مع وصول الموسم السنوي لإصدار أجهزة الهواتف الجديدة، وحفلات الإطلاق المدهشة التي ترافقه، وتسونامي المراجعات على يوتيوب وأخواته، ونقاشات زملاء وأصدقاء العمل وخارجه.
أجدني وسط كل ذلك سنويا في حيرة، متسائلا إنْ أصبح الوقت مناسبا لتحديث هاتفي والانتقال للجيل الجديد، أم يمكنني تأجيل قرار الشراء والانتظار عاما آخر.
كشخص محب للتقنية -الحقيقة شغوف بالتقنية- بالتأكيد أثمّن لأبعد الحدود كل ميزة جدية تُضاف، ومع كل إصدار للهواتف أبحث عن الفرص الجديدة التي تقدمها التقنية لتطوير الأعمال، وجعل الحياة أسهل وأكثر متعة وأمانا.
شخصيا أستمتع لأبعد الحدود بعروض إطلاق المنتجات.. هذه العروض أصبحت اليوم أقرب للأفلام الشيقة منها لمجرد تقديم لأجهزة وميزاتها.. عروض تم صياغة كل تفاصيلها بدقة متناهية، ورسائلها التسويقية تدرس جودتها.
ولو كانت هذه العروض تقدَّم بهذا الشكل أيام دراستي للماجستير، لوفّرت على مدرس مادة التسويق الاستراتيجي الكثير من التعب بالبحث عن الأمثلة وأفضل الممارسات في ذاك الزمان.
اليوم يختلف عالمنا كثيرا عما كان عليه في 2007 عندما أطلق ستيف جوبز أول جهاز آيفون.
شخصيا أثق بأن المنتجات التقنية بشكل عام، والهواتف الذكية تحديدا، كان لها دور في رسم الكثير من تفاصيل واقعنا الحالي.
الذين عاصروا بدايات إطلاق الأجهزة الذكية، سيسهل عليهم تذكر التطور المتزايد الذي كنا نلاحظه مع كل إصدار جديد.. ففي ذلك الزمان كانت هذه الصناعة في بداياتها، وقتها كل شيء احتاج إلى أن يتم تطويره.. دقة الشاشات، حساسية اللمس، الكاميرات، البرمجيات، سرعة المعالجات، آليات التبريد، كفاءة البطاريات، جودة المواد المستخدمة، متاجر التطبيقات، إيجاد المبرمجين وتأهيلهم.
عمليا، كل شيء كان وقتها في مراحله الأولى.. لكن كما هو الحال دائما، مع إثبات أول جهاز أهمية الفكرة، لاحظت الشركات الفرص الكبيرة وراء هذا الاختراع المميز، وتدفقت الاستثمارات للأبحاث والتطوير، والتي بدورها انعكست على موجات متتالية ومتسارعة من التطويرات.
اليوم صناعة الهواتف الذكية أصبحت ناضجة إلى حد بعيد.. التقنيات والمعدات الموجودة فيها فعلا تقوم بعمل رائع.. ومع نضج الصناعة تحولت الشركات إلى رفع الكفاءة أكثر فأكثر، والبحث عن ميزات "القيمة المضافة" التي يمكن تقديمها مع كل إصدار جديد.
بشكل مبسّط، يمكن تشبيه النضج الذي وصلنا إليه في صناعة الهواتف بحالة النضج الموجودة في صناعة السيارات.
فاليوم، أنت لا تقوم بتحديث سيارتك كل عام مع كل إصدار جديد منها.. وذلك لأن صناعة السيارات فعلا وصلت إلى درجة من النضج قلّلت الفوارق الجوهرية بين الإصدارات المتلاحقة للسنوات المتتالية.
بالتأكيد غيّرت الهواتف الذكية حياتنا.. غيّرت أساليب تواصلنا، وترفيهنا، وعملنا، وحصولنا على المعلومة ومشاركتها.. ومع كل تطور جديد تجلبه معها، تنقلنا وتنقل عالمنا لأبعاد جديدة لم نكن نتوقعها قبل 29 يونيو 2007، يوم إطلاق ستيف جوبز أول آيفون.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة