أوكرانيا و"الهجوم المضاد".. تكتيكات الجغرافيا تلعب بكفة المعركة
بدأت نسائم الربيع تلامس حرارة الصيف على جبهات القتال بين روسيا وأوكرانيا، ولا شيء أطفأ فوهات المعركة، بل خيم الشبح النووي والكارثي.
فطيلة الأشهر الماضية، انشغل الكثير من المحللين ومعهم وسائل إعلام حول العالم، بالحديث عن الهجوم الأوكراني المضاد، ومتى وكيف سترد القوات الأوكرانية عبر الخطوط الأمامية في جنوب وشرق البلاد.
تقول صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن كييف لم تعلن الكثير بشأن خططها لاستعادة الأراضي التي استولت عليها القوات الروسية، على الرغم من أنها طالبت بالدبابات الغربية ومركبات المشاة وغيرها من المساعدات العسكرية المتطورة أثناء قيامها باستعداداتها.
لكن الصحيفة خلصت في تقريرها استنادا لمحللين، إلى أن هناك عمليات مهمة تجري حاليا على ثلاث جبهات رئيسية على الأقل، جبهة شرقا حول باخموت وباتجاه لوهانسك، وثانية جنوب شرق منطقة دونيتسك، وثالثة جنوبا إلى أجزاء من منطقة زابوروجيا التي تسيطر عليها القوات الروسية باتجاه بحر آزوف.
ووفقا لتحليل الكاتب، إيشان ثارور، عززت روسيا مواقعها في الجنوب باتجاه بحر آزوف لأن "نجاحا أوكرانيا هناك من شأنه أن يؤدي إلى كارثة استراتيجية للكرملين".
وقال زملائي: "كان يُنظر إلى الحقول المسطحة في زابوريزهيا منذ فترة طويلة على أنها نقطة محورية محتملة ومفيدة للهجوم المضاد".
مضيفا في الجزئية الأخيرة "من خلال قطع الطريق هنا ، يمكن أن تقطع كييف الجسر البري بين البر الرئيسي لروسيا وشبه جزيرة القرم. وسيؤدي هذا إلى قطع خطوط الإمداد بين الشرق والغرب لروسيا ".
ونقل عن محللين عسكريين قولهم إن الطبيعة الجغرافية المنبسطة للمنطقة تجعلها نقطة محورية محتملة ومفيدة للهجوم المضاد.
وترى مجلة إكونومست البريطانية أن وجود المنطقة في قلب خط المواجهة يعني أن أي هجوم هناك يمكن أن يحاصر أعدادا كبيرة من القوات الروسية في جيب إلى الغرب، في مقاطعة خيرسون، إلى جانب حصار عدد كبير في شبه جزيرة القرم، إذا تمكنت أوكرانيا من ضرب الجسر فوق مضيق كيرتش مرة أخرى.
أوكرانيا ورد الجميل للغرب
وتأمل أوكرانيا وحلفاؤها أن تتمكن قواتها التي تمتلك قوة نارية ضخمة والتي حصلت على تدريب غربي، من اختراق الخطوط الروسية الحصينة.
لكن مايكل كوفمان، مدير الدراسات الروسية في مركز التحليلات البحرية، اعتبر أن "هذا ليس أمرا يمكن الحكم عليه بناءً على أيام قليلة من القتال".
وقلل من أهمية انتقاد وسائل التواصل الاجتماعي الصور الروسية المنشورة للدبابات الأوكرانية المشتعلة، قائلا "لقطات الخسائر القتالية والمتوقعة يمكن أن يكون لها بعض التأثير الراسخ".
ولفت إلى أن " الهجوم سيستمر على مدار أسابيع وربما أشهر".
ومع ذلك، ينقل ثارور عن خبراء قولهم إن القتال سيكون أقرب إلى معارك الاستنزاف التي سبقت تحرير أوكرانيا لخيرسون من حملة خاطفة شبيهة بالتي هزمت القوات الروسية في خاركيف.
ونقل ثارور عن خبراء قولهم إن الهدف النهائي لكييف هو موقع قيادي يمكن من خلاله التحول ومواجهة الكرملين.
وفي حال نجح هذا الهجوم المضاد، فلن يحرر الأوكرانيون المزيد من أراضيهم فحسب، بل قد يتسببون أيضًا في إقناع المزيد من الروس بأن هذه حرب لا يمكنهم الفوز بها، وإقناع الغرب بمواصلة تقديم الدعم الذي تحتاجه أوكرانيا على المدى الطويل، بحسب التقرير.
في المقابل، يدرك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذه المخاطر. فوسط مخاوف من الإرهاق الغربي، وعلى وجه الخصوص، تراجع الدعم الأمريكي مع اقتراب الانتخابات، تريد كييف أن تُظهر أن الإنفاق الأمريكي والأوروبي الكبير لدعم جهودها الحربية كان يستحق كل هذا العناء - ويستحق أيضًا الاستمرار.
وعلى الطرف الآخر، تواصل القوات الروسية صد جميع المحاولات الهجومية المضادة، على محور جنوبي دونيتسك، وفق ما أعلنته وزارة الدفاع الروسية اليوم الإثنين.
وخلال الأيام الماضية، استحوذ القتال الوحشي على مدينة باخموت الشرقية على اهتمام العالم، إلى جانب القصف المتواصل بالصواريخ والطائرات بدون طيار.
كما خيم شبح التصعيد النووي على الصراع الدائر منذ فبراير/شباط ٢٠٢٢.
والأسبوع الماضي, لاحت في الأفق كارثة بيئية جراء انهيار سد خزان كاخوفكا على طول نهر دنيبر، ما أدى إلى فيضانات واسعة النطاق وإجلاء آلاف المدنيين.
aXA6IDMuMTM4LjMyLjUzIA== جزيرة ام اند امز