الاختلال البيئي يبدأ من الحشرات.. تدهور صامت

تعاني الحشرات من ارتفاع درجات الحرارة، ما يُؤثر على تنوعها البيولوجي.
تُعد الحشرات أكثر المجموعات الحيوانية تنوعًا ووفرة على سطح الأرض، وما زال علماء الحشرات يكشفون يومًا بعد يوم عن أنواع جديدة، ما يجعل علم الحشرات (Entomology) من أهم العلوم وأكثر إثارة وتشويقًا. وتلعب الحشرات دورًا محوريًا في حفظ النظام البيئي على الأرض بفضل تنوعها وغزارة أعدادها؛ فهي تُساهم في تلقيح النباتات، وتقدم العديد من المنتجات المفيدة، مثل: العسل والشمع والحرير وغيرهم. لكن خلال السنوات الأخيرة، ومع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، صارت الحشرات في مواجهة مخاطر عدة، وشهدت تراجعًا واضحًا أظهرته عدة أبحاث علمية.
وفي هذا الصدد، أجرت مجموعة بحثية دولية مراجعة شاملة لدراسة مدى وفرة الحشرات وتأثرها بالعوامل البيئية في المناطق الاستوائية عبر القارات، وشملت الدراسة علماء من: أمريكا الجنوبية، آسيا، أستراليا، وأوروبا، ما يجعل ذلك البحث فريدًا ويقدم رؤى مبتكرة حول الشراكات العلمية حول العالم؛ خاصة وأنّ معظم أبحاث تلك القضية كانت قد أُجريت في أوروبا على الرغم من أنّ معظم الحشرات تعيش في الغابات الاستوائية، ونقص البيانات والمعلومات قد تسبب في جعل الفهم محدودًا حولها. ما جعل دراستهم التي نُشرت يوم 4 أبريل/نيسان 2025 في دورية "نيتشر ريفيوز بيودايفرسيتي" (Nature Reviews Biodiversity) فريدة من نوعها.
تهديدات
تواجه الحشرات في المناطق الاستوائية خاصة العديد من التهديدات التي تشمل: التحضر، فقدان الموائل، التلوث الناتج عن الزراعة، الأنواع الغازية. إضافة إلى التغيرات المناخية التي قادت إلى ارتفاع مطرد في درجات الحرارة واضطرابات في الظروف الطقسية. وما يزيد الأمر سوءًا هو ظاهرة النينو المتسببة في ارتفاع درجات الحرارة.
عواقب وخيمة
أشار الباحثون إلى العواقب الوخيمة لانخفاض أعداد الحشرات على عمليات النظام البيئي الرئيسية، مثل دورة الكربون، وهي أحد أهم الدورات البيوجيوكيميائية، وعند حدوث أي تغيرات عليها؛ فقد يمتد تأثير تلك التغيرات إلى مستوى العالم. من جانب آخر، قد تتسبب التغيرات المناخية والبيئية في زيادة تفشي الأمراض التي تنتقل عبر الحشرات إلى البشر، مثل: حمى الضنك والملاريا. وهناك بعض الأمراض الأخرى التي قد تنتقل عبر الحشرات إلى الحيوانات والمحاصيل، ما يؤثر على الأمن الغذائي العالمي.
واجه الباحثون العديد من التحديات بسبب نقص البيانات في الغابات الاستوائية، لكن استطاعوا توظيف الذكاء الاصطناعي والأساليب الوراثية لمعالجة تلك التحديات، وأشاروا إلى ضرورة جمع بيانات طويلة المدى للحشرات الاستوائية؛ لبناء قاعدة بيانات قوية من شأنها أن تعزز أبحاث الحشرات.