اليوم العالمي للتمييز العنصري.. كيف فاقم كورونا من المشاكل؟
تحيي منظمة الأمم المتحدة اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري في ظروف صعبة خلفتها جائحة كورونا أثرت على مجتمعات اللاجئين والنازحين.
اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، الذي يوافق 21 مارس/آذار، أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة على خلفية مقتل 69 شخصاً في مظاهرة سلمية في جنوب أفريقيا ضد "قوانين المرور" في 21 مارس عام 1960.
ويهدف الحدث إلى تذكير المجتمع الدولي بضحايا التمييز العنصري، ودعوته إلى مضاعفة جهوده من أجل القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
موضوع احتفالية عام 2021 "الشباب يقفون ضد العنصرية"، بهدف إشراك الجمهور من خلال هاشتاق #FightRacism، لتعزيز ثقافة عالمية من التسامح والمساواة ومناهضة التمييز، من خلال دعوة كل شخص إلى الوقوف ضد التحيز العنصري والمواقف غير المتسامحة.
اختيار هذا الموضوع أيضا هدفه تسليط الضوء على نشاط عدد كبير من الشباب، معظمهم من المراهقين ومن هم في عمر الـ20، خلال جائحة كورونا التي فرضت قيودًا على التجمعات العامة في العديد من البلدان.
ودعت الأمم المتحدة، خلال الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، الجميع للانضمام إلى الشباب الذين يقربنا من ثقافة التسامح والمساواة ومناهضة التمييز، من خلال الوقوف ضد التحيز العنصري والتعصب.
أيضا دعت إلى تمكين الشباب لإعمال حقوقهم في حرية التعبير والتجمع والوصول إلى المعلومات، لأن لهم أيضًا الحق في المشاركة في حياة المجتمع.
تأثير كورونا
مع بدء انتشار الفيروس في أوائل عام 2020، انطلقت جائحة موازية من الكراهية والعنف والخوف ضد بعض الأعراق والجنسيات. وسرعان ما اتضح أن اللامساواة الصارخة، المتجذرة أحيانًا في العنصرية، قد عرّضت الأقليات لخطر أكبر للإصابة بالعدوى والموت.
أثر فيروس كورونا بشكل كبير على الشباب، بما في ذلك من يصنفون ضمن الأقليات، إذ يتصارع الكثيرون الآن مع زيادة التمييز العنصري، إضافة إلى الانقطاعات الشديدة في تعليمهم وآفاق العمالة المتناقصة، والقدرة المحدودة على المشاركة في الحياة العامة، ما يعيق التمكين الفردي والاجتماعي لهم.
مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين تحدثت أيضا في أكثر من مناسبة عن تأثير فيروس "كوفيد-19" على مجتمعات اللاجئين والنازحين، التي تُعدّ من الأكثر ضعفاً وهشاشة حول العالم.
وقالت المفوضية، في مؤتمر صحفي افتراضي خلال مارس بمناسبة مرور عام على جائحة كورونا، إن "تداعيات الفيروس التاجي على اللاجئين والنازحين هائلة، إذ فقد العديد منهم مصادر رزقهم بسبب الإغلاقات، خاصة أنهم من أكثر من يعتمدون على الأجور اليومية كدخل للأسرة".
وفقا لأرقام المفوضية، فإن من بين 80 مليون شخص أجبروا على النزوح حول العالم، 26 مليون لاجئ يعيشون في مناطق نائية، والكثير منهم يقيمون في مناطق فيها بنية تحتية صحية بسيطة للغاية.
وأفادت المفوضية بأن اللاجئين فقدوا مصادر دخلهم بسرعة كبيرة بسبب الإغلاقات، وفي فترة قصيرة جداً انحدروا إلى الفقر، مشيرة إلى أن عدداً أقل من الناس تمكن من الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية العادية، ودعت البلدان إلى إدماجهم في خطط توزيع اللقاحات الوطنية خلال عام 2021.
رغم جهود المفوضية الأممية لتوفير لقاحات كورونا للاجئين فإن الأمر شاق، لكنها تعمل على الأمر مع الالتزام بمبادئ التخصيص التي وضعها مرفق كوفاكس.
وفقا لأرقام المفوضية فإن "106 من الدول ضمت اللاجئين والنازحين داخلياً في خططها، ولا تزال دول أخرى تعمل بجد لإدماجهم".
أيضا قدمت 380 طناً من معدات الحماية الشخصية والمستلزمات الطبية لعدد من الدول حول العالم، يشمل الكمامات ومكثفات الأكسجين والملابس الطبية.
المساواة ومناهضة العنصرية
جميع البشر يولدون أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق، ولديهم القدرة على المساهمة بشكل بناء في تنمية مجتمعاتهم ورفاهها.
لذا حظرت الأمم المتحدة التمييز العنصري في جميع الصكوك الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، ما يفرض التزامات على الدول ويكلفها بالقضاء على التمييز في المجالين العام والخاص.
كما يتطلب مبدأ المساواة من الدول اعتماد تدابير خاصة للقضاء على الظروف التي تسبب التمييز العنصري أو تساعد على إدامته.
وشددت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أحدث قراراتها، على أن أي عقيدة للتفوق العنصري هي عقيدة خاطئة علميًا ومدانة أخلاقياً وظالمة وخطيرة اجتماعياً ويجب رفضها، إلى جانب النظريات التي تحاول تحديد وجود أعراق بشرية منفصلة.
على مر السنين، تحتفل مُنظَّمة الأُمَم المُتَّحِدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بهذا اليوم الدولي، من خلال تنظيم فعاليات في مقرها ومكاتبها الميدانية، وكذلك بالتعاون مع المدن المنضمة لعضوية التحالف الدولي للمدن المستدامة الشاملة للجميع.
وقالت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي إن "التمييز العنصري لم يصبح مجرد صفحة في كتب التاريخ، بل لا يزال أمراً واقعاً حتى اليوم".
وأضافت أزولاي، في رسالتها بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري: "هذا النوع البشع من الاستبعاد والتعصب لا يزال يتجلى في ميادين الرياضة ووسائل الإعلام وفي الشارع وفي أماكن العمل وحتى في أروقة السلطة".
ورأت أن "خلال نصف القرن الذي مضى على دخول الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري حيز النفاذ في عام 1969، أُبطل العديد من أشد القوانين عنصرية في جميع أنحاء العالم، وتمّ إلغاء العبودية والفصل العنصري".
بينما رأى المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي، أن "آفة العنصرية أدت إلى تدمير العديد من الأرواح مع عواقب مأساوية".
وأضاف المفوض، في بيان بهذه المناسبة: "رأيت بنفسي كيف أن العنصرية والتمييز العنصري هما السبب الجذري للاضطهاد والنزوح. يمكن أن تساعد مكافحتهما في منع ذلك. كما أنه سيقلل من التمييز والوصم الخطرين اللذين كثيرًا ما يواجههما اللاجئون في بلدان اللجوء".
وطالب بضرورة انتهاز هذه الفرصة للعمل من أجل عالم ليس فقط ضد العنصرية، بل ومناهض للعنصرية بشكل فعال.