41 عاما على رحيل يوسف السباعي.. "المثقف" ضحية الإرهاب والتطرف

الأديب المصري الراحل يوسف السباعي لم يكتب وفق نظريات فنية أو سياسية بقدر ما كان يحب الكتابة، وكان ظاهرة فنية وثقافية وسياسيا محنكا
تمر، الإثنين، الذكرى الـ41 على رحيل "جبرتي العصر" الأديب المصري الكبير يوسف السباعي، أحد أهم وزراء الثقافة في مصر، حيث تم اغتياله فى قبرص أثناء مشاركته فى مؤتمر التضامن الأفروآسيوى السادس، فى 18 فبراير/ شباط 1978.
وتخرج السباعي في الكلية الحربية المصرية عام 1937، ثم عمل مدرسا فيها، وفي عام 1952 بدأ ممارسة مهامه كمدير للمتحف الحربي، وتدرج في المناصب العسكرية حتى وصل إلى رتبة عميد، ثم تقاعد ليصبح سكرتيرا عاما للمحكمة العليا للفنون والسكرتير العام لمؤتمر الوحدة الأفروآسيوية في عام 1959، ثم عمل رئيس تحرير مجلة آخر ساعة، وفي عام 1966، انتخب سكرتيراً عاماً لمؤتمر شعوب آسيا وأفريقيا اللاتينية، وعين عضواً متفرغاً بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بدرجة وزير، ورئيساً لمجلس إدارة دار الهلال، ثم اختير للعمل كوزير للثقافة في مارس 1973، في عهد الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، وأصبح عضواً في مجلس إدارة مؤسسة الأهرام عام 1976، وفي عام 1977 تم انتخابه نقيبا للصحفيين المصريين.
كاتب إشكالي
كانت الخلفية العسكرية للسباعي تمثل إشكالية أمام النقاد للتعامل معه، على الرغم من المحاولات التي لم تنته من جانبه لاحتواء جميع الأصوات خارج المؤسسات الثقافية الرسمية التي ترأسها، وكذلك محاولاته لإنشاء عدة هيئات ثقافية وكذلك أكثر من مجلة.
واستغلالًا للعلاقة الجيدة التي جمعته بالرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، نجح السباعي في تقديم خدمات جليلة للثقافة المصرية، فهو من أنشأ المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون (المجلس الأعلى للثقافة حاليًا)، بعد أن انتزع الموافقة من عبدالناصر، وتكرر الأمر مع إنشاء نادي القصة وجمعية الأدباء، فضلًا عن بعض المجلات والمطبوعات الثقافية، ومنها الرسالة الجديدة وزهور والثقافة والقصة ولوتس ومختارات القصة الآسيوية الأفريقية، ومختارات الشعر الآسيوي الأفريقي، كما أصدر مجلة لكتاب آسيا وأفريقيا.
وعلى الرغم من ابتعاد النقاد بشكل كبير من التعرض لأعماله، فإن تحويل جزء كبير منها لأعمال درامية منحها حياة أكبر، ومنح السباعي فرصة أفضل لأن تذاع أعماله على عدد كبير من المشاهدين، وكأن القدر أراد أن يعوضه عن العزوف النقدي، بأن يرى شخصياته تتشكل على الشاشة من لحم ودم، ومن أشهر هذه الأعمال: "إني راحلة"، "رد قلبي"، "نحن لا نزرع الشوك"، "أرض النفاق"، وكلها كلاسيكيات في تاريخ الدراما والسينما المصرية.
"جبرتي العصر"
أطلق عليه الأديب العالمي نجيب محفوظ لقب "جبرتي العصر"، فيما وصفه توفيق الحكيم بأنه "سهل عذب باسم ساخر"، وقال عنه الدكتور محمد مندور إنه "أديب من أدباء الحياة".
فلسفته
كانت للسباعي فلسفته الخاصة، إذ كان مؤمنا بدور الأدب في التمهيد والترويج أيضا للسلام، ولم يكتب وفق نظريات فنية أو سياسية بقدر ما كان يحب الكتابة، وكان ظاهرة فنية وثقافية ورجلا سياسيا محنكا، وتعتبر هذه التوليفة في شخصية السباعي هي ما فرضت عليه نهايته، إذ كان يرى أن السلام هو الحل المثالي لكل ما تعانيه المنطقة العربية من صراعات، ونتيجة لذلك، كان واحدا من الوفد المرافق للرئيس السادات في زيارته التاريخية للقدس، بوصفه وزيرا للثقافة آنذاك ورئيس تحرير جريدة الأهرام، وفُسرت الزيارة على أنها موقف معادٍ من جانب السباعي للقضية الفلسطينية.
في قبرص تنتهي الحكاية
ولأن التطرف يمارس مهمته في كل عصر، وأساس هذه المهمة هو القضاء على كل ما له علاقة بالحياة والفن والجمال، اغتيل يوسف السباعي في قبرص 18 فبراير/شباط عام 1978، بعد حضوره أحد المؤتمرات الأفروآسيوية هناك، بحجة أنه خان القضية وذهب مع السادات لزيارة القدس.