الكاتب التشيكي كونديرا يستعيد جنسيته.. دعوة غداء كلمة السر
السلطات التشيكية تعيد الجنسية إلى الكاتب التشيكى ميلان كونديرا، الذي فر من وطنه عام 1975، وسُحبت منه الجنسية
ربما لا يصدق أحد من قراء الكاتب التشيكي الفرنسي الشهير ميلان كونديرا، أن وجبة غداء أعادت له جنسيته التشيكية، التي سقطت عنه قبل 40 عاماً.
وذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أنه في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، وخلال زيارة لرئيس الوزراء التشيكي أندريج بابيس إلى باريس، التقى بالروائي ميلان كونديرا، بناء على دعوة وجهها صاحب كتاب "الضحك والنسيان" لرئيس وزراء بلاده.
وكانت السلطات التشيكية أعادت هذا الأسبوع الجنسية إلى الكاتب التشيكي ميلان كونديرا، الذي فر من وطنه عام 1975، وسُحبت منه الجنسية.
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن السفير التشيكي لدى فرنسا، بيتر درولاك قوله: "هذه اللفتة الطيبة من كونديرا، أسهمت في تسريع الأمور، واستعاد الكاتب جنسيته التي سقطت عنه".
وأضافت "لوموند" أن رئيس الوزراء التشيكي أشاد علناً بكونديرا في نهاية هذا اللقاء، وقال للصحافة: "لقد واجهت للتو تجربة لا تنسى. ميلان كونديرا أحد أشهر الكتاب في العالم، دعاني لزيارته في شقته في باريس".
وأضاف رئيس الوزراء التشيكي: "لقد دعوته إلى وطننا في جمهورية التشيك، حيث لم تطأ قدمه منذ 22 عاماً، وأعتقد أنه يستحق الجنسية التشيكية التي فقدها بعد هجرته".
ومن جهته، قال السفير التشيكي لدى فرنسا بيتر درولاك: "لقد اعتذرت لميلان كونديرا بشكل شخصي".
ووفقاً للصحيفة الفرنسية، فإن "كونديرا"، صاحب الـ90 عاماً، مؤلف رواية "الفكاهة" (La Plaisanterie" (1968" ، و"كائن لا تحتمل خفته" (L’Insoutenable Légèreté" (1984"، لديه الآن جنسية مزدوجة.
وفرّ كونديرا من تشيكوسلوفاكيا الشيوعية، وعاش في فرنسا منذ عام 1975، وهناك نشر أشهر كتبه، بما في ذلك "كتاب الضحك والنسيان"، و"الخلود"، و"كائن لا تحتمل خفته"، ونال شهرة كبيرة
من جانبه، نفى مترجم أعمال "كونديرا" إلى اللغة العربية، السوري بدر الدين عرودكي، ما تردد عن أن الكاتب التشيكي اشتهر لمواقف سياسية اتخذها خلال الحرب الباردة.
وقال عرودكي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن شهرة كونديرا بدأت قبل مغادرته براج إلى فرنسا، بعد ترجمة رواياته الأولى إلى الفرنسية والإنجليزية، وازدادت بعد نشر روايته التي ترجمت إلى معظم لغات العالم "كائن لا تحتمل خفته".
وتابع: "لا أظن أن شهرته والاعتراف به يعود إلى موقفه السياسي"، مشيراً إلى أن الشاعر الفرنسي الشهير لوي أراجون هو من سهّل لكونديرا المرور إلى فرنسا، والتقى به عدة مرات، وساعده في دخول الأوساط الأدبية في باريس.
وترجم "عرودكي" مجموعة كتب نظرية لـ"كونديرا"، صدرت عن المشروع القومي للترجمة في مصر، وضمت ثلاثية حول الرواية، هي: "فن الرواية"، و"الوصايا المغدورة"، و"الستار".
وأوضح "عرودكي" أن القيمة الأدبية لـ"كونديرا" معترف بها من كبار نقاد الأدب في العالم، وفي كل اللغات، حيث يبرز اسمه كل عام ضمن ترشيحات القراء لجائزة نوبل للآداب، وهناك مكتبة كاملة من الكتب بمختلف اللغات تتحدث عن "كونديرا" ورواياته، ولا يوجد كتاب منها يتحدث عن موقفه السياسي، أو أسباب تركه بلده، بل تتحدث عن رواياته حصراً، ومفهومه عن الرواية.
وتحفل مسيرة "كونديرا" طوال 90 عاماً بكثير من التحولات، فقد نشر في عام 1953 أول دواوينه الشعرية، لكنه لم يحظَ بالاهتمام الكافي، ولم يُعرف ككاتب مهم إلا عام 1963، بعد نشر مجموعته القصصية الأولى "غراميات مرحة"، وفقد وظيفته عام 1968 بعد الغزو السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا، بعد انخراطه فيما سُمى "ربيع براج" المناهض لهذا الغزو.
ومنعت كتب "كونديرا" من التداول لمدة 5 سنوات، وفقد وظيفته في الجامعة، واضطر لتحرير باب الأبراج باسم مستعار في إحدى الصحف، وكتب فيما بعد: "ألا يكون للمرء وجود علني أمر له محاسنه أيضاً".
وهاجر "كونديرا" إلى فرنسا بمساعدة أراجون، شاعر المقاومة الفرنسية الشهير، ومؤلف ديوان "عيون إلزا"، وبفضل هذا الدعم عمل أستاذاً مساعداً في جامعة رين ببريتاني (فرنسا)، ثم حصل على الجنسية الفرنسية عام 1981، بعد تقدمه بطلب لذلك إثر إسقاط الجنسية التشيكوسلوفاكية عنه عام 1978، وبعد نجاح روايته "كائن لا تحتمل خفته" أصبح أحد أكثر الكتاب شهرة في فرنسا، وترجمت أعماله إلى عدة لغات عالمية.
وبدأ الكتابة بالفرنسية منذ عام 1995، عند نشر روايته "البطء"، وتعتمد أعماله كلها على حس وجودي، يستثمر فيه تاريخه الشخصي بطريقة أو بأخرى.