هل بدأ النزوح الكبير للمليونيرات من بريطانيا؟
توقع مراقبون أن يغادر عدد قياسي من أصحاب الملايين المملكة المتحدة هذا العام، بدفع من الاضطرابات السياسية واحتمال فرض ضرائب أعلى في ظل حكومة حزب العمال المستقبلية، الأمر الذي يقلل من جاذبية البلد الذي كان ذات يوم من الوجهات المفضلة للأثرياء.
ونقلت "سي إن إن" عن تقديرات مؤقتة أوردها تقرير صادر مؤخرا عن مجموعة استشارات الهجرة هينلي آند بارتنرز، أنه من المتوقع أن يغادر البلاد ما يصل إلى 9500 شخص يمتلكون ثروات لا تقل عن مليون دولار من الأصول السائلة والقابلة للاستثمار، أي أكثر من ضعف العدد الذي غادر في عام 2023.
وكتبت هانا وايت، الرئيس التنفيذي لمعهد الحكومة، في التقرير أن هذه تعكس تراكما ثابتا للعوامل التي تنتقص من جاذبية المملكة المتحدة للأفراد ذوي الثروات العالية". وأضافت "لا تزال آثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي محسوسة، حيث لم يعد يُنظر إلى مدينة لندن على أنها المركز المالي للعالم".
بيانات من أثرياء
ويستند التقرير إلى بيانات عن 150 ألف فرد من ذوي الثروات العالية تتبعهم شركة الاستثمار New World Wealth.
وأفاد التقرير بأن الهجرة الجماعية مستمرة من المملكة المتحدة، إذ غادر 16500 مليونير بين عامي 2017 و2023، ضمن موجة الهجرة الجماعية العالمية للأثرياء التي يبدو أنها تتسارع.
ووجد تقرير هينلي لهجرة الثروات الخاصة أن 128 ألف مليونير من المقرر أن ينتقلوا إلى أماكن أخرى هذا العام، متجاوزين الرقم القياسي المسجل في العام الماضي بمقدار 8000.
وقال دومينيك فوليك، رئيس عملاء القطاع الخاص في شركة هينلي آند بارتنرز، في بيان صحفي: "بينما يتصارع العالم مع عاصفة كاملة من التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين الاقتصادي والاضطرابات الاجتماعية، يتحرك أصحاب الملايين بأعداد قياسية".
ومن بين الأماكن الخمسة عشر التي تضم معظم المليونيرات المقيمين مثل الصين واليابان وهونغ كونغ، تعاني المملكة المتحدة أكثر من معظم الدول من خسارة صافية في عام 2024، وعلى النقيض من ذلك ارتفعت أعداد الأثرياء في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وألمانيا وفرنسا خلال الفترة نفسها.
البريكست
وقد تفاقم تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي أنهى حرية حركة الأشخاص بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن رفع حواجز جديدة أمام التجارة والاستثمار، والصدمات الاقتصادية الأخرى مثل الحرب في أوكرانيا وما تلاها من ارتفاع أسعار الطاقة، هذا كله بالإضافة إلى فترة من عدم اليقين السياسي غير المسبوق.
وغيرت المملكة المتحدة خمسة رؤساء وزراء منذ عام 2010، بما في ذلك فترة ولاية ليز تروس لمدة 45 يوما في عام 2022، عندما أدت خطتها لزيادة الاقتراض الحكومي لخفض الضرائب إلى انخفاض الجنيه الاسترليني إلى مستوى قياسي مقابل الدولار وأجبر بنك إنجلترا على التدخل لمنع حدوث أزمة مالية.
وقد أدى عدم الاستقرار هذا إلى زيادة صعوبة معالجة صناع السياسات للنمو الاقتصادي الهزيل في البلاد وتعزيز مناخ أفضل للاستثمار.
والآن هناك خطر جديد في الأفق، فقد بذل حزب العمال بزعامة كير ستارمر، الذي ينافس حزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء ريشي سوناك، قصارى جهده لجذب رجال الأعمال والمستثمرين، والوعد بالاستقرار الاقتصادي والنمو الأقوى إذا فاز في الانتخابات المقبلة في 4 يوليو/تموز.
وقد وعد ستارمر والمتحدثة باسمه راشيل ريفز، التي عملت سابقا في بنك إنجلترا، بعدم زيادة ضريبة الدخل أو ضريبة المبيعات، والالتزام بالقواعد المالية التي تبنتها حكومة سوناك.
لكن حزب العمال ملتزم بزيادات ضريبية مستهدفة يمكن أن تضر الأغنياء، إذ تريد إلغاء الإعفاء الضريبي بنسبة 20% من المدارس الخاصة لتمويل المعلمين الجدد في القطاع الحكومي، وإغلاق الثغرات المتبقية التي تسمح لبعض المقيمين بحماية أرباحهم الأجنبية من الضرائب وجمع المزيد من الأموال من شركات الأسهم الخاصة.
وقالت وايت "إن تدفق الأفراد ذوي الثروات الكبيرة إلى الخارج الناتج بالفعل عن السياق الاقتصادي والسياسي يتسارع الآن من خلال القرارات السياسية قبل الانتخابات".
aXA6IDE4LjIyNi4yMjYuMTUxIA==
جزيرة ام اند امز