توضيح، للأمانة فقط، هذا ليس إعلانًا.. هذا المقال يعبر فقط عن وجهة نظر شخصية.. ورجاء كذلك عدم اعتباره نوعا من إبداء النصيحة.
هذا المقال فقط رأيٌ مبني على قراءتي الشخصية المتواضعة كعامل في مجال إدارة وتطوير المنتجات التقنية، ومُحب لكل شيء جميل تحمله لنا هذه المنتجات، وكشخص مؤمن بالدور الهام لها في الاقتصاد والمجتمع وفي الحياة الشخصية، وواثق دائما بالفرص الكبيرة التي تخلقها المنتجات التقنية مع كل موجة جدية من الأجهزة والحلول.
على الأغلب لا تقرأ شركة "أبل" مقالاتي هنا باللغة العربية -على الأقل حتى الآن- وبالتأكيد لا تعرفني شخصيا.. لكنني أعتقد أن أنظمتها الإلكترونية تعرفني بشكل جيد.. كما حال الملايين حول العالم.. "أبل" لديها مجموعة متنوعة من بياناتي، فأنا مستخدم لعدد من منتجاتها اللطيفة، فلديهم اسمي، وعنواني الإلكتروني، مع جميع الرسائل، ولديها أسماء الأشخاص الأكثر قربا لي، الموجودون على قائمة الاتصال السريع في حال الطوارئ.
أنظمتهم الإلكترونية تعرف الأغاني المفضّلة عندي، وتنوع اهتماماتي الموسيقية، وتُقدم لي ترشيحاتٍ ذكيةً في الوقت المناسب.. كما يعرفون برامج البودكاست التي أتابعها، وأعتقد -إذا أرادوا- يستطيعون تقييم ذوقي في الأفلام والمسلسلات التي أشاهدها بدقة.
عندهم أحفظ معلومات جهات الاتصال، من أرقام هواتف وعناوين بريد إلكتروني، وتسميات وظيفية، وأسماء شركات، وبالتأكيد لديهم سجلٌّ يبين أنه من أصل 2300 شخص في جهات اتصالي، عمليا أتصل بستة أرقام فقط.
أحفظ عندهم أيضا عناوين صفحات الإنترنت المفضّلة لديّ، والصفحات التي أنوي قراءتها لاحقا، والتي عادةً لا أقرؤها.
هم يعرفون الألعاب، التي أحبها، ومتى أستخدمها.. عندهم توجد مُفكرتي بكل مواعيد العمل والأمور الهامة، وخطط السفر والإجازات المؤجلة، مع مواعيد أعياد ميلاد الأهل والأصدقاء المقربين، كي لا أقع في حرج معهم.
الأنظمة الإلكترونية، التي نستخدمها اليوم، تمر عبرها رسائلنا القصيرة ومحادثاتنا، التي تسيّر كثيرا من الأعمال، وتُبقينا على تواصل مع الزملاء والأصدقاء والأهل.. بل أكثر من هذا، الأنظمة الإلكترونية التي نستخدمها اليوم تعرف الكثير من مؤشراتنا الحيوية، بصمة اليد، التعرف على الوجه، دقات القلب، كم خطوة مشينا، أين ذهبنا، كم كانت سرعتنا، واثق أنهم -إذا أرادوا- يستطيعون معرفة عدم نجاحي المستمر في موضوع خسارة الوزن.
بالإضافة لكل ما سبق، لديهم أحفظ آلاف الصور الملتقَطة في أسفاري، ومناسباتي العائلية، وفعاليات أحضرها، وأنشطة أشارك فيها.. ويتعرفون بذكاء على الوجوه في صوري تلك، ويساعدونني في تجميعها وفق أماكن التقاطها، ومناسباتها، وشخصياتها.. بل حتى يفاجئونني من وقت لآخر بعرض ذكريات مميزة بذكاء لطيف مهذب.
طبعا يجب ألا ننسى تطبيقات الخرائط التي سهّلت حياتنا بشكل كبير، والتي لم يعد دورها اليوم يقتصر على توجيهنا للمكان الذي نريد، بل تساعدنا على حفظ أماكن تنقلاتنا، والأماكن التي نخطط للذهاب إليها، وتقترح علينا أماكن جديدة لزيارتها، بل حتى تخبرنا بشكل استباقي بوضع الازدحام المتوقَّع، وأرخص الطرق تكلفة.
إن الأجهزة الإلكترونية وتطبيقاتها تعرف عنا أكثر بكثير مما يعرف أقرب المقربين إلينا، وخوارزمياتها وذكاء خدماتها أصبحت تفهمنا بشكل عميق، فلم تعد ترشيحاتها عشوائية، صارت اقتراحاتها كل يوم أكثر ذكاءً وانسجاما مع خصوصية احتياجاتنا.
بالرغم من كمية التفاصيل الكثيرة، التي تمتلكها الأنظمة الإلكترونية، التي تشغل مختلف خدمات "أبل" وتطبيقات الشركات الأخرى التي نستخدمها في حياتنا اليومية، لكنني أثق بأن معلوماتي محفوظة في مكان ما بأيدٍ أمينة.. وذلك لثلاثة أسباب:
أولا، أعتقد شخصيا أن الشركات الكبرى مثل "أبل، مايكروسفت، جوجل"، تخضع لتنظيمات وقوانين وآليات حوكمة في غاية الموثوقية، مصممة لتضمن حماية بيانات المستخدمين الشخصية.
ثانيا، لأن خِيار الحفاظ على معلومات المستخدمين هو الخيار الوحيد لهذه الشركات الكبرى، فحماية بياناتنا تمثل حجر الأساس في الحفاظ على سمعة وثقة الأسواق بهذه الشركات.. فقدرة الشركات الكبرى على حماية الخصوصية والبيانات هي في قلب ميزاتها التنافسية التي تقدمها للمستفيدين من خدماتها.
ثالثا، لأنه بصراحة لا يوجد خِيار غير الاقتناع بأن السببين السابقين كفيلان بأن تكون بياناتنا آمنة في أيدي الشركات الكبرى.. فعدم الثقة بالنقطتين السابقتين سوف يتركنا أمام من خِيارَين، أولهما أن نعيش بعيدين عن خدمات العديد من التطبيقات والخدمات الإلكترونية المفيدة، وبالتالي ستكون حياتنا صعبة نعيشها بعزلة مزعجة.. وثانيهما -حال عدم اقتناعنا بالسببين السابقين- أن نعيش في حالة قلق دائم من وجود بياناتنا في أيدٍ لا نثق بها.
شخصيا، أومن بدور التكنولوجيا الإيجابي في حياتنا، وأثق بأن الشركات والجهات الناظمة لعملها تضع المعايير والإجراءات الكفيلة بحماية بياناتنا.. لكن هذه الثقة يجب أن يرافقها أيضًا من طرفنا وعيٌ باستخدام أفضل ممارسات حماية الخصوصية والوصول إلى الخدمات الرقمية.. ففي عالم تجتاح التكنولوجيا الرقمية كل تفاصيله، علينا أكثر من أي وقت مضى اتباع كل ما يلزم لتأمين حساباتنا على مختلف المنصات، وأن يكون ظهورنا الرقمي مُدارًا بطريقة مضبوطة بما يناسب غاية وجودنا على كل منصة أو خدمة إلكترونية.. وجود رقمي مُعدٌّ بحكمة للموازنة بين تأمين الوصول إلى حساباتنا واستمتاعنا بهذه الخدمات الرائعة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة