القمر الصناعي "طيبة 1".. نقلة نوعية لمصر في مجال تكنولوجيا الاتصال
خبيران في مجال الفضاء وتكنولوجيا المعلومات يوضحان لـ"العين الإخبارية" الأهمية الكبيرة للقمر الصناعي المصري "طيبة 1".
بدأ العد التنازلي لإطلاق القمر الصناعي المصري "طيبة 1"، ورغم محدودية المعلومات التي يعرفها المصريون عن القمر، لكن هناك اهتماماً ملحوظاً بساعة الصفر.
الدكتور حسين الشافعي، مستشار وكالة الفضاء الروسية، يقول إن القمر "طيبة 1" المقرر انطلاقه في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، سيبدأ في بث إشاراته وبدء وظيفته في زمن أقصاه 3 أشهر من تاريخ إطلاقه، لينقل مصر والمنطقة العربية نقلة تفوق الخيال فيما يتعلق بتكنولوجيا الاتصال ونقل المعلومات.
ويوضح الشافعي لـ"العين الإخبارية" أن القمر سيصل إلى مداره بعد 10 أيام من إطلاقه، لتبدأ مباشرة اختبارات تستغرق 3 أشهر على الأكثر حتى يستقر تماماً ويبدأ وظيفته.
مشروع مربح
وفي استعراض سريع لمواصفات القمر الذي يصل عمره الافتراضي لـ15 عاماً، يقول الشافعي إن "طيبة 1" يزن 5 أطنان و600 كيلوجرام، ونفذته شركتان فرنسيتان بعقد قيمته 600 مليون يورو، بواقع 40 مليون يورو في العام الواحد، حتى انتهاء صلاحيته بعد 15 عاماً.
ويوضّح: "رغم أن التكلفة تبدو مرتفعة، لكن هذا النوع من الأقمار يأتي بتكلفته كاملة في أول سنة من الاستخدام، خصوصاً أن كانت المنطقة المستخدمة هي المنطقة العربية والأفريقية".
ويشير إلى أن الإحصاءات الرسمية في مصر تؤكد أن قيمة استهلاك المصريين في العام الواحد لشبكة الإنترنت تفوق 45 مليار جنيه، أي ما يعادل 2.5 مليار يورو، ومن هذه الأرقام تظهر الجدوى الاقتصادية الكبرى للقمر.
ويتابع: "تقنيات الاتصال مكلفة مادياً، لكنها اليوم تعد مشروعات استثمارية عالية الفائدة، نتيجة لتهافت سكان المنطقة على الهواتف المحمولة والتمتع بكل ما له علاقة بشبكة الإنترنت، خصوصاً التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا أمر يظهر بوضوح في المنطقة العربية عن غيرها".
إصرار مصري
ويقول الشافعي إن إطلاق "طيبة 1" من القاعدة الفرنسية بأمريكا الجنوبية، يمثل إصرار مصر رغم اقتصادها، الذي ما زال في أولى خطوات التعافي، على الاستمرار في سلوك نهج طريق التكنولوجيا والعلوم، لبناء دولة حديثة بكل تفاصيل هذا المعنى.
حل عقدة "التابلت"
ويلفت إلى أن مصر عندما طبقت تجربة "التابلت" في منظومة التعليم قابلتها مشكلات ضخمة نتيجة عدم انتشار إشارات الإرسال بالمناطق النائية، فجعلها تجربة محدودة، بينما سيوفر "طيبة 1" سرعة نقل المعلومات بصورة لن تختلف في القاهرة عن أي منطقة أخرى.
نقطة وصل عالمية
ويوضح الشافعي أن مصر والمناطق المحيطة بها من دول عربية وأفريقية ستكون منطقة الاهتمام الأولى للقمر، لكنه رغم ذلك سيكون قادراً على الاتصال بجميع الأقمار في الفضاء، التي تؤدي وظيفته نفسها وتغطي مناطق مختلفة حول العالم، وبالتالي نقل المعلومات منها إلى المنطقة العربية والعكس، ما يعني أن طفرة ستحدث فيما يتعلق بالمكالمات الدولية والاتصالات الدولية ونظم نقل المعلومات من وإلى مصر والمنطقة العربية وأفريقيا.
مرتبط بالتحول الرقمي
أما رئيس مجموعة أمن المعلومات بغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات في مصر، الدكتور عادل عبدالمنعم، فيؤكد لـ"العين الإخبارية"، أن إطلاق مصر القمر الصناعي "طيبة 1" في هذا التوقيت ليس عشوائياً، وإنما يتزامن مع النقلة النوعية التي تشهدها مصر في تقديم خدمات التحول الرقمي.
ويضيف الخبير الدولي في أمن المعلومات أن توجه مصر إلى التحول الرقمي، الذي بدأت تخطو فيه خطوات حقيقية على الأرض، كان يلزمه إطلاق قمر صناعي تنحصر مهمته في تيسير هذا التحول وتأمينه من المخاطر.
ويوضح أن القمر الصناعي سيحدث نقلة كبيرة في مفهوم دعم شبكات البنية التحتية الخاصة بالاتصالات في أفريقيا والمنطقة العربية عموماً وفي مصر خصوصاً، لا سيما أن مصر تسعى لتكون مركزاً لهذا النوع من الدعم، وذلك كان ضمن الاستراتيجية طويلة الأجل لوزارة الاتصالات المصرية.
حماية الشبكات الحرجة
وبمزيد من الإيضاح، يقول عبدالمنعم إن شبكات البنية التحتية الحرجة (شبكات المعلومات الخاصة) لكل من خدمات النقل، والكهرباء، والماء، والطيران، والبترول وغيرها، زاد اعتمادها كثيراً في مختلف أنحاء العالم على تكنولوجيا المعلومات وأنظمة التحكم الصناعي، ما يعرضها لخطر الهجمات الإلكترونية.
ويشير إلى أن وجود بنية تحتية قوية للاتصالات يدعم قدرة الدولة على المراقبة المستمرة لأمن أنظمة التحكم الصناعي، ما يؤدي لمزيد من الحماية ضد الهجمات الإلكترونية وخطر الاختراقات، وبالتالي التعامل الفوري معها حال اكتشافها، وهو ما كان شبه مستحيل أن يتم على مستوى الدولة ما لم تكن هناك شبكة اتصال قوية تغطي أرجاء الدولة بالكامل.
ويلفت إلى أن المشكلات التي تظهر خلال تطبيق كثير من الخطط والمنظومات الحديثة على جميع المستويات في مصر، ستنتهي بعد الطفرة التي سيحدثها القمر الصناعي "طيبة 1" في مجال الاتصالات.
وفي هذا الإطار أوضح أنه مستقبلاً لن تكون هناك قرية أو موقع في مصر حتى المصنفة بـ"النائية" خارج منظومة الربط الإلكتروني، وسيتمكن المصريون في كل مكان من التعاطي بسهولة مع كل ما له علاقة بتكنولوجيا الاتصال.
aXA6IDMuMTQ0LjgyLjEyOCA= جزيرة ام اند امز