معركة إعادة تقسيم دوائر أمريكا.. الديمقراطيون يقلبون الطاولة
منذ عودته للبيت الأبيض، يخوض دونالد ترامب جولة جديدة من معركة سياسية محتدمة منذ سنوات مع الديمقراطيين.
تحول سياسي مفاجئ، شهده الصراع بين الجمهوريين بقيادة الرئيس الأمريكي من جهة وبين الديمقراطيين من جهة أخرى بشأن إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية لمجلس النواب والذي يحدد بالتبعية موازين القوى بين الحزبين في انتخابات التجديد النصفي 2026، وفق صحيفة "واشنطن بوست".
وعلى عكس المكاسب المبكرة، يبدو أن الديمقراطيين باتوا في موقع أفضل من الجمهوريين، رغم أن ترامب كان قد ضغط منذ بداية ولايته الثانية على الولايات الجمهورية لإعادة رسم الخرائط بهدف تعزيز أغلبيته في مجلس النواب.
نكسات
ذكرت الصحيفة أن الانتكاسة الأكبر بدأت في ولاية تكساس، حيث ألغت محكمة فيدرالية الخريطة الجديدة التي صاغها الجمهوريون، والتي كان يمكن أن تمنح الحزب ما يصل إلى خمسة مقاعد إضافية.
وهذا الحكم جاء بعد سلسلة من النكسات الأخرى، أبرزها حكم محكمة في يوتا ضد خطة الجمهوريين هناك، فضلا عن مقاومة مشرعين جمهوريين في إنديانا وكانساس ونيوهامبشير لضغوط البيت الأبيض لإعادة رسم خرائط جديدة.
وفي الوقت نفسه، تزايد النقد الداخلي من حلفاء ترامب الذين يرون أن التركيز على تغيير الخرائط يضيع الوقت والموارد بدل الاستثمار في الحملات الانتخابية نفسها.
ودفعت هذه الهزائم بعض الاستراتيجيين الجمهوريين إلى التحذير من أن "كل فعل يقابله رد فعل"، وأن ما يقوم به الحزب في ولاية يمكن أن يؤدي إلى خطوات مضادة من الديمقراطيين في ولايات أخرى.
وبالفعل، تحرك الديمقراطيون بقوة وبسرعة فرسموا خريطة جديدة في كاليفورنيا تمنحهم ما يصل إلى خمسة مقاعد أخرى.
كما دفعوا بخطة جديدة في فرجينيا يمكن أن تضيف ما بين مقعدين وثلاثة إذا وافق الناخبون عليها، ومع الحكم القضائي في يوتا، يمكن للديمقراطيين أن يحققوا إجمالي مكاسب تصل إلى تسعة مقاعد في عدة ولايات.
أما الجمهوريون فلم يحققوا مكاسب كبيرة حتى الآن سوى في ميزوري ونورث كارولاينا وأوهايو، حيث تمكنوا من رسم خرائط جديدة تمنحهم ما يصل إلى أربعة مقاعد إضافية فقط.
معارك مستمرة
ومع ذلك، قد ينقلب الوضع مرة أخرى، فالمعارك القانونية لا تزال مستمرة، وقد تقدم تكساس استئنافًا أمام المحكمة العليا لاستعادة خريطتها، بينما تستعد ولايات مثل فلوريدا لرسم خرائط جديدة قد تصب في صالح الجمهوريين.
وقد تحول صراع إعادة رسم الدوائر الانتخابية إلى معركة سياسية مفتوحة بين الحزبين، فمنذ أن ضغط ترامب لتغيير الخرائط، رد الديمقراطيون بخطوات مماثلة.
فمثلا أعلن حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم نيته إعادة رسم الخريطة ردًا على الخطوات الجمهورية، وهو ما اعتبره بعض المستشارين السياسيين "فضحًا" لاستراتيجية ترامب وإظهارا لاستعداد الديمقراطيين للرد.
ويشير استراتيجيون جمهوريون إلى تشكيكهم منذ البداية في نجاح جهود الحزب، وحذروا من أنها قد تستهلك طاقة الحزب وتشتت جهوده بدل التركيز على الفوز في الدوائر المتأرجحة.
ويواجه الحزبان تحديًا كبيرًا يتمثل في ضيق الوقت قبل بدء الترشيحات والانتخابات التمهيدية، إذ يتعين على المرشحين معرفة حدود دوائرهم قبل تقديم أوراق الترشح.
وفي تكساس، فإن الموعد النهائي للترشح هو 8 ديسمبر/كانون الأول المقبل، والانتخابات التمهيدية مقررة في مارس/آذار 2026، وهو ما يعني أن المحكمة العليا قد تضطر لاتخاذ قرار سريع جدًا.
القضاء.. الفيصل
يلعب القضاء دورا بارزا في هذه المرحلة، إذ تنظر المحكمة العليا في طعون تكساس، كما تدرس قضية من لويزيانا تتعلق بقانون حقوق التصويت والتي قد تؤثر بشدة على مستقبل رسم الدوائر في مناطق تضم عددا كبيرا من الأقليات.
وإذا أصدرت المحكمة حكمًا بخفض عدد الدوائر ذات الأغلبية السوداء أو اللاتينية، فقد يمنح ذلك الجمهوريين فرصة للحصول على عدد إضافي من المقاعد في الأعوام المقبلة.
وإلى جانب ذلك، تنظر المحاكم في كاليفورنيا وميزوري ونورث كارولاينا في قضايا مشابهة، وقد تمنح قراراتها ميزة لأحد الحزبين.
ويضغط ترامب على مسؤولين جمهوريين في ولايات مثل إنديانا وكانساس ونيوهامبشير، لكن كثيرًا منهم يرفضون حتى الآن، مشيرين إلى غياب الدعم الكافي داخل برلمانات الولايات.
ودفع ذلك الرئيس الأمريكي لمهاجمة رئيس مجلس شيوخ إنديانا وتوعده بـ"مواجهة مشكلة في الانتخابات التمهيدية" إذا استمر في رفض إعادة رسم الخريطة.
ومن جهة أخرى، يدفع الديمقراطيون مسؤولين في ولايات مثل ماريلاند وإلينوي لإعادة رسم الخرائط أيضًا، ما يشير إلى أن سباق إعادة الترسيم لم ينته بعد.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY5IA== جزيرة ام اند امز