نحن بأمس الحاجة إلى قنوات مائية تحفظ أنهار الدين من الهدر والضياع، وتحمي مصائر البشر من التيه والغربة
مجلس الإفتاء الشرعي، منطقة خالية من الهراء والافتراء، وهو مانع لتسلل الطفيليين والمدعين، والملوّنين الذين في قلوبهم مرض، وفي عقولهم غرض، وفي نفوسهم كنظ، هؤلاء الذين تآمروا في الدين وجعلوه سفينة محمّلة بنفايات التاريخ وعبروا بها البحار والمحيطات، وروّعوا أمماً، وزرعوا هماً وغماً، وشوّهوا، وسوّفوا، وسفّوا وسفهوا، وأغرقوا الحياة برائحة الدم المسفوك، وملأوا الدنيا ضجيجاً وعجيجاً، وحوّلوا أوطان الناس الآمنة إلى غابات موحشة، تتقاتل فيها الضواري، وتتصارع المتناقضات.
اليوم يأتي مجلس الإفتاء ليضع النقاط على الحروف، ويحول الجملة الدينية إلى فكرة مضاءة بالوعي، ليصبح الخطاب الديني هو الرسالة التي يتوخاها كل من يريد أن يفهم دينه ويطبقه في حياته من دون زيف أو حيف، والإمارات اليوم وبهذه الخطوة السامية، تقود العالم إلى مناطق مشعة.
نعم نحن بأمس الحاجة إلى قنوات مائية تحفظ أنهار الدين من الهدر والضياع، وتحمي مصائر البشر من التيه والغربة، نحن بحاجة إلى هذا المقياس الديني العلني لمنع الانحراف والانجراف، وصد الضباع من نهش لحوم البشر وهم أحياء.. وكما قال الفيلسوف الوجودي صموئيل بيكيت (إذا كانت العربات الفارغة أكثر ضجيجاً فمن الضرورة أن يكون هناك قانون ما يحدد مستوى هذا الضجيج)، فالعالم اليوم بات أكثر إلحاحاً وإصراراً، لوجود القوانين الشرعية التي تقف سداً منيعاً في وجه الذين استغلوا الدين، كمطية لتحقيق أهداف خاصة، وتمرير مشاريع هدفها تمزيق أوطان الناس، وتحويلها إلى طرائق قدد، واللعب بمشاعر البشر، وترك الأوطان تهيم في بحيرات من الأوهام والخزعبلات، والخيالات المريضة، مستفيدين من تخلي المؤسسات الدينية الرسمية عن دورها المحوري، نتيجة لانشغالاتها في الأمور الهامشية.
فاليوم يأتي مجلس الإفتاء ليضع النقاط على الحروف، ويحول الجملة الدينية إلى فكرة مضاءة بالوعي، ليصبح الخطاب الديني هو الرسالة التي يتوخاها كل من يريد أن يفهم دينه ويطبقه في حياته من دون زيف أو حيف، والإمارات اليوم وبهذه الخطوة السامية، تقود العالم إلى مناطق مشعة، وتزيح عن كاهل الشعوب كسوفاً تاريخياً أصاب العقل البشري في غفلة من الزمن.
وهذا هو منطق الدولة المتحضرة، والدولة الريادية، ففي الوقت الذي تتسابق فيه بعض الدول لحيازة السلاح النووي من أجل إثبات القوة، على الرغم من أنها عملياً لا تمتلك مقومات القوة، نجد الإمارات، تعمل على إزاحة هذه العتمة ورفع الغمة، وتقدم نفسها كبلد لا يؤمن إلا بالسلام، ولا تعمل إلا على فتح النوافذ، كي يدخل الهواء النظيف إلى رئات العالم.. وبعد أن تقيّح الجرح العالمي أصبح من الضرورة أن تقوم الدول بحماية نفسها، من فيضان الموت الذي يشيعه أرباب العنف والحقد.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة