المصري محمد عبدالعزيز.. الجامع بين متناقضين ومجدد إذاعة القرآن الكريم
"العين الإخبارية" ترصد محطات في مسيرة الإذاعي محمد عبدالعزيز، أشهر مقدمي إذاعة القرآن الكريم، مع كشف خطة تطوير الإذاعة..
"إذاعة القرآن الكريم من القاهرة"، انطلقت هذه الكلمات قبل 58 عاما، ليحدد بها الإعلامي والإذاعي محمد عبدالعزيز هوية إذاعة القرآن الكريم، لتظل عالقة في آذان المستمعين وأقرانه من الرعيل الأول لمؤسسي الإذاعة المصرية.
وصباح السبت، توفي الإذاعي المخضرم محمد عبدالعزيز عن عمر يناهز 80 عاما، بعد أن قضى بداياته في إذاعة القرآن الكريم قبل أن ينتقل لتقديم البرامج الدينية في التلفزيون المصري، دون أن يترك الإذاعة، حيث انضم للجنة تطويرها قبل وفاته بنحو 5 أشهر.
حسن مدني، رئيس إذاعة القرآن الكريم، قال لـ"العين الإخبارية": "فقدنا زميلا وأخا عزيزا علينا جميعا، لا أزال أذكره حينما كان يبث التغطيات من التلفزيون بينما كنت أبث الإرسال من الإذاعة، ومؤخرا تعاملت معه في لجنة تطوير الإذاعة، ولا أنسى كيف كان يعمل بكل جهد دون كلل ولا ملل".
وفي أبريل/نيسان الماضي، شُكلت لجنة لتطوير إذاعة القرآن الكريم، وضمت كلا من حسن مدني رئيس إذاعة القرآن الكريم الحالي، ومحمد أبوالوفا وعبدالصمد الدسوقي رئيسا إذاعة القران الكريم سابقا، ومعهم الراحل محمد عبدالعزيز.
وحول أهم إنجازات لجنة التطوير التي استمرت لمدة 3 أشهر، يوضح مدني: "نجحنا في إلغاء البرامج الدينية المتشابهة وحاليا لدينا أقل من 40 برنامجا دينيا وأصبحت فترات التلاوة تشغل أكثر من 80% من خريطة الشبكة على مدار الـ24 ساعة".
وأضاف رئيس إذاعة القرآن الكريم: "كل 8 دقائق نقدم تلاوة مختلفة، وحددنا المدة الزمنية للبرنامج الواحد بألا تتجاوز 10 دقائق، وجعلنا الفترات المفتوحة للرد على الفتاوى والتساؤلات حتى لا نترك المستمعين لقمة سائغة في أيدي الذين يتنطعون باسم الدين أو غير المتخصصين".
ومستكملا الحديث عن التطوير، قال محمد نوار، رئيس الإذاعة المصرية لـ"العين الإخبارية": "هدفنا العودة للشعار الأول لإذاعة القرآن الكريم وهو "كلام رب العالمين وأقوال سيد المرسلين"، لذا قمنا بتقليص عدد البرامج بعد أن وصل عددها إلى 60 برنامجا، فحذفنا المتشابه وطورنا البرامج المتبقية.
وأضاف: "بدأنا باستقبال شباب المتحدثين من الجهات المختلفة سواء دار الإفتاء أو الأزهر أو غيرهم، وقلصنا وقت الإعلانات خلال وقت محدد من الفترة الصباحية والمسائية بدلا من بثها على مدار اليوم".
الجمع بين متناقضين
عبدالعزيز عمران، رئيس الإدارة المركزية للبرامج الدينية في التلفزيون المصري، يقول لـ"العين الإخبارية": "اليوم فقدنا زميلا عزيزا كان ضمن رعيل مؤسسي إذاعة القرآن الكريم والبرامج التلفزيونية في التلفزيون العربي خلال فترة الاتحاد مع سوريا".
وأضاف عمران لـ"العين الإخبارية": "أكثر ما يميزه كان الجمع بين أمرين يكادا أن يكونا متناقضين وهما التواضع الجم والعزة بالنفس التي قد نرجعها إلى أنه ولد في بيت علم، فكان يعلم قدر نفسه، فأبوه وجده كانا من علماء الأزهر، وبفضل حفظه القرآن الكريم وتفوقه، استطاع الالتحاق بالمعهد الديني وعمره 10 سنوات وهو أصغر من أقرانه بعامين".
وتابع: "عند التحاقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، نجح في أن يصبح رئيس اتحاد الطلبة وتعرف إلى العديد من الشخصيات العامة حينها، حتى إنه جلس مع الرئيس جمال عبدالناصر ضمن وفد طلابي في سن صغيرة".
واستكمل متحدثا عن رفيق دربه: "بعدها عمل في إذاعة صوت العرب ثم إذاعة القرآن الكريم وقدم عدة برامج أشهرها (في رحاب الإيمان) وحوله إلى كتاب دون مقدمته حينذاك الإمام عبدالحليم محمود رحمة الله عليه".
يقول عمران الذي عاصره طوال فترة الثمانينيات: "لم يمنع عبدالعزيز معرفته بقيمة نفسه أن يكون متواضعا، كان يعامل الصغير والكبير كأنه واحد منهم، حتى زمالته وصداقته للرئيس مأمون عبدالقيوم (الرئيس الثالث لجزر المالديف) وتعيينه له رئيسا شرفيا للقنصلية في مصر، لم يغير من هذا التواضع بل على العكس زاده إحسانا للجميع".
إحسان باق ودموع لا تنسى
وعن أحد المواقف التي لا ينساها الأستاذ عبدالعزيز عمران لزميله ورفيقه الراحل يقول: "في مرة تدخل الأستاذ محمد عبدالعزيز لأحد العاملين بعدما تعثر في سداد أقساط شقته، وذهب معه بنفسه للمحافظة لحل الأمر وطلب تأجيل الدفع وضمنه في ذلك الوقت".
من جانبها، تتذكره الإذاعية هاجر سعد الدين وتقول لـ"العين الإخبارية": "لم أتعامل معه في عمل إذاعي ولكنني تعاملت مع الفقيد على المستوى الشخصي، كان فقيها وعالما وبرامجه كانت ناجحة جدا، ولا أزال أتذكر عندما كان يتحدث في أحد برامجه عن الرسول صلى الله عليه وسلم ثم بكى، حينها عرفت أننا أمام شخص يتحدث بينما إحساسه وعقله ووجدانه حاضرون معه في كل كلمة".
ويقول الإعلامي محمد نوار عن الراحل: "لطالما كانت له بصمات في البرامج الدينية التي قدمها على مدار حياته، سواء في الإذاعة أو التلفزيون الذي انتقل له بعد 4 سنوات من العمل في الإذاعة، فضلا عن عمله في لجنة التطوير خلال الأشهر القليلة التي سبقت وفاته".
وعن جملته الشهيرة "إذاعة القرآن الكريم من القاهرة"، يوضح "نوار" أن الإذاعة المصرية كانت تبث التلاوات دون تقديم، فكان أقصى ما يقدم هو اسم السورة مع عدد الآيات، حتى جاء الإذاعي محمد عبدالعزيز فكان أول من قال هذه العبارة.
يُشار إلى أن الإعلامي محمد عبدالعزيز تزوج لفترة قصيرة لكنه لم ينجب أبناء، مكرسا حياته للإذاعة، تاركا مؤلفين هما "في رحاب الإيمان" و"الكلم الطيب".
وفي وقت سابق اليوم، شيع الآلاف جثمان محمد عبدالعزيز في مسقط رأسه بتفاهنا العزب بمحافظة الغربية.
وتستمر المسيرة
وعقب وفاة الأستاذ محمد عبدالعزيز، تجدد الحديث حول احتمالية فراغ إذاعة القرآن الكريم من المؤسسين، وهو ما يرد عليه حسن مدني، رئيس شبكة إذاعة القرآن الكريم بقوله: "مسيرة الإذاعة لا تتوقف على شخص بعينه لكنها تستمر، بالطبع نحزن لمن يفارقنا لكن البرامج الدينية لا تزال مليئة بالكوادر والمسيرة تستمر.. ومسألة الفراغ غير واردة بل على العكس أكثر ما يشغلنا هو التطوير".
وحول خطة تطوير إذاعة القرآن الكريم، يوضح مدني: "التطوير مستمر، فهناك دورة إذاعية يومية وهناك أخرى لحظية نغير فيها الخريطة في حدث ما أو توقيت بعينه، والأهم لدينا ألا تكون الإذاعة منعزلة عن الواقع بل نقدم الدين الوسطي الذي يرتبط بتقدم المجتمع".
وتابع رئيس إذاعة القرآن الكريم: "نحاول ألا تكون إذاعة القرآن في برج عالٍ ولكن على العكس تقدم كل ما يتعلق بواقع المجتمع أو ما يسمى فقه المقاصد، فنحث دائما على الأخلاقيات والابتعاد عن السلبيات ودائما ندعو للإيجابيات وحب الوطن والدفاع عنه والانتماء ومحاربة الفكر المتطرف".
aXA6IDMuMTQ5LjIzLjEyMyA=
جزيرة ام اند امز