الأمن السيبراني.. الإمارات تشارك في الاجتماع الخليجي الأول
شاركت دولة الإمارات في الاجتماع الأول للجنة الوزارية للأمن السيبراني في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالعاصمة السعودية الرياض.
الاجتماع الذي شارك فيه الدكتور محمد حمد الكويتي رئيس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات ناقش العديد من الموضوعات المتعلقة بالجوانب المشتركة للتعاون بين دول مجلس التعاون في مجال الأمن السيبراني.
وتشمل تلك المجالات وضع الأطر والسياسات والإجراءات المشتركة للتصدي للتهديدات السيبرانية ومواءمة الجهود بين دول المجلس في مختلف القطاعات ورفع مستوى التعاون الدولي مع الدول والمنظمات ذات العلاقة وتعزيز ونمو صناعة الأمن السيبراني بدول المجلس وتبادل المعرفة والخبرات والدراسات والتجارب المتعلقة بالأمن السيبراني بهدف تهيئة فضاء سيبراني آمن لحماية دول المجلس من التهديدات السيبرانية.
وأطلق خلال الاجتماع التمرين الخليجي الأول للأمن السيبراني، والذي يهدف إلى تعزيز التواصل ومشاركة المعلومات بين دول المجلس، وتبادل الخبرات بين الكوادر الوطنية المختصة بالأمن السيبراني، ورفع مستوى الجاهزية السيبرانية والاستعداد لمواجهة التهديدات والمخاطر السيبرانية، بالإضافة إلى إيجاد حلول مبتكرة لمواجهة التحديات والتهديدات السيبرانية.
وفي كلمته، أكد الدكتور محمد حمد الكويتي أهمية الاجتماع الذي يمثل انطلاقة جديدة لتعزيز التعاون والتكامل الخليجي، والإقليمي ودعمَ الجهود الوطنية، في مجال الأمن السيبراني في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة والتحديات الجيوسياسية التي يشهدها العالم ، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الإماراتية (وام).
وقال إن التكنولوجيا المتطورة تلعب دورا رئيسيا في دفع مسارات التنمية المستدامة بمختلف مكوناتها نحو المزيد من الازدهار والتقدم وتحسين جودة الحياة الذي يشكل جوهر مسيرة البناء والتنمية في دولة الإمارات وهو ما أدركته قيادتنا الرشيدة مبكرا من خلال التوجيه باستشراف مستقبل التحول الرقمي والاستفادة منه في دفع الجهود الوطنية وتسهيل الحياة كونه يشكل ركيزة أساسية في استمرارية الأعمال وإنجازها حتى بات الأمن السيبراني أداة مهمة في تحصين الفضاء الرقمي.
وأضاف أنه "بقدر ما توفره التكنولوجيا المتقدمة من إمكانيات هائلة تُسهم في رفاهية المجتمعات وتنميتِها، فإنها تخلق أيضًا تحدياتٍ خطيرة، تهدد أمن الدول والمجتمعات واستقرارها إذا لم يتم التعامل معها بشكل حاسم وعاجل".
ولفت إلى أن الاعتماد المتزايد على التقنيات الحديثة والحياة الرقمية، يؤدي بالتبعية إلى زيادة التهديدات المرتبطة بمخاطر اختراق أنظمة المعلومات، وتعريض الأصول عالية القيمة في جميع القطاعات لخطر العبث والتخريب، بما في ذلك أنظمة الطاقة والاتصالات والنقل والأنظمة المالية وغيرها من قطاعات البنية الأساسية والحيوية.
وأشار المسؤول الإماراتي إلى تزايد محاولات استهداف أنظمة المعلومات خلال السنوات الأخيرة من خلال هجمات سيبرانية تقف وراءها جهات مختلفة.
وحذر من أن العمليات السيبرانية باتت تُستخدم اليوم في النزاعات المسلحة كوسيلة من وسائل الحرب، حيث اتجهت العديد من الدول إلى تطوير قدراتها العسكرية السيبرانية بشكل كبير، سواءلأغراض هجومية أو دفاعية".
وأوضح الدكتور محمد حمد الكويتي أن تهديدات الأمن السيبراني أصبحت مشكلة عالمية معقدة، ويتنامى خطرها مع استمرار التطور الذي نشهده في مجال الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي؛ ما يزيد من حجم المخاطر المحتمل في المستقبل؛ فعلى سبيل المثال توقع مركز الأمن السيبراني التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي احتمال تعرض نحو 74% من الأعمال التجارية لخطر الاختراق في عام 2022 من قبل جهات رسمية وغير رسمية.
وقال إن دول مجلس التعاون تعد من الدول الأكثر عرضة للاستهداف؛ نتيجة تسارع التطور التكنولوجي والاقتصادي الذي تشهده، وتنامي دورها الاقتصادي والاستراتيجي العالمي، وهو ما يفرض ضرورة العمل على تعزيز التعاون بين دول المنطقة لتبنّي سياسات واستراتيجيات ومبادرات مشتركة؛ لتعزيز أمنها السيبراني، والتصدي للتهديدات السيبرانية التي تواجهها.
وشدد على الحاجة إلى تعزيز التعاون بشكل مستمر والاستفادة من الخبرات المشتركة لدولنا الخليجية في هذا المجال بات أمراً مهماً، ولاسيما أن العديد من هذه الدول تبوأت مراتب متقدمة في مؤشر الأمن السيبراني العالمي "GCI" الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات.
وطرح المسؤول الإماراتي بعض المقترحات والمبادرات التي يمكن أن تكون مجالاً للنقاش لتعزيز العمل الخليجي المشترك في الأمن السيبراني؛ ومنها: إنشاء مركز للأمن السيبراني لدول مجلس التعاون الخليجي، بحيث يقوم بتقديم رؤية واضحة لتحديد التهديدات السيبرانية وتعزيز سبل مواجهتها خليجيًا.
كما تقدم بمقترح دعم فرص تبنّي منهجية متعددة المستويات للاستجابة للتحديات السيبرانية، وتعزيز استفادة دولنا الخليجية من تطور بيئة الأعمال الرقمية المبتكرة، كالأتمتة باستخدام الروبوتات وتقنية "بلوك تشين" والذكاء الاصطناعي، وتعزيز مرونة وجاهزية المدن الذكية، ومواكبة التطورات التكنولوجية، بما يضمن حماية أنظمة المدن، وتعزيز قدرات الأمن السيبراني في دول مجلس التعاون.
كما دعا إلى نشرُ الوعي السيبراني خليجيًا، بما يعزز طرق المواجهة الشاملة للهجمات السيبرانية، وحوكمة وترسيخ ثقافة دمج الحلول الأمنية والخصوصية، بما يعزز ثقة السكان بالخدمات الحكومية، فضلًا عن دعم الكثير من الأنشطة الاقتصادية والحيوية، في ظل تصاعد ونمو عدد الهجمات السيبرانية التي تتعرض لها دول مجلس التعاون، بالتزامن مع تزايد اتصال الأنظمة والأجهزة بشبكة الإنترنت على نحو غير مسبوق.
وأكد على ضرورة العمل المشترك لتنظيم تمارين مشتركة لاكتشاف والتصدي للهجمات السيبرانية؛ بهدف تعزيز أنظمة الحماية المعلوماتية في دول الخليج، والاستفادة من التجارب المشتركة في هذا المجال، ومن بينها مبادرة "نبض الأمن السيبراني" التي أطلقها مجلس الأمن السيبراني مؤخراً.
وتتضمن المبادرة ورش عمل وبرامج تدريب على حوادث أمن المعلومات، وكيفية التعامل مع مراكز إدارة أمن المعلومات، ومحاكاة الهجمات الإلكترونية، موجهة لقطاعات الدولة جميعها وشرائح المجتمع كلها، ولا سيما السيدات والطلاب في مراحل التعليم العام والجامعي المختلفة، بحسب وام.
وأشار إلى أهمية بلورة آليات وسياسات محددة لتعزيز التعاون المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي والشركاء الاستراتيجيين من خارج المنطقة، وتشكيل آلية خليجية مشتركة لرصد ومتابعة والإبلاغ عن فئات الهجمات المختلفة، وتحديد سبب وجود الفجوات والعمل على سدها عبر التنسيق المشترك.
وأكد أن العمل الخليجي المشترك أمر حيوي لتعزيز منظومة الأمن الإقليمي في عالم يموج بالاضطرابات والأزمات، وفي ظل بيئة تشهد تطورًا مستمرًا في مجالات الرقمنة والتطور التكنولوجي، سيكون من الأهمية القصوى تعزيز الجهود المشتركة والعمل معًا من أجل حماية الفضاء السيبراني الخليجي وتعزيز الأمن الوطني والإقليمي لدولنا حالياً ومستقبلاً.