أدباء مصريون: فؤاد حجازي أفنى حياته في الكتابة بعيدا عن الأضواء
الكاتب المصري فؤاد حجازي قدَّم طوال مسيرة حافلة بالعطاء عدداً من التجارب في فنون الرواية والمسرح والمجموعات القصصية
نعى أدباء مصريون الكاتب الكبير فؤاد حجازي الذي غيّبه الموت عن عالمنا، الجمعة، عن عمر ناهز 81 عاماً بعد صراع طويل مع المرض.
قدَّم حجازي طوال مسيرة حافلة بالعطاء عدداً من التجارب في فنون الرواية والمسرح والمجموعات القصصية، إضافة إلى تجربته الشخصية التي عاشها كأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب يونيو/حزيران 1967 التي دوّنها في كتاب "الأسرى يقيمون المتاريس".
القاص سعيد الكفراوي يقول إن فؤاد حجازي أفنى عمره في الكتابة وفيما يؤمن به، إذ كانت تعبّر عن كرامة الإنسان وكبريائه في كتاباته.
ويقول إن حجازي أديب اختار الوقوف في صف الشعب وجاء تعبيره حقيقياً عن الناس في الهامش وأهالي المدن الصغيرة خارج العاصمة القاهرة وضواحي تلك المدن.
وبحسب الكفراوي تنقسم حياة الأديب المصري الراحل إلى 3 مراحل: الأولى تدشين سلسلة "أدب الجماهير" وتبنيه عدداً من الأصوات كان لها أثر في الحياة الأدبية المصرية، والثانية أنَّه شهد حربين وهما 1967 و1973 وتعرُّضه للأسر والاعتقال وكان في طليعة الكتاب المصريين الذين عبّروا عن حرب 1967، والمرحلة الثالثة هي عزوفه عن الشهرة وإخلاصه التام لفعل الكتابة، و"أنا أعتبر أن تجربته مثال على الالتزام والجدية والإخلاص للتعبير عن أحوال الوطن وأهله".
الشاعر والروائي علي عطا يقول إن فؤاد حجازي أثبت أن الكاتب المصري يستطيع أن يتحقق وينجح دون اللجوء للحياة في القاهرة، موضحاً: "قضى حجازي عمره كله تقريبًا في المنصورة (عاصمة محافظة الدقهلية)، وأكد بإبداعه أنه كاتب كبير، واستطاع أن يجد لنفسه مكانًا بين الأسماء الكبيرة في جيل الستينيات".
تعرَّض فؤاد حجازي لظلم كبير رغم أهميته، بحسب عطا، الذي يوضح أنَّ الأضواء والجوائز انحسرت في أسماء بعينها لم يكن حجازي واحدًا من تلك الأسماء، ولم يحظ بالتقدير الذي يستحقه، وعوضًا عن ذلك، ترك أعمالًا رائدة تخلد اسمه، فضلًا عن مواقفه التي تجعله دائمًا واحدًا من كبار المبدعين العرب.
ويضيف صاحب "حافة الكوثر": "كانت قضية حجازي الأساسية هي الموقف من إسرائيل، وتجلَّى ذلك في أكثر من عمل منها (الأسرى يقيمون المتاريس) وستتعجب عندما تعرف أن عمل مثل هذا نُشِر بصعوبة بالغة، على الرغم من أنه يدخل في إطار مقاومة المحتل".
ويتابع "الأديب الراحل وجد صعوبة كبيرة لسنوات عدة حتى تمكَّن من نشر العمل في السبعينيات، وحكى فيه تجربته في الأسر أثناء حرب 1967، واللافت أنَّه أُسِر داخل مصر".
ويرى عطا أن حجازي نموذج فريد لروائي شارك في معركة عسكرية وأُسر أيضًا، وقضى في سجون مصر سنوات مريرة عدة.
"فؤاد حجازي امتلك تجربة ثريّة وفريدة ليس على الجانب الإبداعي والأدبي فحسب، وإنما على الجانب الإنساني أيضًا، إذ أتاحت له ظروفه خوض حرب 1967، وهو ما أضاف إليه خبرات عميقة ومنح تجربته استثنائية لافتة"، يقول القاص أحمد الخميسي، الذي يضيف: "تجربة فؤاد حجازي خاصة جدًا، ونجح بتفرُّد في أن ينقل صورة الحرب، وكذلك تجربة الأسر التي ربما كان هو الوحيد الذي نقلها بصورة أدبية في فن كالرواية".
ويقول الناقد الأدبي الدكتور حسين حمودة، إنَّ هناك قيمة كبيرة في تجربة فؤاد حجازي تتمثل في أنه ظل حتى وفاته متمسكًا بكونه كاتبًا من كتاب الأقاليم بعيدًا عن القاهرة وأضوائها، وعن الاهتمامات التي يمكن الحصول عليها من العاصمة، متابعًا: "رغم ذلك استطاع أن يفرض حضوره الكبير على الكتابة المصرية المعاصرة، وقد نجح في أن يجعل كثيرين يعيدون النظر في العدالة الثقافية التي يجب أن تكون في الحياة الثقافية المصرية".
قدَّم حجازي 11 رواية كان أولها "شارع الخلا" (1968)، وآخرها "كحكة للصبي" (1990)، إضافة إلى عدد من المجموعات القصصية وروايات للأطفال، منها: "حلوان شامة"، "أمن الذئاب"، "شجرة الدر تتلقى الأمانة"، "مجلس الملكات"، "طيور البجع تضحك"، وله مسرحيتان بالعامية، هما "الناس اللي ما معهاش" (1972) و"حاملات البلاليص" (1986) و5 مسرحيات من مسرحيات الفصل الواحد بعنوان "عفواً رئيس الديوان".
وألّف 3 أعمال نقدية، منها "أوراق نقدية"، وله كتاب يضم فصولاً من سيرته الذاتية بعنوان "أوراق أدبية"، وصدر له في أدب الحرب "الأسرى يقيمون المتاريس" الذي يعد من أبرز تجارب أدب الحرب التي توثق تعرض الكاتب للأسر بعد حرب يونيو/حزيران 1967، ويعد نصاً مؤسساً في هذا السياق.
وأسس مشروعات ثقافية عدة، من أبرزها سلسلة "أدب الجماهير" التي تعد بادرة في صياغة مشروع للثقافة المستقلة، وقدم من خلالها عشرات الأسماء في الوسط الأدبي المصري.
aXA6IDE4LjExNy4xNTQuMjI5IA== جزيرة ام اند امز