مقتل الصماد صدمة موجعة مُني بها أتباع الحوثيين، ورغم ما يُشاع بأن الجماعة تركته مكشوفاً من دون أمن، فهذا لا يغطي على براعة استهدافه.
بعد أكثر من مائة يوم من مفاوضات الكويت قبل عامين، اغتال الحوثيون مشاورات الكويت التي أعلن المبعوث الأممي آنذاك ولد الشيخ "ضمنياً" فشلها، في الوقت الذي أعلن فيه انقلابيو اليمن تشكيل ما يسمى المجلس السياسي الأعلى، وأُوكل إليه إدارة شؤون البلاد قبل أن يعلنوا تشكيل حكومة (انقلابية) لاحقاً، وقد عيَّن الحوثيون صالح الصماد الذي ينحدر من محافظة صعدة، حيث معقلهم الأساس، رئيساً لهذا المجلس، وأوكلوا إليه مهمة ترغيب القبائل وترهيبها برفد المقاتلين أو دفع الإتاوات.
وكعادة أغلب قيادات الجماعة، لم يكمل الصماد عقده الرابع حتى قُضي عليه، وأعلنت الجماعة ذلك وخرج زعيمها عبد الملك الحوثي بخطاب استعطاف آخر ليحفظ ماء وجه الجماعة أمام أنصارها الذين لا يعرفون منطقاً غير القوة، وهنا مربط الحكاية.
سقوط المطلوب الثاني في قائمة الحوثيين المطلوبين لدى تحالف دعم الشرعية في اليمن، قد يُذكِّر الحوثيين بأن السلام بين أيديهم، وأنهم أصحاب القرار في الحفاظ على أرواح مَنْ تبقى من قياداتهم، والأهم من ذلك أن بيدهم وقف الحرب، خصوصاً أن إيران بدأت مسبقاً تتضجّر من بلادة الجماعة، سواء في الحكم أو تنفيذ المخطط الصعب عليهم
مقتل الصماد صدمة موجعة مني بها أتباع الحوثيين، ورغم ما يشاع بأن الجماعة تركته مكشوفاً من دون أمن، فهذا لا يغطي على براعة استهدافه والقيادات التي كانت معه.
اختار الحوثيون خلفاً للصماد لم يتم إدراجه في قائمة التحالف، لكن ذلك قطعاً لا يعني أنه ليس هدفاً عسكرياً مشروعاً، فالذي يصدر أوامر القتال ضد الشعب اليمني وإرسال الصواريخ الباليستية، لن يتوقع أحدهم أن يمر مرور الكرام.
مقتل الصماد يرد على الحوثيين الذين أصروا على لغة القوة، وارتبكوا منذ كشف غطاؤهم السياسي الذي انتفض عليهم وقتلوه، علي عبد الله صالح بات يلاحقهم حتى في وفاته، فهو كما ترجح الأوساط المقربة من حزبه في صنعاء صاحب فكرة المجلس السياسي الذي كان يريده ثغرة لاحقة للانقضاض على شركائه الحوثيين.
بيد أن سقوط المطلوب الثاني في قائمة الحوثيين المطلوبين لدى تحالف دعم الشرعية في اليمن، قد يُذكِّر الحوثيين بأن السلام بين أيديهم، وأنهم أصحاب القرار في الحفاظ على أرواح مَنْ تبقى من قياداتهم، والأهم من ذلك أن بيدهم وقف الحرب، خصوصاً أن إيران بدأت مسبقاً تتضجّر من بلادة الجماعة، سواء في الحكم أو تنفيذ المخطط الصعب عليهم، والذي لن ولم ولا تسمح به دول التحالف بقيادة السعودية.
فهل يستمر الجهل السياسي للحوثيين وسوء إدارة العلاقات الدولية للجماعة الانقلابية؟ المؤشرات تقول نعم، فالجماعة بعد إعلانها عن مقتل الصماد وبعدها بساعة أعلنت النفير وبدأت مجدداً تزايد بالتصعيد العسكري، متناسية أنه لا يوجد تصعيد أكبر من إطلاق الصواريخ الباليستية على المناطق السكنية السعودية بما يربو على مائة صاروخ.
لا توجد حكومة في العالم أجمع تريد الحرب، وما تحمله من مآس إنسانية واقتصادية، والحوثيون ومن وراءهم إيران يريدون إطالة أمد الحرب بالصواريخ، والتجويع واستخدام الموانئ والمطارات وضعف الناس أدوات حرب لا يمكن التعويل عليها، فالقوة هي اللغة المفضلة مع جماعة مثل الحوثيين، ويبقى السلام بين أيديهم والمرجعيات واضحة وتضمن لهم الوقاية من الاستهداف العسكري وتسليم السلاح، والانخراط في العمل السياسي كحزب وليس كحزب الله آخر على الحدود السعودية- اليمنية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة