انتخابات التجديد النصفي بأمريكا.. إعادة تقسيم الدوائر يهدد «الموجة الزرقاء»
رغم تفاؤل الديمقراطيين بإمكانية حدوث "موجة زرقاء" كبيرة في انتخابات 2026، فإن بعض العوامل قد تحول دون ذلك.
ويواجه الديمقراطيون تحديات كبيرة قد تمنع تكرار سيناريو عام 2018 في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية العام المقبل.
ورغم أن الديمقراطيين يحتاجون هذه المرة إلى مكاسب أقل بكثير للسيطرة على مجلس النواب (ثلاث مقاعد فقط بدلًا من أكثر من عشرين في 2018) فإن الطريق نحو أغلبية مريحة أصبح أشد صعوبة وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وأوضحت المجلة أن ذلك يرجع أساسًا إلى إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية الحزبية التي قلصت عدد المقاعد المتأرجحة ووسعت عدد المقاعد "الآمنة" لكلا الحزبين.
نتيجةً لذلك، قد يحقق الديمقراطيون قفزة وطنية أكبر مما حققوه في 2018، ومع ذلك سينتهي بهم الأمر بأغلبية أقل مما كانت عليه لأن استعادة 40 مقعدًا مرة أخرى سيتطلب منهم الفوز ليس فقط بالمقاعد شديدة التنافس التي أسهمت في سيطرتهم على مجلس النواب في المرة السابقة، بل أيضًا بكل دائرة فاز بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفارق 12 نقطة أو أقل، وهي مهمة لا تتحدى المنطق السياسي فحسب، بل تقلبه رأسًا على عقب.
وقبل انتخابات التجديد النصفي لعام 2018، كان هناك 31 مقعدًا يشغلها الجمهوريون فاز بها ترامب بأقل من 5 نقاط أو حتى خسرها أما في 2026، فلا يوجد سوى 14 مقعدًا فقط يشغلها الجمهوريون.
وقال نيك ترويانو، المدير التنفيذي لمجموعة "يونايت أمريكا"، وهي لجنة عمل سياسي تدعو إلى إصلاحات انتخابية "ربما يكون عصر الانتخابات الكاسحة قد انتهى، وهو ما يضر بنظام يستجيب لرغبة أغلبية الناخبين".
وأوضح ترويانو أن ساحة المعركة الانتخابية أصبحت أصغر من أي وقت مضى، وذلك بفضل التلاعب الحزبي بالدوائر الانتخابية الذي يُقلل عدد المقاعد المتنافس عليها.
وفي أي انتخابات كاسحة سابقة كانت المكاسب الكبيرة لأحد الحزبين تأتي من تحول الناخبين في جميع أنحاء البلاد في الاتجاه نفسه فعلى سبيل المثال، تفوق أداء المرشحين الديمقراطيين في 2018 على هامش فوز المرشحة الديمقراطية في انتخابات الرئاسة هيلاري كلينتون في 2016 في 98% من الدوائر.
لكن كما أظهرت الانتخابات الفرعية هذا العام، فإن الفوز في الانتخابات لا يعتمد فقط على تحوّل ناخبي الدائرة، بل على تحوّلهم بما يكفي لتجاوز الخط الفاصل والانتقال من حزب إلى آخر.
وتزداد احتمالية تحول الدوائر الانتخابية إذا كانت النتائج متقاربة ففي 2018 كانت ثلاثة أرباع المقاعد التي فاز بها الديمقراطيون تقع في أكثر المناطق تنافسية بفارق لا يتجاوز 5 نقاط على مستوى الانتخابات الرئاسية.
ومع ذلك، لا تزال هناك دوائر انتخابية كافية في المنطقة التنافسية العام المقبل، مما يمنح الديمقراطيين فرصة قوية لاستعادة السيطرة على مجلس النواب، حتى إنهم يأملون في تحقيق اكتساح أكبر من انتخابات 2018.
وسيكون لحجم فوز الديمقراطيين العام المقبل دلالات مهمة، فهو بمثابة رفض لإدارة ترامب، وسيؤثر على قدرتهم على آمالهم في الحفاظ على الأغلبية في عام 2028.
وقال دان سينا، الاستراتيجي الذي ترأس لجنة الحملة الانتخابية الديمقراطية للكونغرس عام 2018 والمتفائل بفرص الحزب العام المقبل: "يحتاج الديمقراطيون إلى عدد كاف من المقاعد ليتمكنوا، بمجرد توليهم زمام الأمور، من الحكم، ومواجهة إدارة ترامب، ومواجهة مجلس الشيوخ إذا لم نستعد السيطرة عليه، ومن ثم الحكم بفعالية من مجلس النواب.. لذا فهم بحاجة إلى أغلبية كافية لتحقيق ذلك".
لكن فوز الديمقراطيين الساحق في 2018 كان مدفوعًا بالعديد من الفرص السهلة التي لا تتوفر في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، وفقًا لتحليل أجرته "بوليتيكو" لنتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
ففي تلك الانتخابات، فاز الديمقراطيون بنحو 90% من مقاعد مجلس النواب التي يسيطر عليها الجمهوريون، والتي كانت إما قد فازت بها كلينتون أو فاز بها ترامب بفارق أقل من 5 نقاط بناءً على نسبة تصويت الحزبين وهي مقاعد كانت كثيرة في حين كان الفوز أكثر صعوبة في المقاعد الواقعة خارج هذه الدائرة التنافسية.
وفي العام المقبل، سيتعين على الديمقراطيين الفوز بثمانية مقاعد على الأقل فاز بها ترامب بأكثر من 5 نقاط في عام 2024، بالإضافة إلى اكتساح جميع المقاعد شديدة التنافس، ليحصلوا على 235 مقعدًا كما فعلوا في عام 2018 وقد يرتفع هذا العدد مع إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية.
ويعد إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية السبب الرئيسي لتقلص مساحة مجلس النواب وحتى قبل أن تعيد بعض الولايات رسم خرائطها الانتخابية هذا العام وربما تفعل ذلك ولايات أخرى مطلع العام المقبل، أدى التقسيم الحزبي للدوائر الانتخابية بعد تعداد الولايات المتحدة لعام 2020 إلى تقليص عدد الدوائر المتنازع عليها.
فمثلا، كان هناك 93 دائرة انتخابية متقاربة النتائج بعد انتخابات 2020 لكن بعد إعادة رسم الخرائط، انخفض هذا العدد إلى 79 دائرة فقط.
وقال فييت شيلتون، المتحدث باسم لجنة حملة الكونغرس الديمقراطية: "حقق الديمقراطيون في مجلس النواب أداءً متميزًا في عام 2024، حيث أجبروا الجمهوريين على الاكتفاء بأصغر أغلبية لهم منذ قرن تقريبًا، وذلك من خلال ترشيح مرشحين ذوي خبرة عملية حقيقية ركزوا على قضايا تهم المواطنين".
وأضاف أن "استعادة الديمقراطيين لمجلس النواب "ستكون أسهل لأن الناخبين يثقون بالديمقراطيين أكثر من الجمهوريين الذين سلبوا منهم الرعاية الصحية ورفعوا التكاليف".
وأوضح دان سينا، المدير التنفيذي السابق للجنة حملة الكونغرس الديمقراطية، أن استهداف شريحة أوسع من الناخبين له فوائد للديمقراطيين حتى لو لم يتمكنوا من قلب موازين القوى في جميع المقاعد.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز