حتى اليونسكو لم تسلم من محاولة تلاعب قطر لتترأس المنظمة ومن الجيد أنها لم تنجح بذلك
شهدت باريس الخميس الماضي مؤتمراً عالمياً بعنوان "قطر والإخوان ورعاية الإرهاب"، لفضح المؤامرات القطرية في دعمها للإرهاب، وتدخلاتها السافرة في شؤون أكثر من بلد لزعزعة أمنه واستقراره، وكان من أبرز المشاركين في المؤتمر الرئيس السابق لوحدة مكافحة الإرهاب في فرنسا جون ميشيل فوفرج، وديفيد ريجوليت روزا أستاذ العلوم السياسية في فرنسا، والكاتب الصحفي والمؤلف جورج مالبريتو والنائب الفرنسي ميشيل بارازان مؤلف كتاب "حقيقة الإخوان".
هذا المؤتمر لم يكن الأول من نوعه، ففي فرنسا أيضاً، وفي الشهر ذاته، سبقه مؤتمر آخر بعنوان "قطر وأزمات الشرق الأوسط"، وفي شهر سبتمبر الماضي شهدت لندن مؤتمراً للمعارضة القطرية بعنوان: "قطر في منظور الأمن والاستقرار الدولي".
وفي هذا الأسبوع تشهد باريس مجدداً فعالية جديدة في هذا الجانب، وهي منتدى باريس لمناهضة الإرهاب، وهو منتدى يتناول إرهاب إيران وقطر وغيرهما.
يمكننا القول إذاً إنه أخيراً، وبعد صبرٍ وصمتٍ طال من دول خليجية وعربية ومن المجتمع الدولي، تنبه الجميع، إضافة الى المعارضة القطرية، لأهمية التحرك السياسي والحقوقي والإعلامي، لمجابهة الخطر الذي استخدمت قطر كافة أسلحتها لتصديره لدول أخرى، بعد أن قمعت بقوة أي معارضة داخلية لسياستها الكارثية بحق شعبها وشعوب تلك الدول، وكل ذلك لإرضاء نزوات تنظيم الحمدين، ومن يقف معه لتحقيق سيطرة وهمية له على نطاق كبير، لا هدف لها إلا التوسع والانتقام والإضرار بالغير.
في تعليق له على مشروع "نيوم"، قال المتحدث الرسمي باسم المعارضة القطرية خالد الهيل إن خيرات قطر كان من الممكن أن تصنع ثورة في عالم التطور، كمشروع "نيوم"، ولكن الحمدين اختاروا الثورة والجمباز السياسي، وتدمير العالم بأموالهم (مصطلح الجمباز السياسي أطلقه النائب الأمريكي براد شرمان لوصف أداء أمير قطر)، ويضيف الهيل أن العالم أثنى اليوم على جدية الأمير محمد بن سلمان في محاربة الإرهاب والتطرف قولاً وعملاً، مهنئاً شعب السعودية بذلك.
خلف عبارات الهيل يسكن وجع كبير، يشاركه فيه أغلبية أبناء قطر الشرفاء الذين يرفضون أن يكون بلدهم وثرواته أداة بيد تنظيم الحمدين، وعزمي بشارة وجماعة الإخوان غير المسلمين الإرهابية.
ولقد تحملت دول عدة مثل السعودية والإمارات ومصر وليبيا واليمن وسوريا وغيرها تدخلات قطر الكثيرة وتمويلها للتنظيمات الإرهابية كـ "داعش"، والإخونج والمعارضة المتطرفة فيها، ولم تكن أوروبا وشبابها بمنأى عن الخطر القطري، يقول الأستاذ حسن شلجومي، رئيس اتحاد الشعوب من أجل السلام التونسي عن قطر: تلك الدويلة ساعدت على تسفير سبعة آلاف شاب أوروبي لبؤر الإرهاب، وأكثر من أربعمائة ضحية.
أتفق مع الشلجومي إلا فيما يتعلق بعدد الضحايا، لأن الوقائع والرصد للدور القطري في دعم الإرهاب يؤكد أن ضحايا هذا الدور أكثر بكثير، فضحايا إرهاب داعش وجبهة النصرة في سوريا فقط أضعاف هذا العدد، ولا يستطيع أحد أن ينكر أنه، إلى جانب دعم النظام السوري لداعش في الرقة وغيرها، هناك دور بارز لقطر في دعمها، بل إن أمير قطر نفسه اعترف لروبرت بيتنغر عضو اللجنة الفرعية لمكافحة الإرهاب وتمويله في الكونغرس الأمريكي بأنه فعلاً يدعم هذه التنظيمات في سوريا.
يتوالى سقوط أقنعة قطر المتعددة والمتنوعة في كثير من المجالات، فلا تكمن خطورة قطر في كونها بنكاً للإرهاب يموّل كل هذه الحركات الإجرامية في شتى دول العالم فحسب، بل يمتد خطرها أيضاً في كيفية تسخيرها للإعلام وبعض المنظمات التي تعمل دولياً للترويج لسياستها ودعم الإرهاب وقادته
كما أكد النائب ماكول رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأمريكي أن قطر لديها علاقة فريدة ومزعجة مع إيران، وتدعم داعش وطالبان.
وهكذا نرى كيف يتوالى سقوط أقنعة قطر المتعددة والمتنوعة في كثير من المجالات، فلا تكمن خطورة قطر في كونها بنكاً للإرهاب يموّل كل هذه الحركات الإجرامية في شتى دول العالم فحسب، بل يمتد خطرها أيضاً في كيفية تسخيرها للإعلام وبعض المنظمات التي تعمل دولياً للترويج لسياستها، ودعم الإرهاب وقادته، فقد أنشأت الجزيرة وقنوات أخرى لهذه المهمة ودعمت نشطاء حقوقيين ومؤسسات لتنفيذ أجندتها، ووصل الأمر بها إلى التدخل في الرياضة وتشويهها كما اتضح مؤخراً في الاتحاد الآسيوي، و احتكارها حقوق بث حصري لبطولات عالمية لكرة القدم و التنس، وغيرها عبر قناة بي إن و شراء لاعبين دوليين مشهورين كنجم الكرة العالمي نيمار ، و التورط بدفع رشاوى للفيفا لاستضافة قطر لمونديال كأس العالم لكرة القدم 2022.
حتى اليونسكو لم تسلم من محاولة تلاعب قطر لتترأس المنظمة، ومن الجيد أنها لم تنجح بذلك، لأن العالم بدأ يعي فعلاً خطورة الدور القطري وكارثة أن تدير قطر أهم منظمة ثقافية في العالم، وهو أمر لم يكن قد تنبه له كثيرون عندما صمتوا قبل سنوات على فوزها باستضافة أهم حدث رياضي سيشهده العالم في 2022.
إذاً على الدول التواقة للسلام و الأمن، و القضاء على الإرهاب، أن تعي جيداً أنه لا يجب فقط إيقاف الخطر القطري سياسياً، كما حدث حين طبقت بعض الدول العربية سلاح المقاطعة مع قطر لردعها عن ممارساتها العبثية التآمرية، و لكن على هذه الدول و غيرها أن تعمل بقوة في جميع الملفات و الأنشطة سواء السياسية أم المجتمعية أو الإعلامية أو الحقوقية، لفضح ممارسات قطر و إيقافها، و ذات الأمر ينطبق على المعارضة القطرية التي عليها أن توسع أنشطتها وتكثفها من أجل إنقاذ شعب قطر من عبث و إرهاب تنظيم الحمدين، وعلى جميع الحكومات و الشعوب الرافضة للإرهاب أن تقف مع هذه المعارضة و توفر لها الدعم الكافي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة