هل يفتك كورونا بالرجال أكثر من النساء؟
من بين تفسيرات الظاهرة قوة مناعة النساء وإنزيم ACE2 لديهن بالإضافة إلى هرمون الإستروجين الذي ينتج جزيئات تقاوم الأمراض
في الوقت الذي يواصل فيه فيروس كورونا الانتشار في مدينة نيويورك الأمريكية، لاحظت كيدريا جاكسون، طبيبة الطوارئ الأمريكية، شيئا غريبا خلال نوبات عملها داخل قسم الطوارئ بمستشفى ماونت سيناي في نيويورك.
ووجدت كيدريا جاكسون أن حالات الإصابة الحرجة بكورونا المستجد وحالات الوفاة أكثر بكثير لدى الرجال، وهو ما اعتبرته وزملاؤها ظاهرة يعجزون في الفترة الحالية عن تفسيرها لا سيما أنها لا تحدث مع أمراض أخرى مثل الإنفلونزا.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن فيروس كورونا المستجد يقتل الرجال أكثر من السيدات في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وأضافت أنه وفقا لأحدث بيانات "كوفيد-19" التي أبلغت عنها في 13 ولاية أمريكية، تعزز ما لاحظته الطبيبة جاكسون.
ومن بين أكثر من 3600 حالة وفاة بالمرض في 13 ولاية بالإضافة إلى نيويورك سيتي كان غالبية ضحايا الفيروس من الرجال.
وعلى ما يبدو أن هذه الحصيلة لوفيات كورونا المستجد في أمريكا لها جذور بيولوجية عميقة؛ إذ كشفت مجموعة من الأبحاث الناشئة أن أجسام النساء أفضل في محاربة العدوى، وذلك بفضل الهرمونات الموجودة لديهن والجينات الموجودة في كروموسومي X.
وقال روبين كلاين، مدير مركز أمراض المناعة العصبية والأمراض المعدية العصبية في جامعة واشنطن في سانت لويس، إنه في معظم الأمراض المعدية، تظهر لدى النساء استجابة مناعية أقوى من الرجال.
وأظهرت بيانات حديثة لنيويورك أن أغلبية وفيات المدينة الأمريكية التي تتجاوز 4700 شخص بسبب الإصابة بفيروس كورونا المستجد، كانت من الرجال. بينما كانت نسبة 86% من إجمالي حالات الوفاة لأشخاص يعانون من أمراض مزمنة مثل ضغط الدم والسكري.
وذكرت صحيفة "يو إس إيه توداي" الأمريكية أن الإحصاءات التي صدرت حديثا أعطت لمحة حول مدى الانتشار السريع لكورونا المستجد وتأثيره على نيويورك وجعلها بؤرته في الولايات المتحدة.
وأضافت: وفقا لبيانات حديثة نشرتها وزارة الصحة الأمريكية بلغت نسبة الرجال المتوفين بسبب "كوفيد-19" منذ 14 مارس/آذار الماضي 61% في مقابل 39% فقط من النساء، بالإضافة إلى أن 63% من الوفيات كانت بين أشخاص تبلغ أعمارهم 70 عاما وأكبر، في مقابل 7% كانت لحالات في سن 49 عاما وأصغر.
وكان ضغط الدم هو المرض المزمن الرئيسي وراء وفيات المصابين بكورونا المستجد، إذ بلغت نسبة المتوفين بسببه 55%، في مقابل 55% بسبب السكري، بالإضافة إلى مرض الشريان التاجي وأمراض الكلى والخرف.
كما ذهب أحد التفسيرات المحتملة وراء هذه الظاهرة، حسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"الأمريكية، إلى الإنزيم ACE2 وهو بروتين يوجد على أسطح الخلايا في الرئتين والأعضاء الأخرى يرتبط به الفيروس ويختلف بين الرجال والنساء.
ولفتت إلى أن البيانات الجديدة تكشف أن معدل الوفيات عند الرجال يبلغ 43 حالة لكل 100 ألف رجل في نيويورك سيتي، مقارنة بـ23 حالة فقط لكل 100 ألف سيدة، فضلا عن أعراض الفيروس تكون أكثر شدة لدى الرجال.
وبشكل عام، تستجيب الخلايا المناعية الأنثوية بشكل أسرع وأكثر قوة للهجمات الفيروسية، وتنتج كميات أكبر من "الإنترفيرون" وهي البروتينات التي تمنع الفيروسات من التكاثر وكذلك الأجسام المضادة التي تحيد الغزاة.
وتلعب الهرمونات الجنسية أيضا دورا في استجابة الجسم للعدوى؛ إذ ثبت أن هرمون التستوستيرون الذي يتم إنتاجه بوفرة من قبل الخصيتين لدى الذكور، يحد من الالتهابات. بينما يرتبط هرمون الإستروجين لدى النساء بالخلايا المناعية وينشط إنتاج الجزيئات التي تقاوم الأمراض.
وتسعى النساء بطبيعتهن أكثر للحصول على الرعاية الطبية مبكرا، على عكس الرجال، فضلا عن أن معدلات التدخين بين الرجال حول العالم أكثر بكثير مقارنة بالنساء.
ولوحظت اتجاهات مماثلة في الصين وإيطاليا فيما يخص بتعرض الرجال للوفاة أكثر من النساء بسبب مضاعفات الفيروس.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يعيش الرجال الأمريكيون في المتوسط أقصر بخمس سنوات مقارنة بالإناث ولديهم احتمالية أعلى للوفاة بسبب أمراض القلب والسرطان والسكري وأمراض الجهاز التنفسي.
وأشار العلماء إلى أن فيروس كورونا المستجد لا يزال جديدا، وليس لديهم سوى القليل من البيانات حوله ولا يمكن لأحد تحديد مصدر هذه الاختلافات البيولوجية، لكن من المهم وضعها في الاعتبار ودراستها جيدا.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMy4xNjkg
جزيرة ام اند امز