أمير قطر وضع شروطا خاصة أثناء اختيار مستشاريه الخاصين بأفريقيا وذلك لوجود أمر غريب بهم.
بقدر ما نحاول تفادي ذكر قطر عند الكتابة عن الساحل وأفريقيا الغربية، لكن ذلك يكون دائماً مستحيلاً. وفي هذه المرة تدور المسألة حول اختيار الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني لمستشاريه. فالأمير قد وضع شروطا خاصة أثناء اختيار مستشاريه الخاصين بأفريقيا، وذلك لوجود أمر غريب بهم. وسنحاول اليوم تسليط الضوء على أحد هؤلاء، وهو كريم واد نجل الرئيس السنغالي السابق الذي كان مسجوناً في دكار في الفترة الممتدة ما بين 2014 و2016، وهو حالياً يقيم كلاجئ في الدوحة.
يتجلّى الجانب الرمادي من كل ذلك في صعوبة تفسير كيفية اختيار أمير قطر لمستشارٍ سبق له أن ارتكب خطيئتين كبريين، تتعلق الأولى بما نُشِرَ في ويكيليكس، حيث ألقى شرطي مغربي القبض على كريم واد بمطار الدار البيضاء بعد ضبط مخدراتٍ بحوزته
لقد شغل كريم واد منصب وزير التعاون الدولي، والتطوير الجهوي، والنقل الجوي والبنى التحتية منذ شهر أبريل/نيسان سنة 2009 حتى 2012. وكان يُنهي عقوبة 6 سنوات بسجن "ريبيس" بالعاصمة دكار منذ مارس/آذار 2015 بتهمة "الإثراء غير المشروع". وقد أُفرِجَ عنه في 24 يونيو/حزيران 2016 قبل إتمام مدة العقوبة، حيث تم إبلاغه في الليلة السابقة في حدود الساعة العاشرة: "سيتم إطلاق سراحك هذه الليلة". وبعد لحظات، أي في تمام الواحدة والنصف صباحاً، تم إعداد جواز سفر دبلوماسي له وهو لا يزال بالزنزانة، ليتم تهريبه من الباب الخلفي للسجن صوب المطار، حيث كانت في انتظاره طائرة خاصة وفّرتها السلطات القطرية. وكان في انتظاره هناك النائب العام القطري الذي تسلّم كريم واد في الرواق من السلطات السنغالية. ومنذ ذلك الحين وضعت الدوحة إقامةً خاصة تحت تصرفه.
وفي سنة 2015، أصدر أمير قطر أمراً للنائب العام علي بن فطيس المرّي بالشروع في التفاوض مع السلطات السنغالية لإطلاق سراح كريم واد. وقد تطلّب ذلك زيارة السنغال عدّة مرات من طرف النائب العام. وبالتوازي مع ذلك، تدخّل العديد من القادة الأفارقة مثل الحسن وتارا ودينيس ساسو نغيسو أو محمد السادس لدى الرئيس السنغالي، ماكي صال، من أجل إطلاق سراحه.
ومنذ الإفراج عنه، فتح كريم واد الكثير من الأبواب لأمير قطر في أفريقيا الغربية. وكانت المناسبة الأولى هي جولة الأمير الأفريقية التي دامت من 20 إلى 24 ديسمبر/كانون الأول سنة 2017 التي شملت كلا من غينيا، النيجر وبوركينا فاسو وساحل العاج وغانا، وكان الهدف من الزيارة هو إعادة فتح السفارات القطرية في بعض الدول.
يتجلّى الجانب الرمادي من كل ذلك في صعوبة تفسير كيفية اختيار أمير قطر لمستشارٍ سبق له أن ارتكب خطيئتين كبريين، تتعلق الأولى بما نُشِرَ في ويكيليكس، حيث ألقى شرطي مغربي القبض على كريم واد بمطار الدار البيضاء بعد ضبط مخدراتٍ بحوزته، وقد دفع الشرطي المغربي ثمن ذلك بنقله إلى الصحراء كإجراءٍ تأديبي له على تأدية عمله على أحسن وجه.
وبعد ذلك تم إطلاق سراح كريم واد بتعليمات من الملك المغربي محمد السادس. وقد خَشِيت السلطات المغربية من أن "يؤدي اعتقال واد إلى وضع العلاقات مع السنغال في خطر".
أما الكبوة الثانية فقد حدثت أثناء تولّيه لوزارة النقل الجوي في بلاده، ففي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني سنة 2009 هبطت طائرة شحن من طراز بوينج قادمة من فنزويلا بمنطقة تاركينت، غرب مدينة غاو المالية، وقد أفرغت الطائرة حمولتها المقدّرة بـ10 أطنان من الكوكايين في عرض الصحراء، وبعد إفراغ الشحنة وتحميلها على متن سيارات الدفع الرباعي أحرق المهربون الطائرة حتى لا يتركوا خلفهم أي أثر.
هل يُعتبر ذلك خطيئة واد؟ في مطار دكار، كان هناك مستودع مؤجّر لشركة Africa Assistance Aviation، وهو المستودع الذي كانت بداخله الطائرة المشبوهة HZ-SNE.
وبالتزامن مع تفريغ الحمولة الغامضة بمالي أمر كريم واد بإفراغ المستودع.
وبعد الانتهاء من كتابة هذا المقال، نشرت بعض وسائل الإعلام معلوماتٍ تفيد بأن كريم واد يُدير صندوقاً قطرياً خاصاً للاستثمار في أفريقيا.
سنبقى يقظين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة