بعد تلويح بوتين بالنووي.. ما خيارات بايدن والغرب؟
بعد أسابيع من "تقدم" كييف وما تلاه من تلويح روسي بـ"النووي"، باتت أزمة أوكرانيا في منعطف "خطير"، لم تصل إليه منذ اندلاعها قبل 7 أشهر.
ذلك المنعطف حذر منه تحليل أعده الكاتب أندرياس كلوث، ونشرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أشار فيه إلى إمكانية لجوء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى استخدام السلاح النووي، كما هدد مجددا هذا الأسبوع.
وفيما قال التحليل، إن التصعيد النووي لن يكون بالنسبة لبوتين وسيلة لانتزاع النصر من بين أنياب الهزيمة، لكن لانتزاع البقاء، أشار إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها، وكذلك أصدقاء بوتين المفترضون في الصين وأماكن أخرى، عليهم أن يفكروا في كيف سيردون على تلك الخطوة الروسية المحتملة.
وقال الكاتب أندرياس كلوث إن الرئيس الروسي على عكس القادة الديمقراطيين ليس أمامه وسيلة للتقاعد بسلام "بعد كل الضرر الذي تسبب فيه"، مشيرا إلى أنه "يعلم أن نهايته قد تكون فوضوية"، على حد قوله.
وأشار إلى أن بوتين لا يريد استخدام الأسلحة النووية لذاتها، كما لا يريد مواصلة القتال في "عمليته العسكرية الخاصة" ضد أوكرانيا، لكنه يواصل القتال لأنه غير قادر على الفوز، مما يجعله يضطر إلى نفض الغبار عن العقيدة الروسية التي يسميها المحللون الغربيون "التصعيد من أجل خفض التصعيد"، وتعني استخدام الأسلحة النووية لتجنب حرب تقليدية (غير نووية).
وبحسب التحليل، فإن بوتين قد يطلق واحدًا أو أكثر من الأسلحة النووية "التكتيكية" (على عكس الاستراتيجية)؛ والتي ستكون محدودة المدى وكافية للقضاء على موقع للجيش الأوكراني أو مركز لوجيستي، لكنها "أصغر" من أن تمحو مدينة بأكملها.
"إجبار" أوكرانيا
وبإلقاء مثل تلك القنبلة، يشير بوتين إلى رغبته في استخدام المزيد وسيكون دافعه إجبار أوكرانيا على الاستسلام، والغرب على الخروج من الصراع؛ إذ يريد الرئيس الروسي من "أعدائه" التنحي حتى يتمكن من إعلان النصر والبقاء في السلطة، بحسب التحليل.
وقال الكاتب أندرياس كلوث إن مثل هذا العمل الذي وصفه بـ"اليائس" سيمثل أحلك تحول في تاريخ البشرية منذ هيروشيما وناجازاكي، فاستخدام الأسلحة النووية لن يقتل أعدادا كبيرة من الأبرياء فحسب، لكنه "سيسبب أيضا إرهابا دائما في جميع أنحاء العالم".
وتساءل الكاتب: ماذا يجب على الرئيس الأمريكي جو بايدن فعله؟ ليجيب قائلا إنه "عليه ردع بوتين، وفي الوقت نفسه تجهيز رد حال أقدم الرئيس الروسي على التصعيد".
ولخص ماثيو كرونيج، من مؤسسة "المجلس الأطلسي" البحثية الأمريكية، بعض الخيارات المتاحة على أي ضربة نووية روسية محدودة، مشيرا إلى أنه ستؤدي إلى زيادة جميع التدابير التي اتخذها الغرب بالفعل ضد روسيا للضعف أو لثلاثة أضعاف، مما يعزل موسكو تماما عن العالم الغربي.
تحرك غربي
وبدلا من الإذعان، فإن الغرب سيرسل أيضا مزيدا من القوات والأسلحة إلى أوكرانيا، بما في ذلك، أسلحة نووية، إلى الجبهة الشرقية لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
وبحسب التحليل، فإن مثل هذه الاستجابة المحدودة ستستهدف عن عمد وقف أي تصعيد قبل أن يبدأ، إلا أنه حذر من أن إشكالية أن بوتين قد لا يجد مثل هذه الاستجابة "مخيفة" بما يكفي ليرتدع.
فيما تتمثل المشكلة الثانية في أن الاستجابة المحدودة قد تبدو غير ملائمة للأوكرانيين وباقي العالم، فيما يعتقد حكام مثل زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون أنه يمكن استخدام الباليستي والإفلات من العواقب.
وأشار التحليل إلى وجود خيارين عسكريين أمام بايدن، أحدها أن يكون الرد من نفس النوع، بنشر أسلحة نووية تكتيكية محدودة التأثير من أجل الاستعراض، بالمحيط القطبي الشمالي أو سيبيريا البعيدة.
لكن تتمثل العواقب أمام هذا الخيار أنه سيحول المواجهة إلى نهاية "مرعبة"؛ إذ ربما يؤدي إلى سلسلة من التفجيرات التكتيكية، فروسيا التي تتساوى تقريبا مع الولايات المتحدة في الأسلحة النووية الاستراتيجية لديها 10 أضعاف عدد الرؤوس الحربية التكتيكية.
خطأ بشري
وأشار إلى أنه سيصبح من المستحيل معرفة ما قد يؤدي إليه هذا السيناريو، خاصة عند وضع الخطأ البشري في الحسبان، حيث ستكون هناك مخاطرة بوقوع أرمجدون.
ويتمثل الخيار العسكري الأفضل -بحسب التحليل- في ضربة أمريكية تقليدية على القوات الروسية، تنطلق من القاعدة التي شنت منها الضربة النووية، ما من شأنه أنه يعطي أوكرانيا والعالم إشارة على أن أي خرق للمحرمات النووية سيكون له عقاب، كما ستكون الرسالة إلى بوتين أنه ليس بإمكانه التصعيد من أجل تحقيق التهدئة، لأن الغرب سيتدخل لهزيمته.
إلا أن التحليل حذر من أن العقبة -هنا- تتمثل في أن هذا الرد سيرقى إلى حد الصدام المباشر بين روسيا والناتو، وسينطوي على مخاطر حرب عالمية ثالثة في نهاية المطاف، مشيرا إلى أن بوتين قد يستنتج أن الولايات المتحدة ليست مستعدة للانتقام باستخدام الأسلحة النووية، ويشن مزيدا من الضربات النووية.
الخيار الأفضل
ذلك التطور، سيثير تساؤلا آخر يجب أن يجيب بايدن عليه، بمجرد أن يتخذ قراره بكيفية الاستجابة للمستويات المختلفة من التصعيد، كيف يجب عليه نقل ذلك إلى بوتين والحلفاء والأعداء والرأي العام؟
ورأى التحليل أن أفضل خيار -والذي يبدو أن بايدن اختاره- هو أن يبقى غامضا بشكل متعمد، بحسب التحليل الذي قال إنه رغم أن ذلك لن يطمئن الأوكرانيين، إلا أنه سيجعل بوتين يفترض الأسوأ.
وتحدث التحليل عن خيار آخر، يمكن للولايات المتحدة اتخاذه وهو التخطيط لإجراء تغيير النظام -أي إخراج بوتين ودائرته المقربة من الحكم- حال حدوث تصعيد نووي، إلا أنه في هذه الحالة سيكون من الأفضل إيصال ذلك بشكل محدد وخاص إلى الرئيس الروسي.
وبحسب التحليل، فإنه بغض النظر عن العداء بين بكين وواشنطن والنزاعات الأخرى الدائرة، فإن شبح الحرب النووية قد يوحد العالم ضد التهديد، ويدفع الرئيسين الأمريكي والصيني وجميع قادة العالم لتنحية خلافاتهم جانبًا وإرسال رسالة إلى بوتين مفادها: "إذا استخدمت النووي سنحرص على إخراجك (من السلطة)".
aXA6IDMuMTQxLjM1LjI3IA== جزيرة ام اند امز