محمد العريان يحذر «الفيدرالي الأمريكي» من خطأ استراتيجي بأسعار الفائدة
دعا الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي للتحرك على الفور فيما يخص معدلات الفائدة.
وفي مقال نشرته صحيفة الفاينانشيال تايمز، قال العريان إنه استمع إلى الحجج التي تسلم بأنه "لا يهم متى يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، بل أن ما يهم هو متى ينتهي الفيدرالي من خفض الفائدة".
وكتب العريان، وهو رئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج، ومستشار لشركة أليانز، إن هذه الرؤية تتجاهل أهمية توقيت بدء الفيدرالي في خفض الفائدة لأنه في الظروف الحالية، يشكل التوقيت أهمية بالغة للحفاظ على رفاهية وقوة الاقتصاد.
وقال العريان إن الحجة المعتادة حول أهمية التوقيت تفترض أن التخفيض الأول لسعر الفائدة يسمح للأسواق بتسعير دورة التخفيض بأكملها بثقة أكبر.
وكتب: "نظراً لاعتماد بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل مفرط على البيانات، والذي امتنع عن تبني وجهة نظر استراتيجية، فمن المؤسف أنه من غير المرجح أن يتغير هذا النهج في أي وقت قريب".
وقال العريان إن عدم وضع استراتيجية واضحة كان سبباً في تقلبات في أسواق الدخل الثابت ويكمن هذا في سلوك عوائد سندات الخزانة الأمريكية، سواء كانت السندات ذات أجل عامين الحساسة للسياسة النقدية، أو السندات لأجل 10 سنوات التي تلتقط اتجاهات السوق الأكثر شمولاً لدورة سعر الفائدة بأكملها بالإضافة إلى التضخم والنمو.
وتابع: "في الأسابيع الأربعة التي سبقت اجتماع سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأخير، تقلبت عائدات السندات لأجل عامين بشكل كبير: حيث ارتفعت إلى ما يقرب من 5 في المائة، ثم انخفضت بنسبة 0.26 نقطة مئوية، وارتفعت بمقدار 0.18 نقطة، ثم انخفضت مرة أخرى بمقدار 0.22 نقطة إلى أدنى مستوى عند 4.67 في المائة. وأظهر العائد على السندات لأجل 10 سنوات تقلبات مماثلة، ولكن بمقادير أكبر" وفقا للعريان.
حالة الاقتصاد
وقال العريان "تتعلق الحجة الأقوى لأهمية التوقيت بحالة الاقتصاد. وتشير البيانات المتزايدة، إلى الضعف الاقتصادي، بما في ذلك تدهور مؤشرات النمو الاقتصادي وقد تزامن ذلك مع تآكل كبير في الاحتياطيات التي تحتفظ بها الشركات الصغيرة والأسر ذات الدخل المنخفض.
ووفقا للعريان، تأتي نقاط الضعف، التي من المرجح أن تزداد مع ظهور المزيد من الآثار المتأخرة لدورة التشديد الطويلة - وسط تقلبات اقتصادية وسياسية دورية كبيرة، بالإضافة إلى التحولات في مجالات مثل التكنولوجيا والطاقة المستدامة وإدارة سلسلة التوريد والتجارة.
وقال العريان إن هناك أيضًا منظور تاريخي يشير إلى أن خفض أسعار الفائدة في الوقت المناسب يساهم في تحقيق نتائج اقتصادية أفضل.
وأضاف "وكما أكد بوب ميشيل من بنك جيه بي مورغان في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ، فإن التخفيض السريع لأسعار الفائدة لعب دورًا مهمًا في إحداث هبوط ناعم بعد دورة رفع أسعار الفائدة بمقدار 3 نقاط مئوية في الفترة 1994-1995، وهو حدث نادر في التاريخ".
ويشير العريان إلى أنه ينبغي لهذه السابقة التاريخية أن تغرس شعوراً بالتفاؤل، مما يشير إلى أن خفض أسعار الفائدة في الوقت المناسب من الممكن أن يؤدي إلى نتيجة إيجابية مماثلة في المشهد الاقتصادي الحالي حيث أن احتمال الهبوط الناعم الذي يتوقعه العريان هو بنسبة 50 في المائة في الوقت الحالي.
واضاف "ونظراً لمشكلة التضخم، فإن تأجيل التخفيض الأول لسعر الفائدة يزيد من احتمالية أن يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي في النهاية إلى خفض المزيد لتقليل مخاطر الركود".
ويشير في هذا السيناريو إلى تصويب الخطأ الأولي الذي ارتكبه بنك الاحتياطي الفيدرالي في سياساته خلال الفترة 2021-2022. ومن خلال سوء وصف التضخم آنذاك باعتباره "مؤقتا" وتأخير رد فعله، اضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى زيادة أسعار الفائدة بقوة بما يزيد على 5% بما في ذلك أربع زيادات متتالية بنسبة 0.75 نقطة مئوية.
الخفض أكثر مما يجب
وقال "إذا اضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي هذه المرة إلى الدخول في دورة تخفيض كبيرة بسبب تأخر بدايته وتسارع نقاط الضعف الاقتصادية والمالية، فسيتعين عليه أيضاً أن ينتهي به الأمر إلى التخفيض بأكثر من اللازم".
ويشير العريان إلى أن الأسر والشركات الصغيرة ستكون أكثر عرضة لمثل هذا التجاوز حيث تؤدي انخفاض الفوائد المترتبة على انخفاض أسعار الفائدة إلى زيادة انعدام الأمن في الدخل أو البطالة.
وكتب العريان أنه بدلاً من ذلك، يعتمد السعر النهائي لدورة تخفيض سعر الفائدة الفيدرالية القادمة على وقت بدايتها. وكلما طال انتظار الفيدرالي لبدء دورة خفض الفائدة، كلما زاد خطر إلحاق الضرر غير ضروري بآفاق نمو الاقتصاد واستقراره المالي، وهو ما من شأنه أن يلحق الضرر بالشرائح الأكثر ضعفا بشكل خاص".
واختتم العريان المقال بأنه يبدو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي عالقاً مرة أخرى في ردة فعل قائمة على البيانات بدلاً من رد فعل أكثر استراتيجية توجه الاقتصاد إلى الهبوط الناعم الذي يأمله كثيرون ويحتاج إليه العالم بشدة.