خطر الإخوان في بريطانيا.. تحذيرات من أذرع الإرهاب في أوروبا
أصبح الإسلام السياسي مصدر تهديد لدوائر الحكم في أوروبا، لا سيما ببريطانيا التي حذرت تقارير استخباراتية من تنامي خطر الجماعات المنتمية له وعلى رأسهم تنظيم الإخوان الذي يشكل تهديدا للأمن القومي، بحسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب.
هذه التحذيرات جاءت بعد رصد تصاعد غير مسبوق لأنشطة تلك التيارات لنشر أفكارها المتطرفة عبر استغلال المنصات الدعوية والجمعيات والمنظمات والمراكز الثقافية تحت غطاء قانوني وتحت مظلة العمل الخيري، وأشارت التقديرات إلى أن تهديد العناصر المتطرفة بشن مزيد من الهجمات لا يزال مرتفعا في بريطانيا.
وتوجد في بريطانيا العديد من المنظمات ذات الحمولة الفكرية المتطرفة، والتي تستغل مناخ التسامح في المملكة المتحدة لتبث تطرفها، والذي تأثر به العديد من المقيمين في بريطانيا.
من بين تلك المنظمات الرابطة الإسلامية في بريطانيا والتي تعد أبرز كيانات الإخوان هناك، ومنظمة الإغاثة الإسلامية وهي مؤسسة مرتبطة بشكل وثيق بالإخوان، ولها فروع في أكثر من 20 دولة، وتمتعت بقدر كبير من الوصول إلى المسؤولين الحكوميين البارزين.
يتواجد في بريطانيا أيضا المجلس الإسلامي، ومؤسسة قرطبة وهي مؤسسة فكرية شرق أوسطية ويديرها أنس التكريتي، المتحدث الرئيسي باسم جماعة الإخوان في بريطانيا، وائتلاف الخير الذي يرأسه يوسف القرضاوي، والذي صنفته وزارة الخزانة الأمريكية كمنظمة إرهابية على خلفية التورط فى تمويل ودعم أعمال العنف في الشرق الأوسط.
إضافة لوجود العديد من المحطات والقنوات الفضائية التابعة للإخوان والتي تعمل من هناك، كل هذا صنع مناخا ساعد المتطرفيين على نشر أفكارهم والتي عانى منها المجتمع البريطاني خلال الأعوام السابقة.
تهديد أمني من الدرجة الأولى
وفي إحصاء نشرته الشرطة البريطانية وجد أن المجتمع تعرض خلال الأربع سنوات الماضية لقرابة 40 عملية إرهابية، بعضها تم إحباطه، هذا الرقم الضخم مرشح للزيادة في الآونة الأخيرة نظراً لتغلغل منظمات الإسلام السياسي في المجتمع البريطاني.
ربما هذا ما دفع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير 2021 من التحذير من تمدد الإسلام السياسي بأوروبا، ووصفه بأنه "تهديد أمني من الدرجة الأولى"، محذرا: "سيصل إلينا، دون رادع، حتى لو تمحور بعيدا عنا، كما حدث في 11 سبتمبر".
جاء ذلك خلال مشاركته، في فعالية نظمها المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن RUSI المعني بالأبحاث السياسية والدراسات الأمنية والدفاعية، بمناسبة ذكرى مرور 20 عاما على هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، حسب ما أوردته شبكة سي إن إن.
وتابع: "هذه الأيديولوجية سواء كانت شيعية، صادرة عن إيران، أم سنية روجت لها مجموعات على غرار الإخوان إلى القاعدة وداعش وبوكو حرام وغيرها، كانت السبب الرئيسي لزعزعة الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط وما بعده، واليوم في أفريقيا".
برنامج بريفينت
وتعالت أصوات محذرة من تمدد جماعات الإسلام السياسي بالمجتمع البريطاني، فقد سبق أن حذرت صحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية في أكتوبر/تشرين الأول 2021 من خطورة توغل جماعات الإسلام السياسي في بريطانيا.
وأشارت إلى أنها تمثل تهديداً رئيسياً لأمن البلاد وتقف وراء معظم العمليات والهجمات الإرهابية التي شهدتها في الفترة الأخيرة، ودعت الحكومة إلى بذل مزيد من الاهتمام لمحاربة هذا الخطر وتشديد إجراءاتها لمكافحة التطرف الذي تنشره تلك الجماعات على وجه الخصوص.
وفي وقت سابق، أعربت شرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة عن مخاوفها من تجدد العمليات الإرهابية أو أن تكون التهديدات المحتملة ناشطة في الخفاء، نتيجة الأوضاع التي سببتها "جائحة كوفيد 19، فمن المحتمل أن الإغلاق دفع بالشباب والأشخاص الضعفاء إلى تمضية وقت أطول على الإنترنت في عزلة وسط تضاؤل عوامل الحماية من حولهم، كلها عوامل أدت إلى حرمان الأشخاص الذين يحتاجون للمساعدة من تلقيها.
أدى هذا إلى تراجع عدد الأفراد الذين تم الإبلاغ عنهم بقضايا تطرف بـ20% تقريبا حسب برنامج "بريفينت"، ووفقاً لأرقام وبيانات وزارة الداخلية البريطانية فإن البرنامج كان نشطاً وراجع خلال الفترة بين مارس/آذار 2019 ومارس/آذار 2020 ملفات قرابة 1500 شخص، بسبب مخاوف متعلقة بالتشدد الإسلامي، وهو ما يتجاوز بـ 6% عام 2019، وهو ما قلل مخاطر وتهديدات الإرهابيين لحد كبير.
لكن الأرقام التي نشرت في نهاية عام 2021 أظهرت أن عدد الأفراد الذين تمت إحالتهم إلى برنامج "بريفنت" Prevent لمكافحة التطرف في العام المنتهي في مارس/آذار 2021، قد انخفضت بنسبة 22% وهو أدنى مستوى مسجل خلال خمسة أعوام في البلاد.
وتخشى الشرطة البريطانية أن يعكس هذا تراجعاً في عمليات الإبلاغ عن المتطرفين، بدلاً من أن يكون تراجعاً للتهديدات الإرهابية بحد ذاتها، أو لعدد الأشخاص الذين ينزلقون إلى اعتناق أيديولوجيات الكراهية.
و"بريفينت" هو برنامج بريطاني معني بمكافحة التطرف والإرهاب، يعمل في نطاق ما قبل الجريمة، إذ يعتمد على الإبلاغ عن أي مظهر من مظاهر التطرف، سواء في السلوك أو الأفكار.
ويقوم مراجعون بالاستماع للأشخاص المشتبه فيهم، واكتشاف بذور الإرهاب والتطرف مبكرا، ويعد البرنامج رغم تحفظات البعض على دوره أو على أعضائه أكبر مساعد في كشف التطرف الكامن في المجتمع البريطاني، سواء من الإسلاميين أو يمينيين متطرفين.
وكان من الواضح أن القبض على الإرهابيين وسجنهم لم يسهم في معالجة التهديد أو وقف التجنيد، وتمثل الحل من خلال الوصول إليهم قبل أن يتمكن المتشددون من السيطرة عليهم وتوجيههم نحو الإرهاب والتطرف من أي نوع.
ووفقاً للبرنامج في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021 أن 22% من الإحالات إلى برنامج "بريفنت" كانت لتطرف الإسلام السياسي، وهي نسبة قليلة بالمقارنة مع أنواع التطرف الأخرى وأن 30% من هؤلاء نُقلوا إلى برامج خاصة بمنع التطرف.
وفي المقابل شكل المتطرفون اليمينيون 24% من الإحالات و43 من أولئك الذين تم إحالتهم للبرنامج، مما يجعلهم أكثر عرضة للإحالة والتعامل معهم كحالات مشتبه في تطرفها.