رسائل وفاء وأناقة وحيرة.. أسرار فستان ديانا في جنازة فيرساتشي

في صباح حزين من شهر يوليو/تموز عام 1997، اجتمعت نخبة عالم الموضة في كاتدرائية ميلانو لتوديع أحد عباقرة التصميم المعاصرين.
وبين وجوه الحضور اللافتة، برزت الأميرة ديانا، التي جذبت إليها الكاميرات ليس فقط لشخصها، بل لأن كل تفصيل في إطلالتها حمل رسالة صامتة عن الوفاء، وعن الحزن، وعن علاقة فريدة نسجتها مع المصمم الراحل.
الفستان الأسود الذي ارتدته، بتصميمه البسيط والمتحفّظ، لم يكن مجرد لباس حداد، بل توقيع شخصي أخير من جياني فيرساتشي نفسه، وكأن ديانا أرادت أن تحضر الجنازة بصوته، بذوقه، وبلغة الأناقة التي جمعتهما.
بين ديانا وجياني.. تحالف الجمال والحرية
ورغم أن أول لقاء بين الأميرة البريطانية والمصمم الإيطالي كان في منتصف الثمانينيات، فإن علاقتهما الحقيقية توطدت بعد الطلاق الملكي الذي حرّر ديانا من قيود البروتوكول البريطاني.
حينها، بدأت في بناء صورة جديدة: امرأة مستقلة، جريئة، تختار ملابسها لا بحسب ما يُفرض عليها، بل بحسب ما تشعر به.
جياني فيرساتشي، بعينه الحادة وفهمه العميق للأجساد والرموز، كان من القلائل الذين استطاعوا فهم ما تريده ديانا: أناقة تُشبهها، لا تُقيدها. فكانت تتألق في فساتينه بلون الفيروز، أو الوردي، أو بتفاصيل ذهبية، لكنها في وداعه اختارت شيئًا آخر.
فستان الجنازة.. قصة حداد وحب
الفستان الذي ارتدته ديانا في جنازة جياني، من مجموعة خريف-شتاء 1997 لدار فيرساتشي، كان بسيطًا للغاية: قصّة مستقيمة، لون أسود صامت، خالٍ من أي زخرفة. تصميم بعيد كل البعد عن البذخ الباروكي الذي اشتهر به فيرساتشي. وهذا التناقض لم يكن صدفة.
فستان الحداد ذاك كان انعكاسًا لعلاقة شخصية، لا تجارية. اختارت ديانا أن تودّع صديقها كما لو كانت تقول: "أنت من صمّمت هذا الوداع، وسأحمله على جسدي حتى النهاية".
إلى جانب الفستان، حملت حقيبة يد سوداء – التي سيطلق عليها لاحقًا اسم "Diana Bag" – وارتدت عقد لؤلؤ كلاسيكي، فبدت كمن يترجم الحزن بلغة فاخرة ومضبوطة.
اللحظات الأخيرة و«المصير المتقاطع»
بعد أيام قليلة من الجنازة، وخلال عطلة على متن يخت برفقة دودي الفايد، سمعت ديانا نبأ اغتيال جياني على عتبة منزله في ميامي.
ووفقًا لحارسها الشخصي السابق، سألت ديانا بنبرة قلق حاد: "هل تعتقد أنهم سيفعلون ذلك بي أيضًا؟". كلمات تحوّلت فيما بعد إلى ما يشبه النبوءة.
بعد أقل من سبعة أسابيع، قُتلت ديانا في حادث مأساوي في نفق بباريس. وكان وداعها هو الآخر مملوءًا بالرموز والدموع، حيث غنّى صديقها إلتون جون أغنية Candle in the Wind في جنازتها الرسمية، وهي الأغنية ذاتها التي سبق أن كانت خلفية وداعه لفيرساتشي في ميلانو.
عرض تذكاري: فساتين ديانا تعود للحياة
اليوم، يعود هذا الفصل المؤثر من العلاقة بين ديانا وفيرساتشي إلى الضوء من خلال معرض استعادي في "آرتشز لندن بريدج"، حيث تُعرض خمس من الفساتين التي صممها جياني للأميرة.
من بينها أزياء زيّنت غلاف مجلة Vanity Fair، وأخرى ظهرت بها ديانا في زياراتها الرسمية الأخيرة.
المعرض لا يستحضر فقط أناقة ديانا، بل يُعيد رسم خريطة تحولها من "أميرة الحكايات" إلى "امرأة القرن"، تلك التي ارتدت الجينز في الأماكن العامة، وخاطبت العالم من خارج ظل القصر الملكي، وسعت لحياة حقيقية وسط محيط مخملي مليء بالقيود.
ديانا بعيون فيرساتشي: «لقد وجدت نفسها»
في مقابلة نادرة قبل وفاته بأيام، قال جياني فيرساتشي عن ديانا: "لقد قمتُ بتجربة بعض التصاميم معها مؤخرًا، وهي تبدو أكثر هدوءًا من أي وقت مضى. أعتقد أنها وجدت نفسها، ووجدت كيف تريد أن تعيش".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjA4IA== جزيرة ام اند امز