بهاء طاهر.. صاحب "واحة الغروب" يترك بصمته (بروفايل)
"لا أفهم معنى للموت، لكن ما دام محتما فلنترك بصمة"، هكذا لخص بهاء طاهر رؤيته للموت، ليرحل تاركا بصمة في الأرض وشرخا في الوجدان.
كانت حياة بهاء طاهر درامية، لا تشبه حياة الآخرين، وكان مشروعه الثقافي والأدبي فريدا بشهادة الجميع، فلم يشبه أحدا، ولم يستعجل شيئا، وكانت مؤلفاته تخرج على فترات متباعدة، وتترك صداها الذي يليق في كل مرة بطول غيابه.
بهاء طاهر.. مواقف بارزة
مواقف كثيرة في حياة بهاء طاهر جاءت لتعلن عن شخصيته وأفكاره وآرائه في كل شيء، وبشجاعة غير مألوفة كان يتحمل تبعات مواقفه، ففي وقت مبكر من حياته مٌنع من الكتابة 8 سنوات بين عامي 1975 و1983.
حينها انتقد صاحب "خالتي صفية والدير" الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، وقال: "في عهده كانت القاعدة هي أن بوسع المرء نشر أي شيء، ولكن يجب عليه تحمل العواقب، أي أن يتم وضعه في السجن أو ألا يحصل على أجر عمله".
كان بهاء طاهر متقنا للغة الإنجليزية، وعمل لفترة مترجما لدى الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، وبعد منعه من الكتابة قرر الهجرة، وتنّقل بين بلدان آسيا وأفريقيا للعمل بالترجمة، واستقر به المقام في جنيف عام 1981 مترجما بمكتب الأمم المتحدة لمدة 14 عامًا.
عاد بهاء طاهر من الغربة في عهد الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، وكان له موقف شهير معه، حين رفض جائزة مبارك للآداب عام 2009، معلنًا احتجاجه على الأوضاع في بلده آنذاك، وعندما قامت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 رد الجائزة وقيمتها المالية.
من هو بهاء طاهر؟
هو روائي وقاص ومترجم، ولد في محافظة الجيزة شمال مصر في 13 يناير/كانون الثاني 1935، تخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1956، ونال دبلوم الدراسات العليا في شعبة إذاعة وتلفزيون عام 1973، وعمل مترجمًا في الهيئة العامة للاستعلامات بين 1956 و1957.
كما عمل مخرجًا للدراما ومذيعًا في إذاعة "البرنامج الثاني" حتى عام 1975، وكان أحد مؤسسيه، وبعد منعه من الكتابة ترك مصر إلى أفريقيا وآسيا حيث عمل مترجما، وعاش في جنيف بين عامي 1981 و1995 للعمل مترجمًا في الأمم المتحدة، وعاد بعدها إلى مصر حتى وفاته.
حصل بهاء طاهر على الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" عام 2008 عن روايته الشهيرة "واحة الغروب" الصادرة عام 2006، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1998، وجائزة جوزيبي أكيربي الإيطالية عام 2000، وجائزة مبارك للآداب عام 2009.
من أبرز أعماله "بالأمس حلمت بك" و"أنا الملك جئت" و"شرق النخيل" و"قالت ضحى" و"خالتي صفية والدير" و"ذهبت إلى شلال" و"الحب في المنفى" و"واحة الغروب".
وفاة بهاء طاهر
توفي بهاء طاهر، مساء الخميس، عن عمر ناهز 87 عامًا، وخاض في آخر أيامه صراعًا مع المرض، جعله يتوارى عن الأنظار، ليأتي رحيله صادمًا لمحبيه وزملائه في الوسط الثقافي، ونعته وزيرة الثقافة المصرية، معربة عن "حزنها الشديد لفقدان كاتب عظيم من رعيل الكتاب الكبار، جادت به أرض مصر، ليثري الإبداع والمكتبة العربية بعشرات من الروايات والدراسات".
ونعاه الأديب المصري يوسف زيدان بكلمات أمل دنقل: "كل الأحبة يرتحلون فترحل عن العين شيئًا فشيئًا أُلفة هذا الوطن"، كما نعاه الكاتب والروائي المصري مصطفى بيومي قائلًا: "بهاء طاهر لا يشبه أحدا. عزاؤنا الوحيد أن أمثاله لا يموتون"، ونعته الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر: "الثقافة المصرية فقدت اليوم واحدا من أهم أعمدة الأدب والرواية فى مصر والوطن العربى، وبرغم غيابه بقضاء الله، إلا أنه سيظل بيننا بأعماله الأدبية التى طالما تعلمنا منها، والتى ستبقيه بيننا وبين الأجيال القادمة".