أمراض بلا عناوين.. أوبئة صامتة انتشرت في 2025 دون ضجيج
رغم أن الإعلام غالبا ما تركز على الجوائح العالمية، فإن عام 2025 شهد أيضا انتشارا واسعا لما يمكن تسميته بـ "الأوبئة الصامتة".
وهذه الأوبئة، هي أمراض تنتشر ببطء أو في صمت نسبي، بعيداعن ضجيج الأخبار الكبيرة، لكن تأثيرها على صحة المجتمعات كبير وقد يكون مستمرا على المدى الطويل.
أولا: عودة الأمراض التي كان يُعتقد أنها تحت السيطرة
وشهد 2025 ظهور حالات من الإصابة بالحصبة في أجزاء من الولايات المتحدة بعد سنوات من إعلان القضاء عليها، حيث تم تسجيل مئات الحالات ووفاة بعض المرضى الذين لم يتلقوا التطعيم، الأمر الذي يعكس ضعفا في معدلات المناعة المجتمعية.
وتشير تقارير صحفية إلى استمرار حالات الحصبة في مجتمعات غير مطعمة، ما يجعل انتشار المرض "صامتًا" نسبيًا مقارنة بتقارير الجوائح الكبرى.

ثانيا: أمراض طفيلية ومناطقية تتحول إلى تهديد أوسع
1- الملاريا في جمهورية الكونغو الديمقراطية
اندلاع وباء الملاريا في مقاطعة إكواتور بجمهورية الكونغو الديمقراطية في أوائل 2025 أدى إلى آلاف الحالات والعديد من الوفيات. المرض كان معروفًا في المنطقة، لكنه تفاقم ليصبح وباء يؤثر على المجتمعات المحلية بشكل كبير، دون أن يجذب اهتماما عالميا واسعا.

2- شياغاس في الولايات المتحدة
أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض الأمريكية أن مرض الشياغاس، الذي ينقله حشرة «العض الشرقي»، أصبح الآن مرضا متوطنا (مستوطَنًا) في الولايات المتحدة، مع إمكانية انتشار أكبر. هذا المرض غالبا لا يحصل على الاهتمام الذي يستحقه لأنه لا يظهر في تقارير الجوائح الكبرى بالرغم من خطورته المحتملة على الصحة القلبية والهيكلية.

ثالثا: الأمراض المنقولة بالناقلات والوبائية الجديدة
وهذه الأمراض ناجمة عن فيروسات تنتقل عبر النواقل مثل البعوض بدأت تظهر في مناطق كانت غير معتادة من قبل:
في أوروبا، لوحظ انتشار فيروسات مثل فيروس وست نايل وفيروس أوسوتو، التي تنتقل عبر البعوض وتسبب أمراضا في الدماغ والأعصاب، ما يساهم في ظهور حالات مرضية غير معروفة غالبا لدى العامة.
وتشير بيانات من شبكات الصحة العامة إلى استمرار انتشار الدينجي وأمراض أخرى مشابهة في جزر وشمال أمريكا خلال 2025، مما يعكس تأثير التغير المناخي في توسّع نطاق الناقلات.

رابعا: الأمراض المصاحبة للتغيرات البيئية والاجتماعية
وتحت هذا الصنف يظهر تأثير تلوث الهواء كعامل صحي صامت، فالتلوث البيئي ليس "وباء" بمعناه التقليدي، لكنه يصل حد الأزمة الصحية الصامتة، حيث يساهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وأمراض الجهاز التنفسي، وقد أطلق خبراء وصفا له بـ "الخطر الصامت"، الذي يهدد صحة الأجيال.

لماذا تُعد هذه الأوبئة صامتة؟
وتوصف هذه الأوبئة بالصامتة لعدة أسباب أبرزها: نقص الوعي والمراقبة، كما أن العديد من هذه الأمراض لا تحظى بتغطية إعلامية كبيرة لأنها ليست "جديدة تماما" في التعريف، لذلك لا تُعتبر طارئة بشكل جذري، وتنتشر بين الفئات الأكثر ضعفا أو في المناطق الأقل وصولاً للخدمات الصحية، وقد لا تُكشف مبكرا بسبب نقص التشخيص أو ضعف نظم المراقبة الصحية.
وتظهر التقارير العلمية أن تغير المناخ، الفقر، ومقاومة المضادات الحيوية هي من العوامل الرئيسة التي تدفع هذه الأمراض إلى التوسع والانتشار في 2025، دون أن تتحول إلى "أزمة عالمية فجائية" لكنها تتفاقم ببطء، مما يجعلها "أوبئة صامتة" بحسب توصيف باحثين.

إلى أين تسير الأمور؟
وبينما ينشغل العالم بالتهديدات الوبائية الكبيرة، فإن الأمراض الصامتة تشكل عبئا صحيا متزايدا على المجتمعات، خاصة في البلدان ذات الأنظمة الصحية الهشة.
وهذه الأمراض تنتشر بهدوء لكنها تسبب ضغوطا كبيرة على الأجهزة الصحية، وتتطلب تحسينات في المراقبة الصحية، التغطية المناعية، والاستثمار في البحوث الوقائية، وتعكس الحاجة إلى نهج صحّي شامل يأخذ في الاعتبار الصحة البشرية والحيوانية والبيئية معا.