"قنبلة قذرة" تحرك سيناريو الرعب في أوكرانيا.. من يبدأ أولا؟
٢٤ ساعة مضت سيطر عليها حديث "القنبلة القذرة"، وسارع البعض لفهم طبيعة القنبلة، لكن قلة بحثوا في ماهية الطرح الروسي وتداعياته.
"القنبلة القذرة" كانت حاضرة في سلسلة محادثات هاتفية أجراها وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، مع نظرائه في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا.
وكان اللافت في هذه المحادثات التي تضمنت تحذيرا من استخدام كييف قنبلة قذرة، أنها تمثل نشاطا دبلوماسيا غير معتاد منذ بداية الحرب في فبراير/شباط الماضي.
كييف بدورها سارعت إلى النفي وبشكل قاطع، مؤكدة أنها لا تملك هذا النوع من القنابل بالأساس، لكن روسيا لم تقتنع بهذا الرد على ما يبدو، أو أن هناك شيئا ما لا يزال خافيا.
موسكو حركت الرجل الثاني في المؤسسة العسكرية؛ رئيس الأركان، اليوم الإثنين، في جولة دبلوماسية نشطة مع نظرائه في دول غربية، والسبب أيضا: القنبلة القذرة.
وقالت وكالة الإعلام الروسية، إن رئيس هيئة الأركان العامة، فاليري جيراسيموف، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، مارك ميلي تحدثا عبر الهاتف.
ووفق الوكالة ذاتها، فإن ميلي وجيراسيموف، ناقشا احتمالا أثارته موسكو بأن أوكرانيا ربما تستخدم "قنبلة قذرة"، وهو نفس الأمر الذي ناقشه رئيس الأركان الروسي مع نظيره البريطاني أيضا.
هذا التحرك الروسي النشط للتحذير من "القنبلة القذرة" أثار قلق الغرب، إذ اتهمت فرنسا وبريطانيا وأمريكا، روسيا، الإثنين، بالتخطيط لاستخدام التهديد بقنبلة محملة بمواد نووية كذريعة للتصعيد في أوكرانيا،
فما كان من روسيا إلا أن ذهبت خطوة أبعد، إذ قالت وزارة الدفاع الروسية، إنها أعدت قواتها للعمل في ظروف التلوث الإشعاعي، في ظل المخاوف من استخدام كييف "القنبلة القذرة".
"القنبلة القذرة"
القنبلة القذرة، بذلك، باتت محور حديث العالم، وتغطي على كل الأحداث الأخرى، لكن قلة تعرف ماهية هذه القنبلة، ودرجة دمارها، وتداعيات الحديث المتزايد عنها، وتوضح "العين الإخبارية" إجابات على هذه التساؤلات:
أولا: القنبلة القذرة ليست قنبلة نووية، ولكنها قنبلة تقليدية محاطة بمواد مشعّة تنتشر على شكل غبار عند وقوع التفجير.
ثانيا: القنبلة القذرة تعرف علميا بـ"جهاز التشتيت الإشعاعي"، وهو أيّ جهاز تفجير ينشر واحداً أو أكثر من المنتجات السامّة كيميائياً أو بيولوجياً أو نوويا.
ثالثا: تعد "القنبلة القذرة" أقل تعقيداً في تصنيعها من القنبلة النووية أو الذرية، وتستخدم مواد متفجرة تقليدية.
رابعا: الغرض الأساسي من استخدام القنبلة القذرة هو تلويث منطقة جغرافية بالإشعاعات المباشرة، ما يؤدي إلى وقوع ضحايا كثر بسبب استنشاق الغبار المشع.
خامسا: الخطر الرئيسي لـ"القنبلة القذرة" مصدره التفجير؛ فالأشخاص القريبون جداً من موقع التفجير يتعرضون لإشعاع يكفي للتسبّب بمرض خطير بشكل فوري.
سادسا: يمكن أن ينتقل الغبار المشع الناجم عن التفجير لمسافات أبعد ويشكل خطراً على الصحة في حال استنشاقه أو تناول أطعمة ومشروبات ملوثه به.
"سيناريوهات الرعب"
لكن لماذا تنشر روسيا كل هذه المخاوف من استخدام كييف القنبلة القذرة، رغم نفي الأخيرة بشكل قاطع امتلاك مثل هذا النوع من الأسلحة؟ هذا هو السؤال الأصعب في التطور الحالي، وإجابته تكشف سيناريوهات المستقبل.
المحلل المختص بشؤون الدفاع، إتش آي سوتون، كتب على "تويتر": "سيناريو افتراضي يتبادر إلى الذهن عند سماع مكالمات روسية مع المملكة المتحدة وفرنسا وغيرها".
وموضحا السيناريو الذي يقصده، كتب "تفجر روسيا قنبلة قذرة في أوكرانيا، وتلوم الأخيرة على الفعلة، ثم تسقط الأسلحة النووية التكتيكية انتقاما"، وفق ما رصدته "العين الإخبارية".
لكن الباحث مايك سترونج رد على سوتون، قائلا "بالطبع يمكن أن يحدث العكس. وهذه المكالمات منطقية حقًا لأن كل من المملكة المتحدة وفرنسا لديهما نفوذ على الجانب الأوكراني، لذلك فهو تحذير للتأكد من أن كييف لن تفعل ذلك".
الكاتب الأمريكي، بيل براودر، ذهب إلى السيناريو الأول، وقال "هذا الأمر مزعج للغاية.. إذا استمر المسؤولون الروس في الحديث عن القنبلة الأوكرانية القذرة، فهذا يعني أن روسيا على وشك القيام بهذا الفعل، وإلقاء اللوم على أوكرانيا".
بدوره، قال الخبير المتخصص في الشأن الروسي، نايجل جولد ديفيز، على حسابه على "تويتر": "إن جولة مكالمات شويغو مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وتركيا عن "قنبلة قذرة" أمر مثير للقلق".
وتابع في تغريداته التي تابعتها "العين الإخبارية": "لم نر شيئًا مثل هذه الدبلوماسية العسكرية المكثفة منذ بدء الحرب، وجوهرها هو أكثر إثارة للقلق".
ومضى موضحا "بالطبع، أوكرانيا ليس لديها القدرة ولا تحتاج إلى استخدام القنبلة القذرة.. روسيا هي التي تخسر. ولن يصدق أي شخص شويغو على أي حال".
الخبير في الشأن الروسي قال عن تداعيات الحديث المكثف عن "قنبلة قذرة": "من الصعب للغاية رؤية هذه الدعوات على أنها أي شيء آخر غير أن شويغو يريد إما ممارسة خداع (دفع أوكرانيا للتركيز على شيء وشن هجوم باتجاه آخر) أو تمهيد الطريق لاستخدام روسيا لسلاح نووي".
وقال أيضا "روسيا تواجه تضاؤل الخيارات وتتراجع.. احتمال التصعيد بجميع أنواعه، مطروح".