معركة دمشق.. رسائل المعارضة إلى النظام السوري
رسائل كثيرة يحملها هجوم المعارضة بالأمس على المناطق الشرقية للعاصمة السورية دمشق.
قال خبيران سوريان، إن رسائل كثيرة يحملها هجوم المعارضة، بالأمس، على المناطق الشرقية للعاصمة السورية دمشق، تدور حول تنبيه النظام السوري إلى أن المعارضة طفح كيلها جراء خرق الرئيس بشار الأسد لهدنة وقف إطلاق النار وتعنته في المفاوضات.
واتفق الخبيران حول استبعاد أن يكون هدف المعارضة من ذلك الهجوم هو السيطرة تماماً على دمشق، نظراً لما ستلاقيه المعارضة من ضربات قاسية من قبل قوات النظام وحلفائه؛ خاصة الحليف الروسي.
رسائل إلى الأسد
فراس الخالدي، عضو لجنة مؤتمر القاهرة والمحلل السياسي السوري، قال في تصريحات لبوابة "العين"، إن هجوم المعارضة في شرق دمشق خاصة حيي جوبر والقابون، جاء من أجل فك الحصار بين جوبر والقابون والغوطة الشرقية، ومن ثم وصل المناطق التي تسيطر عليها المعارضة ببعضها البعض.
وبالأمس شنت المعارضة السورية هجوماً على مناطق قوات النظام في شرق دمشق وبالأخص في حيي جوبر والقابون، وهو الأمر الذي دفع قوات النظام إلى الرد، لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها المعارضة.
واعتبر الخالدي، أن ذلك الهجوم يعد بمثابة رسالة سياسية للنظام ألا يتعنت أكثر في المفاوضات، فالنظام بعد تمكنه من السيطرة على مدينتي حلب وحمص، بدأ يسوق نفسه على أنه المسيطر الوحيد على الأرض.
واستطرد الخالدي أن المعارضة أرادت التأكيد على رفضها أي تغيير ديموغرافي في الشرق الدمشقي، خاصة أن المعارضة عرض عليها في وقت سابق أن تترك تلك المنطقة وتتوجه إلى إدلب (منطقة تركز المعارضة) لكن المعارضة رفضت ذلك.
واتفق مع الرأي نفسه الكاتب والباحث السياسي السوري، ميسرة بكور، معتبراً أن هجوم المعارضة على النظام والميلشيات التابعة له في أحياء جوبر والقابون كان رد فعل على عدم التزام الأسد بهدنة وقف إطلاق النار، وصد محاولاته لاقتحام تلك المنطقة وتقطيعها، رغم أن بعض الأحياء في شرق دمشق عقدت هدنة مع النظام مثل تشرين وبرزة.
وأشار بكور، في تصريحات عبر الهاتف لبوابة "العين"، إلى أن أهم رسائل المعارضة من تلك الضربات تتمثل في إعلام الجانب الروسي أن يتوقف عن تهديد المعارضة بأن مصير حلب ينتظرهم في حال قيامهم بعمل عسكري ضد قوات النظام أو اعتراضهم على التواجد الروسي.
واستكمل بكور بالقول، إن المعارضة أرادت أن تُعلم النظام أنه لا يستطيع السيطرة على مزيد من الأراضي.
لا نية لاقتناص دمشق
ورجح الخالدي أن تكون المعارضة أرادت إرسال رسائل من ضرباتها وليس السيطرة على دمشق، معتبراً أن قرار معركة دمشق أكبر من أن تديرها النظام والمعارضة.
واستبعد بكور أيضاً أن يكون هدف المعارضة من تلك الضربات هو السيطرة على دمشق وإنهاء سيطرة الأسد عليها؛ وإنما مناورة وتكتيك لإيصال عدد من الرسائل إلى النظام وداعميه.
واعتبر بكور استعادة النظام على المناطق التي اكتسبتها المعارضة في جوبر والقابون بالشيء غير المهم؛ خاصة أن المعارضة لم يكن هدفها السيطرة على الأرض بقدر ما كانت ترغب في إرسال رسائل عبر العمل العسكري، لأنها (المعارضة) تعلم أن الجانب الروسي سيدعم حليفه في حال أقدمت على عمل عسكري كبير مثل محاولة التغلغل إلى دمشق.
وحذر الخالدي أن ذلك الهجوم قد يعطي دافعاً للنظام لقصف المناطق المدنية، أو تكثيف ضرباته لمناطق المعارضة ويضغط عليهم للفرار إلى مناطق أخرى.
"جنيف 5"
واعتبر بكور أن ذلك الهجوم جاء رداً على هجوم للأسد على تلك المنطقة، ويتوقع ألا يؤثر على سير المفاوضات المقبلة في مدينة جنيف السويسرية.
وذكر بكور بقول محمد علوش، رئيس الوفد المفاوض إلى الأستانة، إن "اقتحام عدة فصائل للمعارضة لدمشق وسيطرتها على مناطق استراتيجية فيها لا يعني أن كلمة النهاية قد كتبت في مسار الحل السياسي التفاوضي، أو أن الحسم العسكري قد صار خيارا نهائيا لدى المعارضة".
تبيض وجه "النصرة"
وعن مشاركة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة أهم مكوناتها) إلى جانب أحرار الشام وفصائل من الجيش السوري الحر، رأى الخالدي أنها (جبهة النصرة) حاولت استغلال ذلك لتحسين شعبيتها، وهو أمر غير متوقع.
ورأى بكور أن طبيعة المرحلة وضغوطات الأرض دفعت كتائب المعارضة إلى التنسيق فيما بينها لمواجهة محاولات النظام الضغط عليها وإخراجها من مناطق سيطرتها في شرق دمشق.
يشار في ذلك الصدد إلى أن الفصائل السورية، خاصة هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام وجيش الإسلام حاولوا منذ 17 يوماً، شن هجوم داخل دمشق من محور منطقة برزة، لكن قوات النظام السوري علمت بذلك، ما ساهم في إفشال مخطط المعارضة.