أخطر رحلة في تاريخ العلوم.. نقل «أغلى مادة على وجه الأرض»
في رحلة علمية غير مسبوقة، يستعد فريق من الباحثين لنقل حاوية من المادة المضادة عبر أوروبا، في واحدة من أكثر التجارب تعقيدا وخطورة في تاريخ العلم.
المادة المضادة، التي تُعتبر أغلى مادة على وجه الأرض بتكلفة تقدر بعدة تريليونات من الدولارات لإنتاج جرام واحد منها، تُصنع فقط في مختبرات فيزياء الجسيمات مثل مركز الأبحاث الشهير "سيرن" بالقرب من جنيف.
ويمثل التعامل مع المادة المضادة تحديا كبيرا، إذ أن أي تلامس بينها وبين المادة العادية يؤدي إلى فناء كلتيهما، مطلقا انفجارا قويا من الإشعاع الكهرومغناطيسي، ولهذا السبب، تُخزن المادة المضادة بعناية فائقة داخل حقول كهربائية ومغناطيسية قوية تمنع تفاعلها مع المادة العادية.
ويقول البروفيسور ستيفان أولمر، أحد العلماء في "سيرن": "تحريك المادة المضادة أمر صعب للغاية، لكننا أصبحنا قريبين من تحقيق هذه الخطوة الأولى".
ويضيف: "المادة المضادة تملك الكثير لتخبرنا به، ولهذا نحن نقوم بهذا العمل".
وتجربة نقل المادة المضادة هذه ستكون الأولى من نوعها على الإطلاق، وإن كانت لها سابقة خيالية في رواية دان براون "الملائكة والشياطين"، حيث حاول الإرهابيون استخدام المادة المضادة لتدمير الفاتيكان.
ومع ذلك، يطمئن العلماء أن خطر حدوث انفجار حقيقي ضئيل جدا، إذ إن الكميات التي سيتم نقلها لا تكفي لإحداث أي انفجار ملحوظ.
والهدف من هذه التجربة هو حل لغز كوني جوهري: لماذا المادة هي المهيمنة في الكون؟. يقول أولمر: "نعتقد أن الانفجار العظيم أنتج كميات متساوية من المادة والمادة المضادة، والتي كان من المفترض أن تفني بعضها البعض، مما يترك الكون فارغاً، لكن ما نشهده اليوم من وجود مجرات ونجوم وكواكب يعني أن هناك خللاً في هذه الفرضية".
ولمعرفة السبب، يعمل العلماء في "سيرن" على دراسة الاختلافات بين جسيمات المادة والمادة المضادة.
وفي مركز "سيرن"، يُنتج العلماء الجسيمات المضادة مثل "البروتونات المضادة" في جهاز خاص يعرف بـ"مُبطئ البروتونات المضادة"، حيث يتم جمعها ودراستها.
والتحدي الحالي هو إجراء قياسات دقيقة لهذه الجسيمات، لكن الحقول المغناطيسية المحيطة بالجهاز في "سيرن" تحد من دقة العمل. لذلك، يخطط العلماء لنقل عينات المادة المضادة إلى مختبرات أخرى، حيث يمكن إجراء قياسات أكثر دقة تصل إلى 100 ضعف.
ويقول أولمر: "عبر نقل العينات إلى مواقع جديدة، يمكننا تحقيق قياسات أدق بكثير، ما يتيح لنا فهماً أعمق لهذه الجسيمات". ومن المتوقع أن تكون أولى محطات هذه الرحلة العلمية هي مختبر متخصص في جامعة "هاينريش هاينه" في دوسلدورف بألمانيا.
ويأمل العلماء أن تكشف هذه التجارب المستقبلية عن أسرار اختفاء المادة المضادة من الكون، والتي قد تقود إلى اكتشافات تغير قواعد اللعبة في فهم الكون.
aXA6IDE4LjIyNC4wLjU3IA== جزيرة ام اند امز