السياسة دائماً فيها حلول أخرى، والحل الأفضل لقطر هو العودة للحضن الخليجي
المنهزم يلجأ دائماً لآخر الحصون، وفيما يبدو كملاذٍ أخير للدوحة، فقد لجأت إلى آخر الأوراق، إلى الشريك الأصلي في التآمر ودعم الإرهاب ونشر التخريب على مدى أكثر من عشرين عاماً، لجأت إلى صانع المشكلات لعله ينجدها، بينما تساقطت أوراقها واحدةً تلو الأخرى بعد مقاطعة الدول الأربع، السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
تمخضت قطر فولدت حمد بن جاسم، الذي خرج على تلفزيون قطر الرسمي لمدة أكثر من ساعتين مدافعاً عن الدوحة وسياساتها، ومبرراً مشاركاته في صناعة الأزمات والتآمر الطويل، هذه العودة لمتحف التآمر السياسي توضّح خلو وفاض الدوحة من أي التماس لطريق حلٍ ما يخرجها من أزمتها، ولكنه في الواقع تعزيز للمشكلة بناء على استراتيجية العناد الاستراتيجي التي تتبناها الدوحة.
خرج الرجل وهو ينفض غبار التاريخ عن كتفيه ليقرّ بصراحةٍ بغالب مؤامرات الدوحة، وقد استخدم طريقة التفكير السياسي نفسها، التي دأبت عليها الدوحة على مدى عقدين من الزمان، وكأن شيئاً لم يتغير، وكأن الربيع الأصولي العربي لم يفشل فشلاً ذريعاً، وكأن المنطقة ومراكز القوى فيها قد توقفت عن لحظة استقالته من عمله، وهذه الطريقة في التفكير والتعبير الدبلوماسي هي التي جلبت كل الشرور إلى الدوحة، وقد أصبحت مفضوحة بشكل مبالغ فيه، لدرجة أن فكرة العودة إليها باتت سخيفة أكثر مما ينبغي.
من بؤس القيادة القطرية ألا تجد لها نموذجاً تحتذي به إلا ثلاثة نماذج فاشلة حول العالم، إنها تشبه كوبا، الديكتاتورية الصغيرة التي استخدمها الاتحاد السوفييتي لضرب الولايات المتحدة الأميركية، وتشكيل نقطة ضغط عسكرية وسياسية تبعد أقل من مئتي كيلومتر عن شواطئ ميامي.
في لقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع وكالة رويترز للأنباء، أكد ضمن كلامه على أن «مشكلة قطر صغيرة جداً جداً جداً»، وعدّد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في أحد لقاءاته الخارجية كل مشكلات قطر وعلاقاتها بالإرهاب والتخريب، وكرر الوزير الإماراتي أنور قرقاش أكثر من مرة أن دول المقاطعة ستستمر في أولوياتها الكبرى في المنطقة، وستضع الأزمة القطرية خلفها حتى تطرق الدوحة باب الرياض، فلا حل في أي مكان في العالم للأزمة القطرية إلا في الرياض.
من بؤس القيادة القطرية ألا تجد لها نموذجاً تحتذي به إلا ثلاثة نماذج فاشلة حول العالم، إنها تشبه كوبا، الديكتاتورية الصغيرة التي استخدمها الاتحاد السوفييتي لضرب الولايات المتحدة الأميركية، وتشكيل نقطة ضغط عسكرية وسياسية تبعد أقل من مئتي كيلومتر عن شواطئ ميامي، فهُزم الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة، واختفت قيمة كوبا وبقيت دكتاتورية صغيرة ُتمارس كل نقائض الأيديولوجيا التي بُنيت عليها، ولم يعد أحد يهتم بها.
النموذج الثاني، هو نموذج كوريا الشمالية، الديكتاتورية الصغيرة التي استخدمتها الصين والاتحاد السوفييتي لمشاغبة أميركا في الشرق الآسيوي، وتهديد حلفائها هناك، وها هي ترزح تحت نير الفقر المدقع والتخلف في كل شيء، باستثناء القنابل النووية التي لا تزيدها إلا بؤساً وتخلفاً، وهي نموذج صارخ لبؤس مصير الأيديولوجيا المنغلقة التي تنتهي بسبب العناد الغبي لنقيض ما كانت تسعى له من مجد ودور أكبر من حجمها بكثير.
النموذج الثالث، هو نموذج ولاية الفقيه في إيران التي أعمتها أوهام التوسع وطموحات النفوذ وترهات الأيديولوجيا، فاتخذت الإرهاب شعاراً والطائفية دثاراً، وزادها في غيّها الأيديولوجي وغرورها الأصولي خضوع إدارة أوباما لها ومعه (دول الخمسة زائد واحد)، التي اتبعت ولم تزل تتبع مصالح آنية ضيّقة في الموقف من الاتفاق النووي مع إيران، في الوقت الذي أعلن فيه ترامب استراتيجية جديدةً للولايات المتحدة تجاه هذه الدولة المارقة والراعية للإرهاب.
السياسة دائماً فيها حلول أخرى، والحل الأفضل لقطر هو العودة للحضن الخليجي، وليس الحل أبداً في إخراج حمد بن جاسم «الألعبان» الذي تخونه خبرته ولا تسعفه، ليستخدم لغة منقرضةً تجاوزتها دول المقاطعة، وفرضت قواعد جديدة للعبة في المنقطة بأسرها.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة