هل تتآكل الديمقراطية الأمريكية؟.. عورات متتالية تتكشف

على الرغم من تنامي التهديدات للديمقراطية على مدى عقود، إلا أنها ظهرت بصورة أكثر وضوحا وخطورة إلى العلن هذا العام.
شهدت السنوات الماضية تصاعد التوترات بين القادة السياسيين في الولايات المتحدة.
وبسبب تورط الحزبين الديمقراطي والجمهوري في صراع حاد ضد بعضهما البعض، ازداد شكوك كل جانب تجاه الآخر.
وأثار كل عمل يقوم به أحد المعسكرين رد فعل مضاد أكبر من الآخر، مما أدى في بعض الأحيان إلى تجاوز حدود الدستور، ليتبع ذلك في الأغلب النزاعات وعنف الغوغاء، وفقا لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية.
بات قادة الحزب المهيمن على قناعة بأن أملهم الوحيد في إصلاح الحكومة هو بذل كل ما في وسعهم لإضعاف خصومهم وتكميم أفواه المعارضة.
ووقع الرئيس الأمريكي على أحكام القانون التي جعلت من الصعب على المهاجرين (الذين كانوا يميلون إلى دعم المعارضة) الحصول على الجنسية والتي فرضت ترحيل أولئك الذين اعتبروا خطرين أو الذين جاءوا من دول "معادية"، وليسمح قانون آخر بمحاكمة أولئك الذين ينتقدون إدارته علانية، مثل ناشري الصحف.
قد يبدو الكثير من هذا مألوفًا لأي شخص يعيش في الوقت الحاضر في الولايات المتحدة، لكن الصراعات السياسية كانت تضطرم في الحياة اليومية للأمريكيين منذ القرن الثامن عشر.
كان الفيدراليون (الديمقراطيون) والجمهوريون يعيشون في أحياء مختلفة ويحضرون كنائس مختلفة، وكان الفيدراليون، المتمركزون بشكل خاص في نيو إنجلاند، يقدرون هويتهم الأنجلو أمريكية، وحتى بعد الثورة الأمريكية احتفظوا بتقاربهم مع البلد الأم، فيما اعتبر الجمهوريون أنفسهم كوزموبوليتانيين، يعتزون بمثل الحرية والمساواة ودافعوا عن الثورة الفرنسية وازدراء بريطانيا العظمى.
ووفقا لتحليل "فورين أفيرز" فقد واجهت الولايات المتحدة أربعة تهديدات محددة هي الاستقطاب السياسي، والصراع حول من ينتمي إلى المجتمع السياسي، وتزايد حدة التفاوت الاقتصادي، والسلطة التنفيذية المفرطة.
على الرغم من تنامي التهديدات للديمقراطية على مدى عقود، إلا أنها ظهرت بصورة أكثر وضوحا وخطورة إلى العلن هذا العام.
وكشفت جائحة كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية التي أحدثتها خطوط الصدع الحزبية والاقتصادية والعرقية في الولايات المتحدة، فقد كان الأمريكيون الملونون أكثر ضحايا فيروس كورونا، وكان معدل دخول الأمريكيين الأفارقة إلى المستشفى للعلاج من كوفيد خمسة أضعاف دخول البيض إلى المستشفى وكان معدلات الوفاة بينهم واحدة من كل أربع حالات وفاة مرتبطة بالفيروس.
وأدى الركود الناجم عن الوباء إلى تفاقم عدم المساواة الاقتصادية، وعرّض الأشخاص الأكثر ضعفاً اقتصادياً لفقدان الوظائف، وانعدام الأمن الغذائي والمسكن، وفقدان التأمين الصحي.
كما أبرزت احتجاجات حياة السود مهمة التي اندلعت بعد مقتل جورج فلويد على يد الشرطة في مينيابوليس في مايو/أيار، العنصرية المنهجية التي تهمين على السياسة والمجتمع الأمريكي منذ فترة طويلة.
وقد استغل الرئيس دونالد ترامب بلا رحمة هذه الانقسامات الآخذة في الاتساع لصرف الانتباه عن سوء إدارة حكومته للجائحة ومهاجمة من يعتبرهم أعداءه الشخصيين أو السياسيين.
وأكدت الانتخابات الفوضوية التي حدثت أثناء الجائحة، في ويسكونسن وجورجيا، على سبيل المثال، الخطر المتزايد على الديمقراطية الأمريكية الذي تشكله التهديدات اليوم.
ولحماية الجمهورية، يجب على الأمريكيين جعل تعزيز الديمقراطية على رأس أولوياتهم السياسية، واستخدامها لتوجيه القادة الذين يختارونهم، والأجندات التي يدعمونها، والأنشطة التي يتابعونها.
وخلص التقرير إلى أن النصف الأول من عام 2020 عمّق أزمة الديمقراطية في الولايات المتحدة. كما أدى تفشي الجائحة والركود وضعف القيادة إلى بروز التهديدات الأربعة للديمقراطية وزاد من تفاقمها.
في الوقت نفسه فإن الاحتجاجات الواسعة النطاق لحركة حياة السود مهمة التي ملأت الشوارع والساحات العامة في المدن والبلدات في جميع أنحاء البلاد منذ الربيع، تجبر أعدادا غير مسبوقة من الأمريكيين على مواجهة تاريخ بلادهم المخزي من عدم المساواة العرقية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU3IA== جزيرة ام اند امز