اتفاق غزة.. لماذا يتعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية؟
تواجه المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة، تحديات متعددة، من نزع سلاح حماس، إلى الحكم الانتقالي، وقوة الاستقرار الدولية.
ومع اقتراب يناير/كانون الثاني 2026، تحوّل الاهتمام العالمي إلى المرحلة التالية من وقف إطلاق النار والتي تهدف وفقا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى نزع سلاح حماس، والانسحاب الإسرائيلي من غزة، ونشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار، وإنشاء لجنة فلسطينية تكنوقراطية تحت إشراف مجلس السلام، ونقل السلطة إلى السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها.
ورغم أن الخطة تتضمن الكثير من الجوانب الإيجابية فإنه يوجد الكثير من الغموض بشأن عدد من تفاصيلها.
كما أن تبادل الاتهامات حول انتهاكات وقف إطلاق النار يقوض الثقة بشدة، وفقا لما ذكره موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي.
وتشير الجهود الدبلوماسية الحالية، والنماذج التحليلية القائمة على البحث، والمعايير المرجعية من اتفاقيات أخرى في الشرق الأوسط، إلى أن نسبة نجاح المرحلة الثانية من اتفاق غزة تتراوح بين 20 و30%.
ويستند هذا التقييم المتشائم إلى هيمنة إسرائيل العسكرية التي تصطدم بتعنت حماس، لذا فإن تحقيق التهدئة سيبقى أمرا صعبا بدون العزيمة والدبلوماسية الأمريكية، على حد قول التقرير.
وتركز المرحلة الثانية بشكل أساسي على نزع سلاح حماس، إذ دعت الخطة التي اقترحها ترامب إلى عملية نزع سلاح كاملة، وهو ما ترفضه الحركة التي استعادت السيطرة المدنية على أجزاء من غزة.
ومؤخرا، أشارت حماس إلى أنها منفتحة على تجميد أسلحتها أو تخزينها، لكن هذا يتعارض مع خطة ترامب.
وكانت عمليات نزع السلاح الأخرى التي أشرفت عليها الأمم المتحدة في البوسنة (1995)، ولبنان (2005)، قد واجهت مقاومةً، ونادرًا ما نجحت.
كما أنها عادة ما تطلبت قوةً ساحقةً، مما أدى إلى نفور المدنيين.
وما لم يكن هناك مسار واضح نحو إقامة دولة فلسطينية، أو على الأقل إنهاء الانسحاب الإسرائيلي من غزة، فحتى الدول التي تتمتع بنفوذ على حماس، مثل تركيا وقطر، قد لا تتمكن من إجبار الحركة على إلقاء أسلحتها، وفق التقرير ذاته.
والأربعاء، قال مصدر في وزارة الخارجية التركية إن الوزير هاكان فيدان التقى مع مسؤولين من المكتب السياسي لحركة حماس في أنقرة لمناقشة وقف إطلاق النار في قطاع غزة ودفع الاتفاق للمرحلة الثانية.
وأضاف المصدر أن مسؤولي حماس أبلغوا فيدان بأنهم استوفوا متطلبات الاتفاق لكن إسرائيل تواصل استهداف غزة لمنع الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق.
وأشار المصدر إلى أن مسؤولي حماس قالوا أيضا إن دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ليس كافيا وإن سلعا حيوية مثل الأدوية وتجهيزات المساكن والوقود مطلوبة بشدة.
وفيما يتعلق بانسحاب إسرائيل من غزة، تتضمن الخطة الشاملة خفض القوات تدريجيًا من خلال بناء الثقة وإعادة الانتشار التدريجي، إلا أن إسرائيل لديها القدرة على المماطلة في ضوء شروط وقف إطلاق النار التي منحتها السلطة النهائية في تحديد المعايير والمراحل الزمنية، بما في ذلك الفتح الكامل لمعبر رفح.
ويعد إنشاء إدارة حكم انتقالي بقيادة لجنة فلسطينية غير سياسية وذات طابع تكنوقراطي جزءًا أساسيًا من خطة ترامب، إذ من المقرر أن تعمل هذه الهيئة تحت إشراف مجلس السلام الدولي الانتقالي.
ولا يزال تشكيل المجلس غامضًا، فلا توجد معايير محددة لتعيين الأعضاء، أو آليات صنع القرار، أو إمكانية خضوعه لإشراف الأمم المتحدة.
وفيما يتعلق بقوة الاستقرار، فمن المتوقع أن تتألف مبدئيًا من قوة تتراوح بين 6000 و20000 فرد من مختلف الدول، وقد يقودها جنرال أمريكي برتبة لواء لضمان المصداقية لدى إسرائيل.
ولا يزال العمل جاريًا على وضع هيكل القيادة، وسكن القوات، وبروتوكولات التدريب، وقواعد الاشتباك.
ومن المرجح أن تركز القوة بشكل أساسي على تحقيق الاستقرار وفرض السلام، مع الإشارة إلى القرار 2803 الذي ينص على استخدام "جميع التدابير اللازمة".
وتستند هذه القوة إلى نماذج عديدة، لكن القليل منها قد يرضي إسرائيل مثل بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل)، وقوة كوسوفو بقيادة حلف شمال الأطلسي (كفور)؛ أو البعثة الأمنية التي أُنشئت في البلقان بموجب اتفاقيات دايتون للسلام عام 1995.
ومن المرجح منح القوة صلاحيات أقوى، لكنها مشروطة بتحقيق مراحل محددة في نزع السلاح، مثل نزع سلاح حماس وتدمير البنية التحتية الهجومية.
ويتمثل أحد التحديات الرئيسية في ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون انقطاع، حيث تتطلب المرحلة الثانية وصولاً غير مقيد واستمرار عمليات الإمداد المنسقة مع الحفاظ على النظام وتقليل عدد حالات الإنذار بالمجاعة.