ميانمار.. أطباء وطلاب في "مهمة دفاعية" بالغابات
مجندون مسلحون يزحفون على طول طريق ترابي، وطنين حشرات الزيز تغطي على صوت اقترابهم من هدفهم بقرية صغيرة في غابات ميانمار.
سيناريو الكمين مصطنع، لكن التهديد الذي يتدربون من أجله حقيقي؛ فقد سيطر المجلس العسكري على السلطة عبر انقلاب في الأول من فبراير/شباط الماضي، وشرع في حملة قمعية وحشية ضد أي معارضة لحكمه، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
فمعظم من هربوا إلى الغابات هم أعضاء بحركة العصيان المدني التي تضم الآلاف من عمال الياقات البيضاء والزرقاء، بينهم أطباء ومعلمون ومهندسون وعمال مصانع ممن تركوا وظائفهم من أجل تعطيل الاقتصاد في خطوة تستهدف مقاومة الانقلاب.
والآن يريدون أن يتعلموا الدفاع عن أنفسهم أمام جيش ميانمار المعروف باسم "تاتمادوا"، والذي يواصل قتل الناس في الشوارع، ويمطر مواطنيه بقذائف صاروخية وقذائف الهاون، ويطارد المطلوبين عبر مداهمات ليلية للمنازل، طبقًا للأمم المتحدة.
وللفرار من القمع ومواجهته لاحقا، تعين عليهم السفر إلى المناطق الحدودية للبلاد، حيث تسيطر الجماعات المسلحة العرقية التي كانت تقاتل الجيش والحكومة المركزية، بشكل متقطع على مدار 70 عاما، طلبا للمزيد من الحقوق والحكم الذاتي، وذلك لتعليمهم كيفية استخدام السلاح.
وتحدثت الشبكة الأمريكية إلى اللواء نيردا بو ميا، رئيس أركان منظمة كارين للدفاع الوطني، وهي أحد جناحين مسلحين لاتحاد كارين الوطني، أقدم جماعة متمردة في ميانمار تقول إنها تعنى بحماية أقليات "كارين" العرقية وأراضيهم في جنوب شرق الولاية، ويرأس برنامج تدريب أساسي مجاني.
وقال بو ميا: "هذه مسؤولية لحماية الحياة. إن لم ندربهم من سيساعدهم؟. أساليب العنف المتزايد المستخدمة ضد المحتجين والمارة أدت إلى سقوط أكثر من 760 قتيلًا، بحسب جمعية مساعدة السجناء السياسيين، في المقابل يقولون إن العدد الفعلي للقتلى أعلى على الأرجح".
وأوضح بو ميا أن لا أحد من الـ200 محتج المناهضين للانقلاب الذين دربهم حمل سلاحًا من قبل، وكثيرين منهم كانوا لا يزالون بالجامعات، مضيفًا: "إنهم يافعون للغاية، أعمارهم تتراوح ما بين 24 و25 عامًا، وبعضهم ممرضون وأطباء وموظفون".
لكن تدريبهم لا يقتصر على حد التعامل مع الأسلحة، بل يتم تجهيزهم من أجل الصعوبات البدينة للقتال، حيث يتم تعريفهم على أساليب الإسعافات الأولية وأساسيات الرماية.
وطبقًا لـ"سي إن إن"، فإن منظمة كارين للدفاع الوطني ليست الجماعة العرقية المسلحة الوحيدة التي تعرض تدريب أعضاء حركة العصيان المدني. فقد أظهر مقطع فيديو لعدد من المناطق مجندين وهم يهتفون بشعارات مثل: "من أجل الشعب"، "من أجل حريتنا"، "من أجل استقلالنا."
ورفض المجلس العسكري الرد على طلبات التعليق من "سي إن إن" بشأن تلك المعسكرات.
تدريب أساسي
وبمجرد تلقي التدريب، تقوم الفكرة على عودة الرجال والنساء إلى مدنهم وتمرير ما تعلموه لزملائهم المحتجين.
وقال مراهق (18 عامًا) كان يحرس أحد الحواجز على الطريق بمدينة باجو، الشهر الماضي، عندما قتل الجيش العشرات، إن العديد من رفاقه سافروا إلى تلك المناطق التي تسيطر عليها الجماعات العرقية من أجل التدريب، لكنه ظل بمكانه.
وأضاف المراهق الذي طلب إخفاء هويته حفاظًا على سلامته: "هناك مجموعتان؛ واحدة لحماية المنطقة والأخرى ذهبت لتلقي التدريب، وسيعودون ويطبقون ما تعلموه. أخبرناهم أنه يتعين عليهم التحلي بالحكمة، وعلينا القتال بعقولنا وليس بقلوبنا."
وأشار إلى أن جيش "تاتمادوا" قوة قتالية على درجة عالية من التدريب، وقد حكم ميانمار لأكثر من نصف قرن باستخدام الوحشية والخوف، ما حول البلاد إلى أمة منكوبة بالفقر.
وهو ما شدد عليه بو ميار ، بقوله إن أعضاء حركة العصيان المدني يحتاجون السلاح لتكون لديهم فرصة أمام "تاتماداو"، دون أن يوضح ما إن كانت جماعته منحتهم السلاح أو ما إن كان تصنيع القنابل يشكل جزءًا من التدريب.
ولفت إلى أن المتظاهرين مناهضي الانقلاب قلقون من أن ينسى المجتمع الدولي أمرهم.