ترامب والجنرالات.. صراع رؤى يهز البنتاغون

تغييرات مثيرة للجدل في البنتاغون قادها وزير الدفاع، بيت هيغسيث، تكشف عن "مساع لانسجام الجيش مع الأولويات الحزبية للإدارة الأمريكية وأن يعكس رؤيتها الأيديولوجية للعالم".
وشملت التغييرات إقالة الجنرال تشارلز براون، رئيس هيئة الأركان المشتركة، والأدميرال ليزا فرانشيتي، قائدة البحرية وإلغاء مكتب التقييم الصافي، الذي كان يدعم التخطيط للحروب المستقبلية إلى حملة ضد مبادرات التنوع والمساواة والشمول حيث تبنى وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث عدة إجراءات صادمة.
وتكشف هذه الإجراءات عن تحول أكبر بكثير يتكشف في العلاقات المدنية العسكرية الأمريكية حيث يسعى القادة المدنيون في وزارة الدفاع (البنتاغون) إلى إبرام صفقة جديدة مع الجيش الأمريكي المعروف بحياده لينسجم مع الأولويات الحزبية للإدارة الأمريكية وأن يعكس رؤيتها الأيديولوجية للعالم وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية.
ويُشكل هذا التوجه الجديد خطرًا على الجيش الأمريكي وعلى الدولة فانغماس الجيش في مهام الأمن الداخلي المثيرة للجدل مثل تأمين الحدود سيجعله يفقد ثقة الجمهور وسيكون بذلك أقل استعدادًا لحماية الولايات المتحدة في الحروب ضد الخصوم الأجانب.
كما أنه لن يكون لدى القادة العسكريين الخائفين من فقدان وظائفهم أو تهميشهم حوافز لتقديم المشورة لرؤسائهم بشأن مخاطر أو تكاليف العمليات العسكرية التي تتعارض مع أولويات إدارة ترامب.
وفي الخارج، سيؤدي الموقف المتساهل تجاه إلحاق الضرر بالمدنيين إلى إضعاف نفوذ الولايات المتحدة لدى حلفائها وشركائها، وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة تُلحق الضرر بالأمن القومي الأمريكي.
ورغم التقليد الذي ينص على حياد الجيش باعتباره معيار الترقية، أشارت القيادة الحالية للبنتاغون إلى ضيق وقتها وصبرها تجاه هذا التقليد، وقالت إنها تتوقع من القادة العسكريين التوافق مع رؤيتها الأيديولوجية.
ولم يُقدّم هيغسيث أي تفسير واضح لإقالة كبار الضباط مثل براون مدعيًا أنه "ليس الرجل المناسب في الوقت الحالي" لكن آراء هيغسيث المناهضة للتنوع تلوح في الأفق حيث تكهن سابقا أن براون حصل على منصبه لأنه من أصل أفريقي كما شكك في مؤهلات فرانشيتي التي أشار لحصولها على المنصب لأنها امرأة.
أصبح هذا الاتجاه أكثر وضوحًا مع الكشف عن بديل براون حيث رشح ترامب، الفريق المتقاعد من سلاح الجو دان كين الذي لم يعد عضوًا في الخدمة الفعلية ويفتقر إلى الخبرة المطلوبة كما أنه لم يشغل سابقا منصب نائب رئيس الأركان أو رئيس أحد فروع القوات المسلحة لكن يبدو أن ترشيحه جاء بسبب الولاء.
وتُرسل القيادة المدنية الجديدة للبنتاغون رسالة مفادها أن النظرة الأيديولوجية للعالم أصبحت الآن أساسًا للفصل من الخدمة والتوظيف في الجيش الأمريكي كما تُمهّد الطريق للجيش لتولي دور أكبر بكثير في الأمن الداخلي.
وعقب إعلان ترامب حالة طوارئ وطنية على الحدود الجنوبية شارك البنتاغون بشكل متزايد في إنفاذ قوانين الهجرة، وبعد تثبيته، شدد هيغسيث على الهجرة باعتبارها من أولويات وزارة الدفاع.
وحتى الآن، اقتصرت مهمة الجيش الحدودية على دعم جهود السلطات الفيدرالية وسلطات الولايات، وهو ما يملك السلطة القانونية للقيام به لكن الحدود القانونية قيد الاختبار حيث يحظر قانون "بوسي كوميتاتوس"، وهو قانون اتحادي صدر عام 1878، استخدام القوات العسكرية النظامية في معظم مهام إنفاذ القانون المحلية، بما في ذلك اعتقال المهاجرين غير المسجلين.
وتضمن إعلان حالة الطوارئ تفويضًا لمسؤولي البنتاغون ووزارة الأمن الداخلي بتقديم تقرير بحلول 20 أبريل/نيسان الجاري بشأن ما إذا كان من الضروري تفعيل قانون التمرد لعام 1807 للسيطرة على الهجرة.
وقد استُخدم هذا القانون آخر مرة عام 1992، خلال أعمال الشغب في لوس أنجلوس، وفي حال تفعيله سيتم إعفاء الجيش من قيود "بوسي كوميتاتوس"، مما يُمكّنه من اعتقال المهاجرين وأداء مهام إنفاذ القانون المدنية الأخرى.
كما يشارك الجيش بشكل متزايد في عمليات الأمن الداخلي ضد عصابات المخدرات المكسيكية التي تُدير جزءًا كبيرًا من تجارة المخدرات والبشر عبر الحدود بين البلدين.
وقد يكون هناك جانبٌ أكثر قتامة لإشراك الجيش في مهام الأمن الداخلي في حال استهداف المعارضين السياسيين لإدارة ترامب الذي وصف في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعض معارضيه بـ"العدو الداخلي" وأثار احتمال استخدام الجيش ضدهم.
وفي ذلك الوقت وقبل فوزه في سباق البيت الأبيض، قال ترامب لقناة فوكس نيوز "لدينا بعض المرضى، اليساريون المتطرفون، ويجب أن يكون التعامل مع هذا الأمر سهلًا للغاية، إذا لزم الأمر، بواسطة الحرس الوطني، أو إذا لزم الأمر حقًا، بواسطة الجيش".
كما تحدّث ترامب عن إرسال الجيش إلى المدن والولايات التي يديرها الديمقراطيون لمكافحة الجريمة وقد تُستخدم القوات أيضًا لمواجهة المواطنين المحتجين في الشوارع وتفريقهم بالقوة.
في الوقت نفسه، يقدم البنتاغون "تنازلات" كبيرة للقادة العسكريين حيث يعفيهم مما يصفه بعض المسؤولين المدنيين بأنه إشراف غير ضروري واهتمام بحماية أرواح المدنيين في أثناء تنفيذ المهام العسكرية وهي النقطة التي أعرب هيغسيث دائما عن شكوكه بشأنها.
وبحسب المجلة "يتعين على خبراء الدفاع دق ناقوس الخطر بشأن رؤية إدارة ترامب للجيش الأمريكي الذي يتمتع تقليديا بالحياد لسبب وجيه وهو تمكين الضباط من تقديم نصائح صريحة للإدارة كما يُساعد الجيش على الحفاظ على ثقة الجمهور لكن صفقة الإدارة الجديدة ستمنع الجيش من تحقيق هدفه الرئيسي وهو الدفاع عن المواطنين الأمريكيين من التهديدات الخطيرة القادمة من الخارج".
aXA6IDE4LjE4OS4xNzAuNjYg جزيرة ام اند امز