أعمالها من منطقة "كرري" شمالي مدينة أم درمان الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني، فيما تسيطر قوات "الدعم السريع" على أجزاء واسعة من أم درمان، إضافة إلى معظم المؤسسات السيادية والوزارات والمرافق العامة والخاصة في الخرطوم وبحري.
كلاب مسعورة
وفي أبريل/نيسان الماضي ذكرت غرفة طوارئ محلية كرري، التي يديرها (نشطاء) في بيان، أن الكلاب المسعورة باتت تشكل تهديدا لسلامة المجتمع، إذ يمكن أن تسبب إصابات خطرة وانتقال الأمراض المعدية مثل داء السعار.
ودعت غرفة الطوارئ المواطنين إلى أخذ الحيطة والحذر واتخاذ الخطوات اللازمة لحماية أنفسهم والعائلة في ظل تزايد التقارير عن انتشار الكلاب المسعورة.
وناشدت غرفة الطوارئ المواطنين بتجنب الاقتراب من الكلاب الضالة، والإبلاغ الفوري في حال مشاهدة أو مواجهة أي كلب يظهر سلوكا غير طبيعي، إلى الجهات المختصة.
ونصحت غرفة طوارئ المواطنين بالحصول على اللقاحات الوقائية من داء الكلب (السُعار) لحماية أنفسهم إلى جانب الأطفال والعائلات ونشر التوعية العامة بمخاطر الكلاب الضالة.
كما أصدرت غرفة طوارئ منطقة "شرق النيل" نصائح للتعامل مع داء الكلب (السُعار) المنتشر بين الكلاب الضالة في العاصمة الخرطوم جراء الحرب.
وسبق أن نفت السلطات في العاصمة الخرطوم وجود حالات لمرض (السُعار) بالولاية، واستبعدت وجود حالات لمرض السعر في الولاية.
وأرجعت السلطات بيانات غرف الطوارئ حول انتشار الداء إلى تغير في سلوك بعض الكلاب بسبب الجوع بسبب الحرب مثل أحياء أم درمان القديمة.
تردي الأوضاع الصحية والبيئية
وبالنسبة إلى الناشط الحقوقي عادل أبوالقاسم فإن الكلاب الضالة أصبحت تتغذى على الجثث البشرية الملقاة على الشوارع، في ظل انعدام الغذاء.
وأوضح أبوالقاسم، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن المعارك التي اندلعت منذ منتصف أبريل/نيسان من العام الماضي، أسفرت عن آلاف القتلى على الطرقات، في ظل عدم توفر عمليات الدفن في المقابر.
وأضاف "الحرب تسببت في تردي الأوضاع الصحية والبيئية، مع خروج معظم المرافق الصحية من الخدمة، بسبب المعارك الحربية".
ووفق نقابة أطباء السودان (غير حكومية) فإن أغلبية المستشفيات في العاصمة الخرطوم والولايات الأخرى متوقفة تماما عن الخدمة بشكل كامل أو جزئي بسبب نقص الكوادر والإمدادات الطبية والتيار الكهربائي والماء.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.