الروائية الإماراتية مريم راشد الزعابي لـ"العين الإخبارية": أكتب ما أريد
الروائية الإماراتية مريم الزعابي تقول إن الإمارات تشهد ازدهارا ملحوظاً في المشهد الأدبي تمثل في ظهور أصوات أدبية جديدة.
تعد الكاتبة والقاصة مريم راشد خميس الزعابي، المولودة في إمارة رأس الخيمة، من الأسماء الأدبية المميزة في الساحة الإماراتية.
والزعابي تخرجت في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الإمارات العربية المتحدة، وصدرت لها رواية "بالأحمر فقط" عن وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والطبعة الثانية صادرة من مؤسسة كلمة المصرية.
وفازت "الزعابي" بجائزة نجيب محفوظ للرواية العربية عام 2013، التي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة في مصر، ولها مجموعة قصصية قصيرة بعنوان "نقش حناء"، ومجموعة قصصية للأطفال بعنوان "دانة وقطرة المطر"، صادرة عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ورواية "فالنتين" ورواية "غيداء" صادرة من مؤسسة كلمة المصرية 2014.
"العين الإخبارية" التقت مريم الزعابي، وكان هذا الحوار.
يعتبر الشعر من الأنواع الأدبية الأكثر ممارسة في الإمارات، هل هناك سبب لذلك أم أن الكتابة الشعرية دائما ما تكون منطلق التجربة الأدبية؟
بالفعل الشعر من أكثر الأنواع الأدبية التي يُمارسها الكثير من أهالي دولة الإمارات، لأن البيئة الصحراوية والبحرية كان لها دور مهم في انتشار هذا النوع من الأدب في الإمارات.
البيئة هي الأساس الذي يُنمي قريحة الإنسان ويجعلهُ شاعراً وينظم أبياتاً عديدة للشعر، وعرف الشعر النبطي منذُ القدم في الإمارات لأنه الأقرب إلى النفوس وبه نوع جميل في الترويح عن النفس في الرحلات البرية والبحرية ولذلك يعتبر الشعر من أجمل وأقدم الفنون الأدبية في الإمارات.
تعرف الساحة الإماراتية نوعا من الازدهار الأدبي، ما قراءتك لهذا المشهد الأدبي؟
شهدت الآونة الأخيرة في الإمارات ازدهارا ملحوظاً في المشهد الأدبي بسبب الحركة الثقافية الواسعة والتي ازدادت بروزاً ونضوجاً في الآونة الأخيرة، كما ظهرت الكثير من دور النشر الإماراتية التي تستقطب الكُتاب والأدباء والشعراء وتحتويهم بطباعة كُتبهم وتوزيعها في جميع أنحاء الوطن العربي، وبرزت الكثير من الأسماء المهمة في هذه المجالات التي لا يزال صدى أعمالها مؤثراً في المشهد الثقافي الأدبي.
ونرى الآن تسابق الكُتاب والكاتبات الإماراتيات في حجز مقاعد لهم على الساحة الأدبية في الأدب الروائي عبر كتابة الرواية التي تسيدت المشهد.
صدرت لك مؤخراً رواية "بأي ذنب قتلت".. لماذا هذا العنوان؟
رواية "بأي ذنبٍ قُتلت" هي الرواية الثانية الأقرب لقلبي بعد روايتي الأولى "بالأحمر فقط"، وقد أخذت جانباً مُشابهاً للرواية الأولى، فكلتا الروايتين تتحدثان عن الجرح العربي والنزيف الذي يتعرض له الوطن العربي.
تدوّر أحداثها في مدينة "غزة" بفلسطين عن صحفية فلسطينية تحاول جاهدة الوصول إلى كلمة الحق والمُطالبة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين المُستضعفين في المُخيمات داخل وخارج فلسطين، وكانت أمنيتها أن تصل إلى الكنيست الإسرائيلي لترفع صوت الحق فيه، وتتعرض في رحلتها للكثير من الأحداث والآلام التي تُصاحبها ونشعر معها بكمية الأسى والحزن والألم الذي يعيشه هؤلاء المُستضعفين.
أما ما يخص عنوان الرواية فقد اخترتهُ بعد اقتناع ليُعبر عن الحزن والألم والقتل الذي يتعرض له الفلسطينيون دائماً، ولقد رأيتهُ أكثر قُرباً ومُعبراً عن الألم الذي أوّد للقارئ أن يشعر به منذُ اللحظة الأولى لقراءة عنوان الرواية لكي يغوص في أعماقها شغفاً ولهفة لمعرفة ما قد يحصل لـ "غيداء" بطلة الرواية.
ما الذي تغير في تجربتك منذ روايتك الأولى "بالأحمر فقط"، ورواية "فالنتين"، ورواية "غيداء"؟
رواية "غيداء" هي نفسها رواية "بأي ذنبٍ قُتلت" وكانت طباعة تجريبية لم توزع طُبعت باسم "غيداء" وتسرب البعض منها على مواقع التواصل الاجتماعي، وجاءت "بأي ذنبٍ قُتلت" كنقطة تحول لتقتل ما كُتب من أحداث في "غيداء" ولكن أبقت على اسم البطلة.
تغير في تجربتي الروائية الكثير فعلاً، فأنا في 2009 كان لدّي رواية واحدة هي "بالأحمر فقط"، أما الآن في 2019 لدّي ثلاث روايات "بالأحمر فقط"، "فالنتين"، "بأي ذنبٍ قُتلت" وكُل عمل من أعمالي الأدبية أشعر بالحميمية والرضا تجاهه، حيثُ إنني أرى تلك الأعمال بمثابة الأبناء الذين أتعلق بهم ولا أستطيع الانفصال عنهم لأنهم قطعة من ذاتي، تغير الكثير منذُ 2009 إلى 2018 أصبحتُ أكثر نُضجاً في اختيار المواضيع التي تجذب القارئ وتشده ولقد اتخذت منذ البداية جانباً مُختلفاً عن كثير من الروائيين والروائيات الإماراتيات، فأنا من خلال رواياتي وكتاباتي أوثق التاريخ وأحداثه وكذلك السياسة وأحداثها، ففي كُل رواية تجد بلدا تعيشُ بداخله وتمشي في دروبه وتعشقه، "بالأحمر فقط" أخذت القُراء إلى بغداد وشوارعها وتاريخها وحضارتها، وفي "فالنتين" أخذتهم إلى بيروت ولندن فعشقوا الأرض وعشقوا الحياة وأحبوا كُل ما في لندن، أما "بأي ذنب قُتلت" فقد أخذتهم إلى غزة وطولكرم والمُخيمات في فلسطين ونقلتُ لهم صوراً حيّة لا يرونها إلا في التلفاز ولكن في الرواية جعلتهم يشمون رائحة الأرض.
*هل تفكرين في التابوهات الثلاثة في الكتابة"الدين والسياسة والجنس"؟ وإلى أي مدى تشعرين أنك حرة في مقاربة المحظورات في أعمالك؟
طبعاً، التفكير في التابوهات الثلاثة مهم دائما، وكما ذكرت لك أنني قد اتخذت جانباً مُختلفاً عن جميع الروائيين والروائيات في الإمارات، فأنا أكُتب في التاريخ والسياسة وكانت لي تجربة في كسر التابوهات المحظورة من خلال رواية "فالنتين" التي تطرقت لكثير من الإسقاطات وعبرت فيها بالتحدث كذلك عن الأديان وتطرقتُ إليها، وأرى نفسي امرأةً حُرة تكتب ما تُريد وما تشاء ولكن في حدود عدم خدش الحياء العام ولا ضير من وجود إسقاطات دينية ولكن بدون ضرر يشعرُ به المُتلقي.
* الكثير من الكتاب الإماراتيين بدأوا تجاربهم بكتابة تمثّل واقعهم الاجتماعي والثقافي المحلي في الرواية والقصة ثم توجهوا إلى مواضيع أخرى، هل تجربتك تختلف عنهم؟
أنا أعتبر تجربتي بداية مسار جديد يساير الواقع المحلي من حيث هوية الكاتب وشخصيته ويختلف عنه من حيث المضمون، وكما ذكرتُ لك أحببتُ أن أكون مُميزة وأن لا تشبه كتاباتي الكثير من الكُتاب المحليين، فالمميز دائماً يبحثُ عن الوسيلة المُغايرة لما هو سائد، لذلك اتخذت جانباً آخر غير الموجود على الساحة.
* ما هي الرسالة التي تودين توجيهها لزملائك الكتاب في الإمارات؟
أحبُّ من خلال لقائكم هذا أن أُوجه رسالة مُهمة للكُتاب الإماراتيين وأقول لهم أن يركزوا في اختيار مواضيع جيدة تبقى لسنوات وليست حديثة وقت وتنتهي، فالاستمرارية مطلوبة كما تبقت الكثير من القصص والروايات العالمية راسخة في الأذهان، وأتمنى أن تبقى القصص والروايات الإماراتية راسخة كذلك.
ولكي نصل إلى مرحلة الإنتاج المعرفي، على الكتاب ألا يعتمدوا فقط على الخيال وقصص الحب والرومانسية، وعلى المُتلقي أن يعيش الواقع أكثر من الخيال وأن يُنمي ذاكرته بما هو مفيد فقصص الحُب تبقى دائماً مربوطة في الخيال وبعضها إن كان واقعياً يكون وقتيا فقط وينتهي، لذلك من خلال هذا اللقاء أوّد القول بأنه من المهم على الكاتب تقديم عمل أدبي، روائيا كان أو قصصيا يحمل الكثير من المعرفة لتنمية العقول القادمة.
*ما تقييمك للأدب النسوي بالإمارات والعالم العربي؟
الأدب النسوي في تطور مُستمر سواء كان في العالم العربي أو في الإمارات، ونلاحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع نسبة الكاتبات وبالأخص الروائيات، حيثُ أصبحت نسبتهن عالية، وقد تفوق مستوى الكتاب الرجال، وقد حققت المرأة نجاحا باهرا وتفوقت على الرجل في الرواية وأصبحت تتربع على عرش الأدب بالإمارات وكذلك في العالم العربي، وهو تميز مستمر غير منقطع النظير.