حالة من التيه والتشوش السياسي تعيشها القيادة القطرية وتنعكس بصورة مباشرة وفجة على أفعالها وردود أفعالها معا
حالة من التيه والتشوش السياسي تعيشها القيادة القطرية وتنعكس بصورة مباشرة وفجة على أفعالها وردود أفعالها معاً بطريقة وصلت للمساس بالمشاعر المقدسة للشعب القطري الشقيق، الذي يعتبر كجميع المسلمين في العالم فريضة الحج إحدى أهم الفرائض وأقدسها وأشدها تأثيراً روحانياً في النفوس.
كان ذلك عندما انقلب السحر على الساحر حينما أرادت قطر أن تلعب بورقة الحج كأداة سياسية لإحراج المملكة، فجاء ترحيب المملكة الكبير بالشعب القطري لأداء فريضة الحج ترحيباً استثنائياً، إلا أن قطر سيّست الحج وغلبت هواها السياسي من جديد.
وهكذا بدا واضحاً أن القناع قد سقط، فالحقيقة أنه ليس قناعاً واحداً بل أقنعة كثيرة هي التي سقطت عن وجه هذه القيادة في الآونة الأخيرة بيّنت حقيقة نواياها وسوء الأحقاد التي تغمرها، إلاّ أنّ القناع الأخير هذا كان مكلّفاً جداً لها لأنه أوضح كل الوضوح أن الدين الذي تدافع عنه وتصرف عليه أموالها في دعمها للجماعات التي تسمي نفسها ظلماً وعدواناً باسمه ليس في أول اعتباراتها - أعني الدين- وإلاّ فكيف تربك مشاعر القطريين وتضعهم في موقف شديد الحرج والألم برفضها مبادرة خادم الحرمين الشريفين لحجاج قطر والتسهيلات الكبيرة والكريمة التي قُدمت لهم؟!
انقلب السحر على الساحر حينما أرادت قطر أن تلعب بورقة الحج كأداة سياسية لإحراج المملكة فجاء ترحيب المملكة الكبير بالشعب القطري لأداء فريضة الحج ترحيباً استثنائياً، إلاّ أن قطر سيّست الحج وغلبت هواها السياسي من جديد
جاءت هذه المبادرة الكريمة من الملك سلمان إثر الوساطة التي قدمها الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني سليل الحكم في قطر ورجل من كبار الأسرة الحاكمة عند زيارته للمملكة، وطلبه فتح منفذ سلوى البري للراغبين في الحج من القطريين، وعلى أثر هذه الوساطة وجّه العاهل السعودي بالسماح لجميع القطريين الراغبين بأداء مناسك الحج والدخول إلى المملكة بدون التصاريح الإلكترونية، كما أمر بإرسال طائرات خاصة تابعة للخطوط الجوية السعودية إلى مطار الدوحة لنقل جميع الحجاج القطريين على نفقته الخاصة وتقديم جميع التسهيلات لهم.
رد فعل القيادة القطرية تجاه هذه المبادرة هو ما جعلنا نقول إن القناع الأهم قد سقط عن وجهها، فبدلاً من الترحيب بالمبادرة واعتبارها همزة وصل محفوفة بحسن النوايا من المملكة تجاه قطر وبادرة يمكن استثمارها لرأب الصدع والعودة إلى البيت الخليجي، قامت القيادة القطرية بذات تعنتها المعهود برفض هذه المبادرة بطرق مراوغة وملتوية للتأثير في شعبها المغلوب على أمره.
ادعاءات كثيرة نشرتها هذه القيادة عبر إعلامها الواهي ومرتزقتها الذين بدا واضحاً اليوم موقفهم المتعنت والصبياني في مواقع التواصل الاجتماعي، فتارة يحذرون مواطنيهم من المبادرة ويعتبرونها مجرد خطة سعودية لدخول طائراتها إلى قطر محملة بجنود لاحتلال الدوحة قهراً والقيام بانقلاب لتغيير نظام الحكم بالقوة!! وتارة أخرى ترسل منشورات لمواطنيها تم تداولها في الساحة التويترية تشعل فيها روح الكراهية والعداء للمملكة في محاولة منها لثني شعبها عن قبول المبادرة الكريمة أو الترحيب بها ما ضيّع على هذه القيادة المراهقة فرصة عظيمة لتحسين صورتها أمام العالم.
تتهاوى جارتنا يوماً بعد يوم خاصة أنها تتاجر بورقة الدين، هذه الورقة التي لم تقم لها اعتباراً في موقفها الأخير لمبادرة الملك سلمان وفوّتت على كثير من القطريين رغبتهم في تحقيق إحدى أهم الفرائض التي يحلم بها ويرجوها كل مسلم، كما أنها أهملت أمراً ربانياً وجّه به الخالق عباده المؤمنين أثناء الأزمات والحروب في قوله تعالى «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها»، وقد جنحت المملكة بكل رضا وتسامح ومحبة للسلم ولم تجنح القيادة القطرية للأسف الشديد إلاّ لكل ما يعادي هذا السلم ويقوّي أمره في المنطقة وبين شعوبها، ما جعل العالم كله في حالة استنكار وانتقاد لهذا الموقف وسلبيته في التعاطي مع ملف الحجاج.
وهكذا يستمر مسلسل التخبط السياسي للدوحة وما يتبعه من خسائر لها على جميع الصعد، ويبدو أن ليس آخرها تسليم قطر نفسها لإيران بكل بساطة بعدما أكدت إيران مؤخراً أن الجارة الخليجية هي من طلبت عودة سفيرها إلى طهران! ما يكشف المزيد من أجندة قطر العدائية لدول الجوار وتصعيد مأزقها معهم وإساءتها بكل ذلك لشعبها الطيّب بعد أن حرمته من حقه الحُر والعادل في أداء فريضة الحج بكل ما تحمله من قدسية وسلام.
نقلاً عن جريدة "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة