لقد كان لإيران على الدوام سجل حافل في استغلال موسم الحج لإثارة الشغب والاضطرابات.
أدى حجاج بيت الله الحرام مناسك الحج بكل يسر وسهولة وطمأنينة، بعد أن منّ الله عليهم بأداء فريضة الحج بما فيهم حجاج بيت الله القادمون من قطر، وفشلت محاولة الحكومة القطرية استغلال موسم الحج كبيدق في أزمتها، فروّجت لمنع السعودية القطريين من الحج، وطالبت بتدويل إدارة الحرمين المكي والنبوي في رعونة سياسية وخطوة غير محسوبة العواقب، رد عليها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأن "طلب قطر تدويل المشاعر المقدسة عدواني وإعلان حرب على الملأ".
يتطابق الموقف القطري مع الموقف الإيراني في دعوتها إلى تدويل إدارة الحرمين، وتدعي قطر كما ادّعت إيران مسبقاً أن السعودية تحرم حجاجها من أداء المناسك، بسبب الخلافات السياسية، وحقيقة لم تخلط السعودية مسبقاً المواقف السياسية بالمشاعر الدينية المقدسة، فحتى في عز الأزمات السياسية مع إيران استقبلت حجيجها، ووافقت على شروطها في إقامة التظاهرات وفق الاتفاقيات المبرمة، وعلى الرغم من تسبب إيران بالفوضى والاضطرابات الدامية أحياناً في مناسك الحج، إلا أن المملكة العربية السعودية لم تمنع الحجاج الإيرانيين من أداء مناسك الحج، فكيف تستقيم ادعاءات الحكومة القطرية؟
من الواضح أن قطر تستنسخ السياسة الإيرانية في التعامل مع السعودية سواء في موضوع الحج أم الدعوة لتدويل المقدسات الإسلامية، وهي سياسة ثبت فشلها بامتياز مع نجاح موسم الحج.
لقد كان لإيران على الدوام سجل حافل في استغلال موسم الحج لإثارة الشغب والاضطرابات، والفتن ففي موسم الحج عام 1986 أحبطت السلطات السعودية مخططاً إجرامياً إيرانياً عندما كشف موظفو الأمن والجمارك السعوديون 51 كيلوجراماً من مادة C4 شديدة الانفجار في حقائب الحجاج الإيرانيين، لاستخدامها بتفجير في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
وفي موسم الحج التالي عام 1987 قام الحجاج الإيرانيون بتنظيم مظاهرة غير مرخصة، مما أدى إلى حدوث اشتباكات عنيفة بينهم وبين قوات الأمن السعودية، ما أدى إلى مقتل 402 شخص، منهم 275 حاجاً إيرانياً، و42 حاجاً من جنسيات أخرى، و85 رجل أمن سعودي، فضلاً عن إصابة 649 شخصاً (303 من الإيرانيين و145 من السعوديين و201 حاج من بلدان أخرى). وعليه قطعت الرياض علاقتها الدبلوماسية مع إيران، وتم تقليل العدد المسموح به من الحجاج الإيرانيين.
أما طهران، وبقرار ذاتي، قاطعت الحج في المواسم الثلاثة التالية، حتى تجددت العلاقات بين الطرفين في عام 1991. فالمملكة العربية السعودية لم تمنع الحجاج الإيرانيين، بل سمحت لهم بممارسة بدعتهم المسماة بمراسم البراءة، لكن في مكان واحد تُخصصه لهم السلطات السعودية. وإبان فترة مقاطعة إيران للحج، وفي موسم حج 1989 وقع انفجاران بجوار الحرم المكي، وألقي القبض على 20 حاجاً كويتياً اتضح خلال سير التحقيقات معهم تلقيهم تعليمات من محمد باقر المهري، وتسلمهم المواد المتفجرة عن طريق دبلوماسيين إيرانيين في سفارة طهران في الكويت. ومؤخراً في موسم حج 2015 حدث تدافع (منى) الذي نتج عنه مقتل نحو 2300 حاج أجنبي، من بينهم 464 إيرانياً، واثبتت التحقيقات تورط دبلوماسيين وضباط باستخبارات الحرس الثوري الإيراني اندسوا بين الحجاج الإيرانيين بجوازات سفر عادية.
وبعد الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، على خلفية اقتحام مبنى السفارة السعودية في طهران العام الماضي، والتعنت الإيراني في مفاوضات ترتيبات الحج، ما أدى إلى حرمان الشعب الإيراني من ممارسة هذه الشعيرة المقدسة خلال موسم حج 2016. ومن جديد استقبلت السعودية هذا العام الحجاج الإيرانيين في موسم الحج برغم الخلافات والاختلافات.
لم تمنع السعودية الحجاج الإيرانيين، فهل ستمنع الحجاج الأشقاء من دولة قطر؟
من المعروف أن ترتيبات الحج تتم كل عام بتنسيق مسبق وإجراءات محددة، وفي نطاق الإجراءات الخليجية قدمت السعودية البدائل المناسبة لاستقبال الحجاج القطريين، حتى إنها عرضت إرسال طائرات لنقل الحجاج القطريين رفضتها السلطات القطرية بكل تعنت وإصرار.
من الواضح أن قطر تستنسخ السياسة الإيرانية في التعامل مع السعودية، سواء في موضوع الحج أم الدعوة لتدويل المقدسات الإسلامية، وهي سياسة ثبت فشلها بامتياز مع نجاح موسم الحج تتويجاً لجهود المملكة في استقبال وحماية أمن ضيوف بيت الله في كل عام.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة