حكومة بودن.. طوق نجاة تونس و"خناق صامت" يحاصر الإخوان
أشهر مرت على أداء نجلاء بودن اليمين رئيسة لحكومة تونس في محطة فارقة بتاريخ بلد نفض لتوه غبار الإخوان واستبعدهم من الحكم.
تكليف جاء بعد فترة قصيرة من تدابير استثنائية أقرها الرئيس التونسي قيس سعيد، في 25 يوليو/ تموز الماضي، وقضت بتجميد عمل البرلمان الذي كان الإخوان يهيمنون على تركيبته، وإقالة رئيس الحكومة الموالي لهم هشام المشيشي.
حكومة صامتة تعمل بلا ضجيج في سياق بالغ التعقيد، وبتشكيلة تضم 24 عضوا بينهم 9 نساء، تسعى بودن لإخراج تونس من عنق زجاجة أجبرت على دخولها خلال عشرية حكم الإخوان.
امرأة لا يسمع صوتها، تعمل في سر وبكد، ويراها السواد الأعظم من التونسيين طوق نجاة ستنقذهم من ظلمات الإخوان وتنير درب البلاد وتستعيد بريقها.
أهداف وملفات وضعتها بودن منذ أدائها القسم في 11 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ضمن أولويات حكومتها، في مقدمتها محاربة الفساد وتطهير البلاد من براثن الإخوان ومافيا الإرهاب والنهب والسرقة وإصلاح الوضع الاقتصادي وتحسين الوضع الاجتماعي للشعب التونسي .
تسيير دواليب الدولة
يرى محسن النابتي، المتحدث الرسمي باسم حزب "التيار الشعبي" في تونس أن الحكومة جاءت في وضع استثنائي صعب، وأن الأزمة ليست بالجديدة بل تعاني منها تونس منذ السنوات العشر الأخيرة.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، قال النابتي إن حكومة بودن حافظت حتى الآن على السير اليومي لدواليب الدولة.
وأشار إلى وجود تهويل للوضع الاقتصادي التونسي، قائلا "بالفعل الوضع صعب، وهناك انخرام (عدم توازن) في المالية العمومية حيث تعاني البلاد من حصيلة مُرة من حكم الجماعة (الإخوان) والإرهابيين، لكن في الآن ذاته نطالب هذه الحكومة بأن تكون أكثر صرامة خاصة في مواجهة الصعوبات".
وأضاف: "هناك كثير من المؤسسات الموازية للجماعة تتلاعب بقوت التونسيين وبمواردهم الاستهلاكية وذلك لتأليب المواطنين على الدولة"، داعيا إلى "مجابهة هؤلاء الاشخاص بكل حزم".
كما دعا النابتي، الرئيس قيس سعيد إلى إصدار مراسيم جديدة تتعلق بوضع عقوبات صارمة وتأميم ممتلكات من يحرم التونسيين من البضائع المعيشية.
وطالب الحكومة بوضع إجراءات استثنائية على مستوى تعبئة موارد الدولة والتعويل على القطاع السياحي والتحضير له باعتباره على الأبواب، حاثا على ضرورة الاهتمام أكثر بقطاعات الزراعة والمحروقات والفوسفات والمزيد من العمل على الإنتاجية لمساعدة الدولة في تعبئة مواردها.
وأمس الخميس، أعلن مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، في بيان، عن عميق انشغاله إزاء التأخير في مجال تعبئة الموارد الخارجية الضرورية للبلاد.
وبحسب النابتي، فإنه من الضروري أيضا إيجاد شراكات مع الدول الأجنبية الصديقة والعربية الشقيقة التي أغلبها تساند قرارات قيس سعيد الاستثنائية، وذلك لمساعدة تونس وإخراجها من هذا الضغط.
وأكد أن البديل موجود سواء كان بعقد شراكات مع دول عربية وأجنبية أو تفعيل كل مقدرات الشعب التونسي والتعويل عليه.
الفساد وأخطاء الماضي
من جانبه، يعتبر حمدي الصديق، المحلل والناشط السياسي التونسي، أن مسؤولية جسيمة موضوعة على عاتق نجلاء بودن في إثبات مدى جدارة المرأة بتولي المناصب القيادية العليا في البلاد، مشيرا إلى أنها مدعوة إلى أن تقود باقتدار حكومة تضم من بين أعضائها 9 وزيرات.
وقال الصديق، لـ"العين الإخبارية"، إن بودن استطاعت خلال الفترة الماضية فتح العديد من الملفات في مقدمتها الفساد الذي يتطلب الكثير من الجهد والوقت، إضافة إلى ملف صندوق النقد الدولي الذي يدعو تونس إلى تنفيذ إصلاحات من أجل دعم البلاد، كما أنها تخوض حاليا حربا على الإخوان بدعم من الرئيس سعيد.
وأوضح أن فترة حكم بودن صعبة ولكنها ستتجاوزها بفضل دعم الشعب لها، لافتا إلى أن الحكومة مطالبة بتجنب عدة أخطاء ارتكبها رؤساء الحكومات السابقون المدعومون من الإخوان لتتمكن من النجاح في مهمتها.
كما شدد على ضرورة التوصل لحل الأزمة الاقتصادية والمالية الصعبة ودفع الاستثمار.
ونجلاء بودن؛ من مواليد 1958، وهي أستاذة علوم الجيولوجيا في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس.
وشغلت قبل تكليفها، مهمة تنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وتولت قبل ذلك مناصب عدة في مجال التخطيط والإدارة ضمن الوزارة.
aXA6IDMuMTI5LjE5NS4yNTQg جزيرة ام اند امز