الاتفاق السعودي الإيراني.. تدشين لحظة "ما بعد أمريكا في الشرق الأوسط"
تبرز الاتفاقية التي وقعتها السعودية وإيران برعاية صينية، باعتبارها الحدث الذي يدشن حضور بكين على ساحة الشرق الأوسط وتراجع واشنطن.
وأعد موقع "فوكس" الأمريكي تحليلا عن أهمية الاتفاق الذي وقعته السعودية وإيران، الذي بموجبه ستستأنفان العلاقات الدبلوماسية بعد توقف دام سبعة أعوام.
"مرحبا بلحظة ما بعد أمريكا في الشرق الأوسط"، هكذا بدأ الموقع الأمريكي تحليله، قائلًا إن نفوذ الولايات المتحدة بدأ في التآكل لعقود من الزمان، من الامتداد المدمر لسنوات ما بعد 11 سبتمبر/أيلول إلى دبلوماسية الصفقات للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
ويوم الجمعة، استأنفت السعودية وإيران العلاقات الدبلوماسية بعد سبعة أعوام من التوترات المحتدمة والمواجهات العنيفة بينهما. وفي غضون شهرين، سيعيد البلدان فتح سفاراتيهما وتعهد كلاهما "باحترام سيادة البلدان وعدم التدخل في شؤونهما الداخلية".
وقال "فوكس" إنه في حين قد لا يعني التطبيع وقف العنف بشتى أنحاء المنطقة، يجب أن يرحب الجميع بالتوقف في العداء الصريح بين البلدين. وتأتي هذه الانفراجة بعد سنوات من المحادثات، التي أجريت في العراق وعمان.
واعتبر التحليل أن الديناميكية الأكثر إثارة للاهتمام قد تكون قيادة الصين للأمر. وقال تشاس فريمان، دبلوماسي متقاعد ضليع في شؤون الشرق الأوسط والصين: "إذا خلقت فراغا دبلوماسيا، سيملأه أحد آخر. هذا في الأساس ما حدث بالسياسة الأمريكية في الخليج. إنه تطور كبير حقا".
ويظهر لعب الصين دورا في الأمر أين تتحول القوة العالمية – وتحولا ذا مغزى في كيفية إدارة الرئيس الصيني شي جين بينغ السياسة المتعلقة بالشرق الأوسط.
وأوضح فريمان أن بكين حتى الآن كانت حذرة في الاضطلاع بدور نشط هناك، وهذه الدبلوماسية، رغم أهميتها، لا تعني أن الصين تحاول إزاحة الدور الأمني للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بل بدلا من ذلك تحاول الصين "إنتاج بيئة دولية سلمية هناك، يمكن إجراء الأعمال التجارية في ظلها."
ويبدو أن السعودية، الشريك القديم للولايات المتحدة، تغربل أيديها من التزامها تجاه عالم أمريكي أحادي القطب. ويقول ذلك الكثير عن كيفية إدارة الرياض للسياسة الخارجية مع تقريب المملكة للصين وإيران، في السعي وراء الأمن بعيدا عن الحلفاء الغربيين التقليديين.
ورأى التحليل أن الدبلوماسية والتطبيع أمر جيد إذا كان سيؤدي إلى مزيد من التواصل وتهدئة التوترات.
وبالرغم من أن السعودية أطلعت الولايات المتحدة على المحادثات، لم تكن واشنطن مشاركة مباشرة فيها. ولا يربط الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية مع إيران، ولم يكن التقارب السعودي الإيراني على ما يبدو شيئا تعمل من أجله إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وجادل فريمان، الذي كان سفيرا لدى السعودية من 1989 إلى 1992، بأن السعودية والدول الخليجية كانوا يصيغون بالفعل سياسة خارجية مستقلة عن الولايات المتحدة، ردا على ما اعتبروه تنازلا عن عرش المسؤولية العسكرية الأمريكية بالخليج وانعدام الكفاءة الدبلوماسية.
وبعدما تدخلت إيران في المسارات الرئيسية لشحن الطاقة حول مضيق هرمز وداخله وهجومها أو وكلائها على منشأة نفطية تابعة لشركة أرامكو السعودية عام 2019، لم ترد الولايات المتحدة بالقوة العسكرية.
ورأى التحليل أن ضبط النفس الأمريكي ربما كان ذكيا فيما يتعلق بعدم تصعيد التوترات، لكنه ترك السعودية وشركائها دون الشعور بالدعم الأمني الأمريكي.
وقال فريمان: "في الأساس، تخلفت الولايات المتحدة عن التزام طويل الأمد حيث كان علينا أن نكون الداعم الاستراتيجي والمدافع عن الدول الخليجية"، مشيرا إلى أن التقصير الدبلوماسي الأمريكي فتح باب الفرصة أمام شخص آخر للظهور كصانع سلاح، "والآن تتحدث المنطقة عن نفسها. إنها لا تتبع إملاءات أحد."
وربما كانت إيران، التي تشهد احتجاجات مستمرة ضد الحكومة، أكثر استعدادا لإبرام اتفاق. وليس واضحا بعد ما إذا كان تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية هو مصالحة حقيقية أم مجرد وقف قصير للأعمال العدائية.
وبغض النظر عن الأمر، اعتبر التحليل أنه مؤشر واعد على الاستقرار في المنطقة على المدى القصير – وإن لم يكن الأمر كذلك بالنسبة للنفوذ الأمريكي فيها.
وأشار التحليل في "فوكس" إلى أن الصين هي أكبر شريك تجاري للخليج ومعظم دول الشرق الأوسط، ولديها مصلحة فعلية في تهدئة التوترات. وبالنظر إلى الأمام، اتخذت السعودية خيارا استراتيجيا هنا وبمكان آخر – حيث تتطلع إلى الانضمام إلى مجموعة بريكس للبلدان النامية والحصول على صفة مراقب في منظمة شنغهاي للتعاون.
وقال أندرو ليبر عالم السياسة الذي يركز على الشؤون السعودية بجامعة تولين: "يشير الأمر إلى أن المملكة تريد التركيز على التنمية الاقتصادية الداخلية أكثر من الصراعات الجيوسياسية بالوقت الراهن، لاسيما مع وصول الصراعات في سوريا اليمن إلى طريق مسدود وانشغال قادة إيران بالاضطرابات الداخلية."
aXA6IDMuMTQ1LjYxLjE5OSA= جزيرة ام اند امز