نيران صديقة «تعوق» جهود الديمقراطيين لطي صفحة 2024

في الوقت الذي يسعى فيه الديمقراطيون لتجاوز تداعيات انتخابات 2024 وبناء هوية سياسية جديدة، تعرقل عودة وجوه محورية من السباق الأخير جهودهم لرسم ملامح المرحلة المقبلة.
ويخشى كثيرون في الحزب الديمقراطي، من تصعيد من قادوهم إلى الهزيمة في انتخابات 2024، ويشعرون بالغضب لرؤية دراما تلك الانتخابات تُعاد مرارًا وتكرارًا، في حين أنهم يريدون التركيز على مقاومة أجندة دونالد ترامب في ولايته الثانية واختيار قادة جدد.
كيف ذلك؟
تعمل حاليا نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس على الترويج لكتاب عن خسارتها في حملتها الرئاسية لعام 2024، مما يترك الباب مفتوحًا أمام محاولة أخرى للترشح للبيت الأبيض في عام 2028 وبناء مجموعة من شأنها أن تمكنها من المضي قدمًا لصالح زملائها الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي، بحسب صحيفة «واشنطن بوست».
ومساء الخميس، ظهر الرئيس السابق جو بايدن، في حفلٍ للقضاة والمحامين، قائلا إن إدارة الرئيس دونالد ترامب «تبذل قصارى جهدها لتفكيك الدستور». وقد أدى هذا الجدل مع ترامب، إلى جانب جلسات الاستماع في الكونغرس ووثائق الحملة الانتخابية، إلى إبقاء بايدن في دائرة الضوء، إلى جانب التساؤلات حول صحته وكفاءته في البيت الأبيض.
كما أن ابنه هانتر بايدن كان يهاجم المستشارين السياسيين والمؤثرين والممثل جورج كلوني لانتقادهم والده - مما أثار استياء الديمقراطيين الذين يعتقدون أن المشاكل القانونية التي يواجهها بايدن الأصغر ستضر بهم في عام 2024.
وقالت دونا بوجارسكي، المستشارة الديمقراطية المخضرمة، إنّ «عام 2024 يحمل في طياته الكثير من التحديات، وأعتقد أن جميع الآراء في هذا المجال ترى أننا بحاجة إلى شيء جديد».
وأضافت أن العديد من الديمقراطيين لا يلومون هاريس على ما حدث في الدورة الماضية، «لكن لا أحد يقول: دعونا نعود إلى عام 2024».
ويبني العديد من الديمقراطيين الآخرين مكانتهم ويتخذون خطوات لقيادة الحزب نحو الأمام.
ويجوب حكامٌ مثل آندي بشير من كنتاكي وجيه بي بريتزكر من إلينوي، وأعضاءٌ في الكونغرس مثل السيناتور روبن غاليغو (ديمقراطي من أريزونا)، البلاد في سباقٍ مبكرٍ لانتخابات عام 2028.
برزَ عضوٌ غير معروفٍ في مجلس نواب الولاية، وهو زهران ممداني، كصوتٍ جديدٍ بارزٍ لليسار بعد فوزٍ مفاجئٍ في الانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة مدينة نيويورك.
لكنّ قرار بايدن بالترشح مجددًا في عام 2024، وهو في الحادية والثمانين من عمره، أثّر سلبًا على الديمقراطيين، حتى مع ابتعاده نسبيًا عن الأضواء، وظهوره العلني من حين لآخر. وقد سلطت الكتب التي تُعنى بتحليل الانتخابات الضوء على حالة بايدن الجسدية والنفسية في منصبه، حيث وصف أحدها قرار الرئيس السابق بالترشح لإعادة انتخابه بأنه «الخطيئة الأصلية» للحزب الديمقراطي.
تساؤلات تلاحق صفحة 2028
ولا يزال المرشحون المحتملون لرئاسة عام 2028 يواجهون تساؤلات حول بايدن، وما إذا كان الديمقراطيون قد أخطأوا في التقليل من شأن عمره.
وقال مات بينيت، المؤسس المشارك لمجموعة «الطريق الثالث» الديمقراطية الوسطية، إنه يتعين على المرشحين لعام 2028 معالجة هذه الأسئلة بصراحة وإلا خاطروا بتقويض مصداقيتهم.
وأضاف: «إذا قلتَ أي شيء غير أن المرشح لم يكن أهلاً للترشح مرة أخرى، وأن حزبنا أخطأ بعدم توضيح ذلك... سيعتقد الناخبون أنك تكذب». متابعا: «لا أحد يحتاج إلى سماع أخبار هانتر بايدن. حرفيًا، لا أحد».
وعند إعلانها يوم الأربعاء انسحابها من حملة انتخاب حاكم ولاية كاليفورنيا، مسقط رأسها، كشفت هاريس على مواقع التواصل الاجتماعي صباح يوم الخميس أنها ستنشر كتابًا بعنوان «107 أيام» في 23 سبتمبر/أيلول المقبل، سيلقي نظرة من وراء الكواليس على تجربتها في قيادة أقصر حملة رئاسية في التاريخ الحديث.
وحلت هاريس محل بايدن في قائمة المرشحين الديمقراطيين بعد مناظرة كارثية ضد ترامب، بدا فيها الرئيس السابق وكأنه يفقد تركيزه مرارًا وتكرارًا.
وظهرت هاريس أيضًا في برنامج «ذا ليت شو مع ستيفن كولبير» مساء الخميس، وأجرت أول مقابلة لها منذ الانتخابات. وسُئلت هي الأخرى عن بايدن، فدافعت عنه قائلةً: «يجب أن يتذكر الناس أن الولايات المتحدة كان لديها رئيس يؤمن بسيادة القانون، ويؤمن بأهمية السعي إلى النزاهة والعمل من أجل الشعب».
وتخطط هاريس للانخراط بقوة في انتخابات التجديد النصفي لعام 2026 والسفر عبر البلاد لدعم الديمقراطيين في سباقات محتدمة، بينما تُشكّل تنظيمًا سياسيًا خاصًا بها، وفقًا لمساعدين ومقربين مطلعين على خططها، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة مشاريع لا تزال قيد الإنشاء.
شكوك متزايدة
ورغم حرص بعض الاستراتيجيين والمرشحين الديمقراطيين على مساعدة هاريس لهم في انتخابات التجديد النصفي، إلا أن هناك شكوكًا متزايدة حول ترشحها للبيت الأبيض مجددًا في عام 2028، وهو خيار لم تستبعده.
وقال كوبر تيبو، الخبير الاستراتيجي الديمقراطي المقيم في وادي السيليكون: «أعتقد أن معظم الأمريكيين ممتنون لخدمات ومساهمات الجيل السابق من شاغلي المناصب».
«لكنّ السبب الرئيسي وراء الوضع الذي وصل إليه الحزب الديمقراطي اليوم هو عدم السماح لأي شخصيات أو أفكار جديدة بالظهور وترسيخ مكانتها»، يضيف تيبو.
وحققت هاريس نجاحًا كبيرًا مع الناخبين الذين يحتاجهم الحزب في عام 2026، حيث يمكن للداعمين النشطين أن يلعبوا دورًا كبيرًا، وفقًا لبعض الاستراتيجيين، وستكون مرشحة قوية في عام 2028 ذات اسم معروف. لكن ترشحها مجددًا للبيت الأبيض سيعني أيضًا التعامل مع أسئلة محرجة حول عام 2024، بحسب «واشنطن بوست».
وأعرب الجمهوريون عن سعادتهم أيضًا بتوجه هاريس إلى الحملة الانتخابية. وصرح مايك مارينيلا، المتحدث باسم الذراع الانتخابية للحزب الجمهوري في مجلس النواب: «في الواقع، سنعرض عليها دفع ثمن تذكرة سفرها إلى أي دائرة انتخابية متأرجحة في البلاد».