«انقلاب» الكونغو الديمقراطية..هل عاقبت أمريكا «تشيسكيدي» بسبب الصين؟
حلقات مفقودة في محاولة الانقلاب الفاشل بالكونغو الديمقراطية تمنح المجال لفرضية «العقاب الأمريكي» ردعا للنفوذ الصيني.
ومع أن الطرح يظل فرضية كغيره، فإن تقاطع الحيثيات والمصالح أيضا يشي بأن واحدة من الحلقات المفقودة قد تكون «لدغة أمريكية» في قصر الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي.
وفي 19 مايو/أيار الماضي، هاجم مسلحون «كونغوليون وأجانب» منزل أحد الوزراء قبل دخول "قصر الأمة" حيث مقر الرئيس تشيسكيدي في العاصمة كينشاسا.
لكن محاولة الانقلاب فشلت في تحقيق أهدافها، حيث أعلن الجيش إحباطها، فيما تظل كواليسها غامضة وسط التوضيحات الرسمية المقتضبة.
التنين في الردهة
شكلت زيارة رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، إلى الصين، قبل عام، فصلا جديدا من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
لكنها بنظر مراقبين، أثارت القلق الأمريكي إزاء تحركات "التنين" نحو تلك البقعة الرابضة وسط القارة الأفريقية، واتجاه واشنطن لتبني إجراءات مضادة، بما قد ينعكس على الأوضاع الأمنية في المنطقة سلباً
وتم خلال تلك الزيارة التي التقى خلالها تشيسكيدي نظيره الصيني شي جين بينغ، الاتفاق على الارتقاء بالعلاقات بين البلدين من مرحلة "الشراكة الاستراتيجية للتعاون المربح للجانبين"، التي تم إطلاقها عام 2015، إلى مرحلة "الشراكة الاستراتيجية الشاملة".
كما جرى الإعلان عن إبرام اتفاقيات وخطط لتعزيز التعاون المشترك في كافة المجالات، بما في ذلك الأمنية.
وفي إطار التعاون العسكري بين البلدين، تسلمت كينشاسا، منتصف مايو/أيار 2023، الدفعة الأولى من الطائرات المسيرة الصينية من طراز "سي أتش – 4" (CH-4).
حدث ذلك بالتزامن مع اتجاه البلد الأفريقي للاستعانة بالقوة الإقليمية لمجموعة دول تنمية الجنوب الأفريقي (سادك)، لنشر قواتها في شرق الكونغو الديمقراطية ودعم جهود فرض الاستقرار في هذه المنطقة المضطربة.
والتوجه جاء بعدما فشلت قوات مجموعة شرق أفريقيا في مهمة إرساء السلام والاستقرار هناك، بحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في ورقة بحث لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.
وتشهد الكونغو الديمقراطية تحديات أمنية متفاقمة في شرق البلاد حيث ينشط نحو 120 مجموعة مسلحة، ناهيك عن حركة "23 مارس" المتمردة.
ساحة صراع
رغم أن مجموعة دول شرق أفريقيا أرسلت قوات لدعم الجيش الكونغولي في تحقيق الاستقرار بهذه المنطقة، فإن هذه القوات فشلت في تحقيق أي تقدم حقيقي بالمنطقة.
بل استمرت التهديدات الأمنية في التفاقم شرقي البلد الأفريقي وهو ما دفع كينشاسا لتعزيز تقاربها مع بكين لدعم قواتها المسلحة.
ووفق مركز المستقبل، يُلاحظ أن النفوذ الصيني يفوق نظيره الأمريكي في الكونغو الديمقراطية، حيث باتت بكين تمتلك غالبية مناجم الكوبالت في كينشاسا، مقابل فشل الشركات الأمريكية في مواكبة هذا التوسع الصيني، بل ذهبت بعض هذه الشركات إلى بيع حصصها لنظيرتها الصينية.
وفي هذا الصدد، يقول السفير صلاح حليمة، نائب رئيس مجلس الشؤون الخارجية المصري والخبير بالشأن الأفريقي، إن الكونغو الديمقراطية دولة غنية بالموارد ولذلك أصبحت ساحة للصراع الغربي والشرقي للحصول عليها.
وفي حديث مع "العين الإخبارية" أشار حليمة إلى أن هذا أدى إلى عدم الاستقرار بشكل كبير في البلاد.
وهو ما اتفق عليه أيضا، محمد تورشين الباحث السوداني في الشأن الأفريقي بأن الكونغو الديمقراطية من الدول الأفريقية التي أصيبت بلعنة الموارد، فرغم أنها غنية بالموارد، فإنها من أفقر البلدان الأفريقية من حيث الناتج الإجمالي ودخل الفرد في ظل معدلات البطالة واستشراء الفساد".
ولفت في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى أنه بعد المحاولة الانقلابية الأخيرة، هناك اتهامات من الحكومة الكونغولية بأن هذه المحاولة يقف خلفها عدد من الدول الغربية أو مواطنون لدول غربية كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
وتابع أن "الاتهامات للمنظومة الغربية ظلت حاضرة منذ الاستعمار البلجيكي للبلاد".
وبنظر الباحث السوداني، فإن الكثير من البلدان الغربية تراهن على عدم الاستقرار في الكونغو الديمقراطية لتحقيق مصالحها الاقتصادية".
وأشار إلى وجود "دعم وتمويل للجماعات الانفصالية وعلى رأسها حركة "23 مارس" باعتبارها من أهم الحركات المزعزعة لأمن الكونغو الديمقراطية من أجل استمرار حالة من عدم الاستقرار".
ولفت إلى أنه جرى استخدام هذه السياسات في كثير من البلدان الأفريقية.