ترحيل «قذر».. اقتصاد بريطانيا يحدد مصير المهاجرين
تُعد الهجرة غير الشرعية الهاجس الأكبر في بريطانيا؛ إذ تتصدر قضايا مشهد الانتخابات التشريعية.
وكان رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ريشي سوناك قد تعهد بوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وجعل تحقيق هذا الهدف إحدى أولوياته.
لكن هذا الهدف تحاصره مخاوف اقتصادية بسبب تكلفتها وإضافتها أعباء جديدة على الموازنة وكذلك مخاوف "إنسانية"؛ إذ تبحث الحكومة البريطانية عن دولة "حاضنة" أفريقية لاستقبال المهاجرين بعد ترحيلهم من بريطانيا، وهذا ما قوبل بانتقاد من أوساط الحزب المحافظ نفسه.
خطة ترحيل "قذرة" ومكلفة
من جانبه، قال أحد النواب المحافظين الذي يعمل مساعداً لوزير الداخلية البريطاني، إنّ خطة الحكومة البريطانية المحافظة ترحيل مهاجرين إلى رواندا "قذرة"، مؤكداً في الوقت ذاته أنّه سيكون لها تأثير رادع، وفق مقطع تمّ تسجيله من دون علمه وسُرّب الأحد.
وأدلى جيمس سانرلاند، وهو مساعد مقرّب لوزير الداخلية جيمس كليفرلي، بهذه التصريحات في أبريل/نيسان الماضي خلال فعالية نظّمها الشباب المحافظون تحت عنوان "كيف تبدو الأمور خلف الكواليس في وزارة الداخلية؟".
وفي التسجيل الذي نشرته شبكة "بي بي سي"، الأحد، يمكن سماعه وهو يسأل الجمهور: "ألا يملك أحد كاميرا أو هاتفاً؟"، ثمّ يتابع "هذه السياسة قذرة، أليس كذلك؟ إنّها قذرة".
وكان رئيس الحكومة ريشي سوناك تعهّد بأنّه في حال فاز المحافظون في الانتخابات التشريعية، ستُقلع طائرات لترحيل مهاجرين غير شرعيين من المملكة المتحدة إلى رواندا ابتداءً من يوليو/تموز.
كذلك، أكّد جايمس ساندرلاند المرشّح للانتخابات التشريعية، في التسجيل المذكور أنّ هذه السياسة يجب أن تكون فعّالة. وقال "ليس هناك من شكّ في أنّ إقلاع الرحلات الأولى سيسبّب موجة من الصدمة... وأنّ العصابات (المهرّبين) ستختفي".
من جهته، قال جيمس كليفرلي الأحد إنّ ساندرلاند أدلى بهذه التصريحات لخلق "تأثير درامي... وجذب انتباه العامة". وأضاف "لكنّه يؤيّد تماماً التأثير الرادع (للخطّة)، وهذا واضح في التسجيل".
ويسعى حزب العمّال الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات التشريعية، إلى التخلّي عن قانون الترحيل إلى رواندا الذي يعتبره مكلفاً وقاسياً وغير فعّال، لكنّه يعتزم تعزيز السيطرة على المانش.
وقال كير ستارمر، زعيم المعارضة ورئيس الوزراء المقبل في حال فوز حزب العمال في الانتخابات "فقدت الحكومة السيطرة على حدودنا".
ويرى حزب العمال أيضًا أن موضوع الهجرة مهم جداً، ووعد باستخدام وسائل مستوحاة من الحرب ضد الإرهاب لمحاربة عصابات تهريب المهاجرين.
10 آلاف مهاجر منذ مطلع 2024
بلغ أكثر من 10 آلاف مهاجر أراضي بريطانيا منذ بداية العام من خلال عبور بحر المانش، وهو عدد غير مسبوق يتزامن بلوغه مع حملة الانتخابات التشريعية التي من المقرر عقدها في 4 يوليو/تموز في البلاد.
ومنذ بداية العام، تمكن 10.170 شخصًا من عبور بحر المانش. ويأتي كثيرون من أفغانستان وإيران وتركيا. ويمثل ذلك زيادة تفوق 35% مقارنة بالعام الماضي.
وفي 2023، عبر 29437 مهاجراً مقارنة بـ45774 في 2022، وفقاً لأرقام وزارة الداخلية البريطانية. ومع ذلك، لا تزال أرقام عام 2023 ثاني أعلى أرقام مسجلة على الإطلاق، أعلى من تلك المسجلة في 2021 (28526).
وقال المكتب البريطاني للإحصاءات الوطنية، في مايو/أيار 2024، إن بريطانيا شهدت تراجعاً للهجرة غير الشرعية في العام الماضي، بعد الرقم القياسي الذي سجلته عام 2022 مع 685 ألف شخص إضافي.
ونشر مكتب الإحصاءات الوطني بيانات محدثة عن الهجرة غير الشرعية، بين مارس/آذار من عاميْ 2023 و2024، إذ رصدت السلطات 38.546 وصولاً غير قانوني إلى المملكة المتحدة، في تراجع بنسبة 28% مقارنة بالأشهر الـ12 السابقة، فيما وصل 81% من هؤلاء الأشخاص إلى البلاد عن طريق عبور المانش في قوارب صغيرة.
لكن مكتب الإحصاءات الوطنية يؤكد أنه في الأشهر الثلاثة الأولى من 2024 وحدها، ارتفع عدد الوافدين عبر هذه القوارب بنسبة 43% مقارنة بالفترة نفسها من 2023.
وفي عام 2022، ارتفع صافي الهجرة، أي الفارق بين الوافدين الأجانب إلى بريطانيا والمغادرين، إلى 764 ألف شخص، وفقاً لتقدير أولي صادر عن مكتب الإحصاءات الوطني، كما وصل 1.22 مليون شخص (-39 ألفاً خلال عام) إلى البلاد في 2023، بينما غادر 532 ألفاً (+39 ألفاَ).
ووعدت الحكومة بخفض الهجرة بـ300 ألف شخص في السنوات المقبلة.
وتعول حكومة المحافظين في ردع المهاجرين عن القدوم إلى بريطانيا من خلال قانونها لترحيل آلاف طالبي اللجوء إلى رواندا.