هل تصل انتخابات فلسطين إلى يوم الاقتراع؟
قبل نحو أسبوعين من انطلاق الدعاية لانتخابات فلسطين، تتساوى فرص الوصول ليوم الاقتراع، مع احتمالات التأجيل لأسباب عدة في مقدمتها "القدس".
وفي وقت تكثفت الاجتماعات القيادية الفلسطينية والاتصالات مع المجتمع الدولي لتحدد الموقف بشأن الانتخابات الفلسطينية بالقدس في ظل عدم الرد الإسرائيلي على مطلب عدم عرقلة الانتخابات بالقدس، يدور الحديث عن سيناريو كبير لتأجيل الانتخابات بضوء أخضر أمريكي.
وفي حين تتصدر قضية الانتخابات في القدس الدوافع المعلنة للتأجيل، يدور في الكواليس الحديث عن أسباب أخرى متعلقة بتشتت حركة فتح إلى 3 قوائم إضافة لقوائم أخرى من المستقلين، وهو الأمر الذي يضع يزيد من فرص حماس في الحصول على الكتلة الأكبر في المجلس القادم.
وحصلت "العين الإخبارية" على رسالة من قيادات أسيرة كبيرة من حركة فتح تدعو إلى تأجيل الانتخابات التشريعية، مقترحة تعديل قانون الانتخابات بموجب مرسوم رئاسي، لانتخاب الرئيس ونائبه على الطريقة الأميركية، بما يتيح ترشيح الرئيس محمود عباس للرئاسة والقيادي في الحركة الأسير، مروان البرغوثي، نائبًا للرئيس لاحقًا.
وبموجب هذا الاقتراح، يدعو الأسرى إلى سحب قائمة الحرية التي يرأسها القيادي المفصول من مركزية فتح ناصر القدوة ويدعمها البرغوثي، لتوحيد فتح في قائمة واحدة. ورغم إعلان قيادات أخرى في حركة فتح أن هذه الرسالة غير رسمية ولا تمثل أسرى فتح في السجون إلاّ أنها تعكس توجه قيادات أسيرة فاعلة، بحسب خبراء.
ضوء أخضر أمريكي
وكشفت كبرى الصحف الفلسطينية "القدس" عن ضوء أخضر أمريكي بعدم معارضة تأجيل الانتخابات المقررة في 22 مايو المقبل "إذا اضطر الفلسطينيون إلى تأجيلها”.
ونقلت "القدس" عن مصدر مطلع أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "ستنظر بتفهم إلى احتمال تأجيل الانتخابات بعضاً من الوقت، ولن تمانع إذا قرر الفلسطينيون اختيار وقتا أكثر مواتاة، تصبح فيه التحديات التي ذكرتها قيد السيطرة".
ووفق مصادر مطلعة؛ فإن أوروبا تعارض حتى الآن تأجيل الانتخابات، وهو الأمر الذي دفع وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي البدء بجولة أوروبية لبلورة موقف نهائي من المسألة تحت شعار "حشد الضغط الدولي لتنفيذ الانتخابات في القدس".
بانتظار نتائج جولة المالكي
عضو المجلس الثوري في حركة فتح، حاتم عبد القادر، اعتبر في حديثه لـ"العين الإخبارية" أنه "من المبكر الحديث عن التأجيل الآن وإن كان لم يستبعد الأمر".
وقال: إن الأمور بانتظار نتائج الاتصالات التي يجريها المالكي حاليا مع عدد من الدول الأوروبية، لكن حركة فتح لن تسجل على نفسها تخليها عن القدس مقابل إجراء الانتخابات".
وبدأ المالكي، الأحد، جولة إلى عدد من العواصم في القارة الأوروبية، بتوجيهات من الرئيس محمود عباس، ستبدأ اللقاءات غداً الإثنين في بروكسل بلقاءين مع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية الوزير جوزيف بوريل، ووزير خارجية بلجيكا.
مع الانتخابات ولكن
وأيد خالد منصور عضو المكتب السياسي لحزب الشعب عدم إجراء الانتخابات دون القدس، وقال لـ"العين الإخبارية": "نحن مع الانتخابات ولكن ليس بأي ثمن خصوصا اذا كان الثمن القدس".
وأضاف "الأولى بنا أن لا نوافق على الاتتخابات دون القدس لأن الوضع اليوم مختلف عن 2006 “، موضحا أن " المطلوب اليوم اسقاط القدس من الاجندة الفلسطينية تساوقا مع صفقة القرن لذلك نرفض اجراء الانتخابات دون القدس".
وذهب إلى انه "إذا استنفذنا كل الطاقات ولم تنجح يجب أن لا تتم الانتخابات دون القدس"، مؤكدا أن هناك تيارا واسعا مع هذا التأجيل وحتى عناصر بعض الفصائل المتراوحة مواقفها بين نعم ولا ".
وتوالت في الأيام الماضية، تصريحات مسؤولية كبار من حركة فتح، وبعض فصائل منظمة التحرير، بالتأكيد أنه "لا انتخابات دون القدس"، في حين ترى حماس وقوى مشاركة في الانتخابات أن ذلك ليس إلا ذريعة للتهرب من استحقاق الانتخابات بسبب الانقسامات التي تمر بها حركة فتح.
معارضة أوروبية للتأجيل
الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، والمرشح على قائمة الحرية يقول: هناك أفراد وعوامل تدفع نحو تأجيل الانتخابات التشريعية وهي قوية لا نستطيع التقليل منها على خلفية القوائم المتعددة لحركة فتح والكورونا والقدس".
لكن في المقابل – حسب المصري- لا نقلل الأسباب التي تدعو لانعقاد الانتخابات في موعدها وأهمها أن عدم الانعقاد سيجعل السلطة في وضع حرج أمام شعبها والداعمين لها خاص الاتحاد الاوروبي الذي يصر على عقد الانتخابات في موعدها.
ويؤكد "بالتالي عوامل تدفع لعقدها واخرى لتأجيلها ونأمل أن ينتصر صوت عقدها لأننا بحاجة لتجديد الشرعيات خاصة أن وضعنا سيء على كل الصعد والفساد مستشر والحصار مستمر".
ورأى أن المطلوب أن يتم الاتفاق على صيغة لإجراء الانتخابات في القدس وليس الخضوع للاحتلال.. وهناك صيغ كثيرة لإجرائها .
وأشار إلى أن مبادرة اسرى فتح تذهب إلى تأجيل الانتخابات وإذا وافق الرئيس على المبادرة تكون أحد المبررات للتأجيل لأنها تدعو لاستحداث منصب نائب رئيس على الطريقة الأمريكية، مشددا على أن "المبادرة تقزم الأمور وتحصرها في فتح والانتخابات تشارك فيها قوى الشعب وتياراته العديدة لذلك تأجيلها يضرب النظام الفلسطيني بالصميم".
انقسامات ودوافع المعطلين
الدكتور صادق أمين، الكاتب والمحلل السياسي، يرى أن الكل في الساحة الفلسطينية بات يدرك أن القدس باتت تستخدم كذريعة؛ لأن الخيار الأمثل إجراء الانتخابات وتحدي قرار الاحتلال وعدم انتظار موافقته.
وقال أمين لـ"العين الإخبارية": "هناك معطيات أن حركة فتح نفسها منقسمة على مسألة المضي بالانتخابات أو تأجيلها، فهناك قيادات مع مضيها، وأخرى تريد تأجيلها بسبب الخشية من النتائج في ظل تعدد القوائم".
وأشار إلى أن هناك فصائل صغيرة في منظمة التحرير لها حضور في اللجنة التنفيذية وفشلت في تشكيل قوائم انتخابية، أو شكلت قوائم وفرصها في تجاوز نسبة الحسم ضعيفة، تدفع هي الأخرى باتجاه التأجيل؛ لأنها متضررة فعليا من النتائج المرتقبة.
وأكد أن ترتيبات لجنة الانتخابات، تبين أن أقل من 7 آلاف ناخب في القدس هم الذين بحاجة لموافقة إسرائيلية مسبقة، في حين البقية (أكثر من 150 ألف ناخب) ستوضع صناديق الاقتراع الخاصة بهم في ضواحي القدس، دون انتظار موافقة إسرائيلية.
لجنة الانتخابات تعلن الموقف
وفعليا أعلنت لجنة الانتخابات الفلسطينية، اليوم الأحد، استعدادها لعمل أي ترتيبات لمشاركة المقدسيين في الانتخابات بناء على توجيهات القيادة السياسية.
وأشارت إلى أن القيادة الفلسطينية بعثت برسالة إلى الجانب الإسرائيلي تؤكد فيها أنها ستُجري الانتخابات في القدس والضفة والقطاع، وفق البروتوكولات المتفق عليها وكما تمت في الانتخابات الماضية، والتي تتلخص بالنسبة للقدس بعلمية اقتراع في ستة مراكز بريد في مدينة القدس الشرقية تتسع لحوالي 6300 شخص.
وأكدت أن هذا الأمر الذي يحتاج إلى موافقة إسرائيلية حيث إن مراكز البريد تحت سيطرة الجانب الإسرائيلي.
وذكرت أن بقية الناخبين المقدسيين المؤهلين للاقتراع وعددهم حوالي 150,000 فمن المفترض أن يصوتوا في ضواحي القدس ولا يحتاج هذا الأمر إلى موافقة إسرائيلية.
وكشفت أنها وفرت 11 مركزاً انتخابياً في ضواحي القدس كي يتمكن ال 150,000 مقدسي من الاقتراع فيها دون تسجيل مسبق، ودربت الطواقم الفنية اللازمة للقيام بهذه المهمة.
ووفق اللجنة، ترشح حوالي 60 مقدسيا في القوائم الانتخابية المختلفة، فيما من المقرر أن تنطلق في 30 نيسان القادم – أي خلال أقل من أسبوعين – مرحلة الدعاية للانتخابات التشريعية، والتي من المفترض أن تشمل مدينة القدس.