4 انتخابات حاسمة في أسبوع.. «عالم آخر» على بطاقات اقتراع
ترتسم ملامح عالم جديد فوق بطاقات اقتراع استحقاقات انتخابية حاسمة خلال أسبوع واحد في 3 قارات.
وتشير النتائج المتوقعة للانتخابات المرتقبة إلى تحولات عميقة في التركيبة السياسية لاثنين على الأقل من الاستحقاقات الأربعة المنتظرة.
تحولات تؤثر إلى حد بعيد في رسم السياسات في عالم يقف على أطراف أصابعه، يراقب مشهدا مشتعلا في أوكرانيا بين قوى نووية، وحربا في الشرق الأوسط تهدد باشتعال المنطقة برمتها.
وتستحوذ أوروبا على اثنين من الاستحقاقات الأربعة، إذ تشهد انتخابات فارقة في فرنسا وبريطانيا، لكن ضربة بداية الأسبوع الحافل تنطلق من آسيا، إذ يقترع الإيرانيون لانتخاب الرئيس الجديد، ويليهم الموريتانيون الذين يختارون في الأسبوع نفسه رئيسا للبلاد التي تعد بوابة منطقة تمر بالتوترات السياسية والأمنية في غرب أفريقيا.
انقلاب في بريطانيا
بحسب المؤشرات التي تسبق الانتخابات التشريعية في بريطانيا، تبدو لندن الأكثر عرضة لتبدل الوضع السياسي بهزيمة غير مسبوقة للمحافظين.
لكن على الرزنامة الانتخابية تنتهي أمواج بحر الانتخابات العاصف على شواطئها، إذ ينطلق الاقتراع فيها الخميس المقبل 4 يوليو/تموز.
فبعد تراجع كبير لحزبه في استطلاعات الرئيس وانتخابات محلية جرت خلال الأسابيع الماضية، فجر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك مفاجئة في أواخر مايو/أيار بالدعوة لانتخابات مبكرة على أمل استعادة الزخم لكنه يواجه الآن خطر الانهيار.
ويختار البريطانيون عبر الاقتراع 650 عضوا لمجلس العموم (البرلمان) يشغلون مقاعدهم ابتداء من 9 يوليو/تموز.
وبعد 14 عاما في المعارضة، أصبح لدى حزب العمال الآن فرصة لاستعادة السلطة بقيادة زعيمه كير ستارمر، المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان، لينهي سنوات من حكم المحافظين شهدت 5 رؤساء للحكومة في آخر 8 أعوام وسط سلسلة من المشكلات والفضائح السياسية.
استطلاعات الرأي تتوقع أن يحصل حزب العمال على 45% من الأصوات مقابل 23% فقط للمحافظين،
ووفقا للنظام السياسي في بريطانيا فإن الملك يكلف زعيم الحزب الحائز أكبر عدد من المقاعد بتشكيل الحكومة وتولي رئاستها، أما زعيم الحزب الذي لديه ثاني أكبر عدد من النواب فيصبح تلقائيا زعيم المعارضة.
ماكرون المعزول
وفي فرنسا ينتظر أن يتفجر البركان في 30 يونيو/حزيران، إذ تواجه باريس شبح تشكيل أول حكومة يمينية متطرفة في تاريخ البلاد، وجمعية وطنية تُهيمن عليها لمدة عام على الأقل ثلاثة أقطاب مُتباينة.
لكن القلق من التحول العميق في فرنسا يثير قلقا خارجيا أيضا على خلفية وضع اقتصادي قاتم وحرب في أوكرانيا، وقبل شهر من انطلاق دورة الألعاب الأولمبية في باريس لعام 2024.
ونزل عشرات آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في فرنسا، الأحد، للتنديد بـ"خطر" يتهدد حقوق النساء في حال فوز التجمع الوطني اليميني المتطرف في الانتخابات.
ونشرت صحيفة لوموند الفرنسية، الأحد، عريضة وقّعها 170 دبلوماسيا ودبلوماسيا سابقا تحذر من فوز محتمل لليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المقبلة، وهو ما من شأنه، في رأيهم أن "يُضعف فرنسا وأوروبا بينما الحرب دائرة".
ويواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضغوطا عدة قبل أيام من الانتخابات التشريعية المبكرة، وضعته في "حصار كامل".
لكن الرئيس الفرنسي خرج من "الحصار"، ليعد "بالعمل حتى مايو/أيار 2027"، موعد نهاية ولايته، على الرغم من أن معسكره يجد نفسه في موقف حرج في مواجهة اليمين المتطرف.
ماكرون أقر في رسالة وجهها للفرنسيين ونشرتها الصحافة، أمس الأحد، بـ"وجوب إحداث تغيير عميق في كيفية الحكم".
وقال ماكرون إن "الحكومة المقبلة التي ستعكس بالضرورة تصويتكم، آمل في أن تجمع الجمهوريين من تيارات مختلفة بعد أن يكونوا قد عرفوا عبر شجاعتهم كيف يواجهون المتطرفين".
لكن ماكرون كان يرد على ما يبدو على خيار وحيد طرحته عليه زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان، نهاية الأسبوع المنقضي قائلة إنه لن يبقى أمام الرئيس سوى خيار "الاستقالة للخروج المحتمل من الأزمة".
ما بعد حادث المروحية
وشرقا، ينطلق أسبوع الانتخابات من إيران، حيث يقترع الناخبون لاختيار رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي الذي قضى في حادث تحطم مروحية أدى أيضا لمصرع مسؤولين آخرين، بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في 19 مايو/أيار الماضي.
وكلف المرشد الإيراني علي خامنئي، محمد مخبر النائب الأول للرئيس الراحل بتولي السلطة التنفيذية بشكل مؤقت على أن يتم إجراء انتخابات لاختيار رئيس جديد في غضون 50 يوما.
وتحدد موعد 28 يونيو/حزيران لإجراء الانتخابات التي يخوضها 6 مرشحين وفقا للقائمة النهائية التي اعتمدها مجلس صيانة الدستور.
وتضم القائمة 5 مرشحين من التيار المحافظ هم: رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي، ووزير الداخلية السابق مصطفى بورمحمدي، ورئيس وقف الشهيد والمحاربين القدامى أمير حسين قاضي زاده هاشمي، ورئيس بلدية طهران علي رضا زاكاني، إضافة إلى مرشح وحيد للتيار الإصلاحي هو وزير الصحة السابق مسعود بيزشكيان.
وتجري الانتخابات بينما تدق طبول الحرب في المنطقة، وتقترب من حدود لبنان، حيث يواجه حزب الله الموالي لطهران خطر الانزلاق في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل.
بوابة غرب أفريقيا
وغداة الانتخابات الإيرانية ينطلق الاقتراع الرئاسي في موريتانيا في منافسة بين الموالاة والمعارضة، في غياب الشخصيات التكنوقراطية والمستقلة عن المشهد السياسي.
وفي نهاية الشهر الماضي أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني ترشحه لولاية ثانية، مؤكدا أن ذلك يأتي "تلبية لنداء الواجب، وحرصا على مواصلة خدمة الموريتانيين".
ووصف ولد الغزواني الانتخابات الرئاسية المقبلة بأنها "محطة مهمة على مسار توطيد نظامنا الديمقراطي"، متعهدا بـ"مراجعة الخطط وإعداد البرامج بغية الدفع ببلادنا نحو مزيد من التقدم والنماء".
ويعتبر ولد الغزواني، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، المرشح الأوفر حظا في استطلاعات الرأي.
ويقود الغزواني (67 عاما) الدولة الشاسعة في غرب أفريقيا منذ عام 2019، إذ شهدت في عهده استقرارا رغم تصاعد الإرهاب في منطقة الساحل.
والعام الماضي، حقق حزبه "الإنصاف" فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية، إذ حصد 107 مقاعد من أصل 176 في الجمعية الوطنية، متقدما بفارق كبير على حزب "تواصل" الإسلامي الذي فاز بـ11 مقعدا.
وشهدت موريتانيا سلسلة انقلابات من عام 1978 إلى 2008، قبل أن تشكّل انتخابات 2019 أول انتقال ديمقراطي بين رئيسين منتخبين.
ورغم انتشار الإرهاب في أماكن أخرى في منطقة الساحل، خاصة في مالي المجاورة، لم تشهد موريتانيا أي هجوم منذ عام 2011.
ويعد حمادي ولد سيدي المختار الذي يرأس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية أبرز المرشحين المتنافسين، وكذلك بيرام الداه اعبيد الذي اشتهر بمناهضة العبودية ومحاربة آثار الاسترقاق وتم سجنه أكثر من مرة، كما انتخب نائبا في البرلمان مرتين.