الكونغولية ديبورا كاييمبي.. من خطر الموت إلى رئاسة جامعة إدنبره
مر أكثر من 16 عاما على فرار الكونغولية ديبورا كاييمبي من منزلها في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وذلك بعدما أدركت أن مليشيا مسلحة ساعدت في كشف أمرها أرادت قتلها، وهي تستعد اليوم لأن تصبح رئيسة جامعة إدنبره العريقة التي سيرأسها شخص صاحب بشرة سمراء للمرة الأولى.
منذ ذلك الحين، طلبت كاييمبي اللجوء في بريطانيا وأنشأت أسرة واستقرت في إدنبره، حيث عملت محامية في مجال حقوق الإنسان وناشطة سياسية.
ورغم حياتها المليئة بالمشقات والإنجازات، قالت إنها لم تكن مستعدة للرسالة التي تلقتها بعد ظهر الأول من شباط/فبراير الجاري.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، سئلت عما إذا كانت تقبل ترشيحها لمنصب رئيس جامعة إدنبره التي أسست في القرن السادس عشر.
قبلت العرض ظنا منها أن حظوظها ليست بكبيرة.
عندما وصلتها الرسالة التي تخبرها بتعيينها لتصبح أول رئيس أسود للجامعة، بعد 162 عاما من تعيين وليام غلادستون أول رئيس للجامعة، كانت كاييمبي (45 عاما) عاجزة عن الكلام.
وقالت لوكالة الأنباء الفرنسية "إنه أمر لم أتخيّل أبدا أنه سيحصل في حياتي"، مضيفة "لم أسع لهذه الفرصة أبدا. لقد قدّمت لي على طبق".
وأضافت "لذلك.. في الأول من شباط/فبراير عند الساعة 12,30 ظهرا عندما تم إخطاري رسميا بأنني المرشحة الوحيدة المناسبة لهذا المنصب... قلت في نفسي، يا إلهي. لقد تحقق الأمر".
عنصرية
قبل أشهر من ترشيحها، وجدت كاييمبي نفسها في قلب صراع أرادت تجنبه منذ البداية.
فقد كانت ضحية للعنصرية في اسكتلندا.
لكن الهجمات وصلت إلى ذروتها في حزيران/يونيو الماضي مع اندلاع احتجاجات مناهضة للعنصرية في كل أنحاء العالم بعد وفاة المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد خلال توقيفه من الشرطة.
فقد كانت كاييمبي متوجهة إلى اجتماع عندما فقدت السيطرة على سيارتها وانحرفت عن الطريق.
وبعدما تفصّحت السيارة، وجدت أن إطاراتها الأربعة مليئة بالمسامير.
وقالت "في المرات السابقة، لزمت الصمت، ففي بعض الأحيان يجب أن تتحلى بقلب واسع للسماح للأمور بالمرور من أجل المصلحة المشتركة، لكن ما حدث لي في ذلك اليوم كان غير مقبول".
ونشرت كاييمبي ما حدث لها على وسائل التواصل الاجتماعي.
لكن بدل المواجهة، اختارت تبني رسالة التسامح والحوار مع مرتكبي الانتهاكات.
وروت "قلت اسمعوا، هذه الأشياء أصبحت من الماضي، لقد تجاوزناها، إذا كنتم لا تزالون لا تفهمون ذلك، فأنا في حاجة إلى التحاور معكم، كانت هذه رسالتي".
وبعد فترة وجيزة من الحادث، عادت ابنة كاييمبي إلى المنزل من المدرسة، وهي تبكي لأن أحد المدرّسين طلب منها تأدية رقصة للعبيد أمام رفاقها في الصف.
وبعد مواجهة المدرسة، قدمت كاييمبي التماسا للبرلمان الاسكتلندي من أجل التصدي بشكل عاجل للعنصرية المنتشرة في مدارس البلاد وجامعاتها.
وافق البرلمان على طلبها ومن المقرر أن يناقش الأمر خلال الأشهر المقبلة.
وكانت رسالة كاييمبي الداعية إلى الحوار والتسامح هي التي لفتت انتباه جامعة إدنبره التي تضم بين متخرجيها رؤساء وزراء وحائزي جوائز نوبل وأبطال أولمبيين.
وقالت كاييمبي "قالوا لي بصفتك رئيسة الجامعة، ستصل رسالتك إلى العالم كله. وهذا هو سبب رغبتنا في حصولك على هذا المنصب".
فخر وطني
وقالت كاييمبي التي ولدت في كينشاسا وترعرعت لدى عمها وهو طبيب، إن عائلتها في جمهورية الكونغو الديمقراطية تأثرت جدا عند تلقيها تلك الأنباء.
وأوضحت "هناك شعور بفخر وطني وهم ينتظرون حفلة التنصيب المقررة في الصيف ليأتوا إلى اسكتلندا ويروا ذلك بأعينهم".
وستكون أولويتها بعد تنصيبها في الأول من آذار/مارس المقبل التأكد من أن الجامعة تجذب "ألمع العقول في اسكتلندا" لمساعدتها على التعافي بعد جائحة كوفيد-19.
وكان للوباء أثر جانبي إيجابي من خلال فتح إمكانات التعلم عن بعد، وهو أمر تراه كاييمبي فرصة لأفريقيا.
لم تعد كاييمبي وهي عضو في نقابة المحامين الكونغوليين منذ عام 2000، إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ هروبها. فحياتها ما زالت مهددة.
لكنها تأمل في استخدام منصبها كرئيسة للجامعة على مدى السنوات الثلاث المقبلة، للترويج لأفضل تعليم للقارة السمراء.
وقالت "أفريقيا في حاجة إلى التعليم، أفضل تعليم. سيكون دوري التأكد من أن ذلك هو على رأس الأولويات".