"فرصة موت".. مآسي "رحلة البحر المجهولة" في فيلم فلسطيني
الفيلم يطرح الصراع الداخلي بين الإنسان وذاته حول البقاء داخل أرض الوطن أو الغربة خارجه مع عامل الضغوطات المحيطة به
هواجس ومخاوف الهجرة لدى الشباب الفلسطيني في قطاع غزة مع انعدام الفرص المهنية والمعيشية، رصدها فيلم "فرصة موت" الذي فاز بالمركز الأول من بين 120 فيلماً في مهرجان "الأورومتوسطي لأفلام حقوق الإنسان القصيرة".
ويطرح الفيلم الصراع الداخلي بين الإنسان وذاته حول البقاء داخل أرض الوطن أو الغربة خارجه مع عامل الضغوطات المحيطة به المتمثلة في الزوجة التي ترنو إلى حياة كريمة ومستقبل أفضل لعائلتها وطفلها خارج الوطن، في حين أن الزوج يرفض الفكرة مستشهداً بتجارب سابقة لأشخاص كانت خاسرة ومميتة.
وأوضح رباح البزم، مخرج الفيلم الفائز لـ"العين الإخبارية" أن "فرصة موت" فيلم دراما قصير يعالج موضوع هجرة الأوطان خاصة عبر البحر.
وأشار إلى أن فكرة الفيلم مستوحاة من صور الغرقى في البحار وهم يركبون مخاطر البحر هرباً من ظروف بلادهم وبحثاً عن حياة آمنة ومستقرة.
وقال: "أكثر ما آلمني صورة الطفل السوري الذي ألقاه البحر على شاطئه ميتاً في مشهد يهز الوجدان وكذلك صور عشرات الغرقى من العرب، ومنهم عدد من أهالي غزة".
وفي عام 2015، ألقت الأمواج جثة الطفل السوري آلان (3 سنوات) على الشواطئ التركية، إثر انقلاب قارب كان يقل عائلته مع آخرين أثناء محاولة الوصول إلى جزيرة كوس اليونانية.
ولقي شقيق آلان ويدعى غالب (5 سنوات)، وأمه ريحان (35 عاما) حتفهما وهم يحاولون الهجرة إلى كندا بعدما فروا من الصراع في مدينة كوباني السورية.
صراع بين زوجين
جوهر الفيلم، وفق المخرج البزم، هو صراع بين زوجين أحدهما وهي الزوجة ضحى (مصورة فوتوغرافية) تريد الهجرة لتلد في أوروبا لتبعد طفلها عن مشاق الحياة وتمنحه جنسية دولة أوروبية توفر له حياة كريمة، بينما الزوج قاسم لا يريد الهجرة غير الشرعية وإنما يعتقد أن الهجرة يجب أن تكون بشكل رسمي بعيداً عن مخاطر البحر والقوارب.
وقال البزم: "حاولنا أن نعالج الهجرة غير الشرعية خاصة عبر البحار وأتمنى أن نكون تمكنا من توصيل الفكرة للناس لأننا خاطبنا الإنسانية جميعاً".
وشهرياً يعلن عن تسجيل حالات غرق خلال محاولات هجرة غير شرعية عبر البحر المتوسط، نتيجة انقلاب قواربهم، والملاحقات الأمنية وفوضى المهربين.
ووثقت جهات فلسطينية آلاف حالات الهجرة من غزة في السنوات الأخيرة، على خلفية التدهور غير المسبوق في الأوضاع المعيشية تحت حكم "حماس" وبسبب الحصار الإسرائيلي، وتم التأكد من غرق عشرات الحالات منهم.
رسالة الفيلم
قال بطل الفيلم، الممثل إسماعيل دحلان الذي لعب دور قاسم لـ"العين الإخبارية": إنه عاش على صعيده الشخصي صراع الهجرة، بحثاً عن فرصة أفضل في الخارج.
وأشار إلى أنه يمتهن الفن التشيكلي بغزة، قائلاً: "هنا لا توجد فرصة كبيرة لهذا اللون الفني.. وكثيرون ينصحونني بالهجرة للخارج لتوفر فرصة مهمة للفن التشيكيلي".
وذكر أنه ضد الهجرة لكن إن كانت هناك فرصة للفرد خارج بلده فينبغي أن تكون الهجرة شرعية ورسمية، وعلّق: "قناعتي تلك لامست أيضاً فكرة الفيلم لذلك قمت بالدور بدقة عالية لإيماني بالفكرة".
وأوضح أن رسالة الفيلم بالتأكيد تصل للناس وللشباب أكثر لأنهم يشكلون غالبية المهاجرين أو من يفكرون بالهجرة، وهي محاولة لإقناع الشباب بالتفكير السليم في موضوع الحياة والموت".
ريهام فتحي الفنانة الفلسطينية التي أدت دور الزوجة "ضحى" عبّرت عن فرحتها بفوز الفيلم بالمركز الأولي في المهرجان.
وشكرت فتحي وهي ممثلة مسرحية فلسطينية من غزة كل من ساهم في نجاح هذا العمل الذي يحمل رسالة مهمة متعلقة بالشباب والهجرة غير الشرعية.
بصمة خاصة
أما مصطفى النبيه، الناقد السينمائي والمخرج يعتقد أن العمل السينمائي الفلسطيني شكل بصمة خاصة وتميز بمهارات متقدمة أهلته للوصول إلى العالمية.
وقال النبيه لـ"العين الإخبارية": "السينما الفلسطينية لها أسلوبها ومفرداتها المميزة لذلك نجحت السينما الفلسطينية في نقل المعاناة الفلسطينية للخارج، ودليل النجاح الجوائز الدولية والإقليمية التي تحصدها وكذلك عرض الأفلام في الكثير من القنوات العربية والغربية".
أفلام حقوق الإنسان
حصل الفيلم على المركز الأول مساء الاثنين الماضي، عندما أعلنت النتائج النهائية لمهرجان "الأرومتوسطي لأفلام حقوق الإنسان القصيرة".
وشارك في إعلان النتائج منسق المهرجان "أحمد ليلى"، والمشرف العام للمهرجان وعضو لجنة التحكيم "حسام أبو دان"، وأعضاء لجنة التحكيم المخرجة اللبنانية "نيكول كماتو" والمخرج الفلسطيني "أشرف مشهراوي".
قال منسق المهرجان، أحمد ليلى إنّ فريق المهرجان استقبل أكثر من 120 فيلماً يناقش قضايا حقوقية مختلفة في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيما تركز الجزء الأكبر منهم على تسليط الضوء على معاناة المدنيين في مناطق النزاع.
وأضاف أن تقييماً شاملاً للأعمال المقدمة تم من قبل لجنة تحكيم متخصصة تضم في عضويتها نخبة من صنّاع الأفلام والمنتجين والنشطاء والصحفيين في مجال حقوق الإنسان، والتي خلصت إلى ترشيح 13 فيلماً للمرحلة النهائية، فاز منها 3 أفلام بجوائز المسابقة.
وقال المشرف العام للمهرجان، حسام أبودان، إن الفن أسهل الوسائل لإيصال الرسائل للجمهور، إذ أنّ الأفلام التي تتمحور حول حقوق الإنسان دائماً ما تعمل على إيصال الرسائل والمفاهيم الحقوقية إلى المجتمع بطريقة درامية سلسة.
وأكّد أن لجنة التحكيم راعت جميع المعايير المهمة عند تقييم الأفلام المشاركة واختيار الفائزين، وركزت على الأسلوب والمعالجة الدرامية للفكرة والرسائل التي يحملها الفيلم، والتصوير والإخراج، إلى جانب عدة عوامل أخرى.
بدورها، أثنت المخرجة اللبنانية، وعضو لجنة التحكيم، نيكول كماتو على المستوى المتقدم للأفلام المشاركة، وقالت إنّها عكست جهداً حقيقياً من خلال التجديد والابتكار في المحتوى.
aXA6IDE4LjIyMC45Ny4xNjEg جزيرة ام اند امز