شروط "المعونات" تهدد المستشفيات الآمنة في سوريا

في محاولة بائسة، وجد أطباء سوريا أنفسهم مجبرين على اللجوء إلى التمويل الجماعي للحفاظ على المستشفيات تحت الأرض وداخل الكهوف.
في محاولة بائسة، وجد أطباء سوريا أنفسهم مجبرين على اللجوء إلى التمويل الجماعي للحفاظ على المستشفيات الأكثر أمنا المبنية تحت الأرض وداخل الكهوف.
نظرا لتقييد تمويل المستشفيات بسبب الشروط التي تحكم كيفية إنفاق ميزانيات المعونات، يحاول الأطباء السوريون البحث عن بدائل لبناء تعزيز المنشآت الطبية، وفقا لتقرير جمعية "الحملة السورية".
فبموجب إرشادات الجهات المانحة، يعتبر العمل للحفاظ على المستشفيات تحت الأرض؛ التي أصبحت بديلا للعيادات فوق الأرض المستهدفة في غارات القصف بالقنابل، ليس عملا إنسانيا، حسب صحيفة الجارديان البريطانية.
وفي محافظة إدلب التي يسيطر عليها المعارضة السورية، توجد 30 مستشفى غير محصنة على الإطلاق، ولا يوجد سوى 3 مستشفيات تحت الأرض فقط لتوفير الخدمات الطبية في المنطقة، ما يعرض العاملين والمرضى في خطر على حد سواء.
ووفقا لمنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، تم شن 454 غارة على منشآت طبية منذ اندلاع الحرب السورية، ما تسبب في مقتل 814 مسعفا، وتقول المنظمة إن المستشفيات تحت الأرض وداخل الكهوف توفر حماية أفضل كثيرا للعاملين.
وفي إبريل 2017 فقط، كان هناك 25 هجوما على منشآت صحية بواقع هجوم كل 29 ساعة، كما أن 91% من هذه الغارات نفذتها الحكومة السورية أو حلفاؤها وتشمل روسيا.
وتقول مجموعة عمل هيلث كلاستر، في التقرير، إن تحصين المستشفيات الميدانية تحت الأرض وداخل الكهوف بواسطة مهندسين وأطباء سوريين استجابة للأزمة، أمر ملح للغاية.
وعلى الرغم من أن الأطباء عملوا على التعايش مع أهوال الصراع في سوريا، إلا أن الجهات المانحة فشلت في تقديم التمويل إليهم. وتوضح الجارديان أن معظم الجهات المانحة لن تقوم بتمويل أي مشروع تنموي في مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية، وسيقومون بدلا من ذلك بتمويل استبدال المعدات الطبية التي تم تدميرها أثناء الهجمات الجوية، حيث يتلاءم ذلك مع أنماط التمويل التقليدية.
وضربت الصحيفة مثالا بمستشفى حماة المركزي، المبني داخل أحد الكهوف، ويقع أسفل 17 مترا من الصخور، التي استغرق بناؤه عاما، وتم افتتاحه عام 2015، ويحتوي على 3 غرف عمليات.
ونقلت ما قاله الدكتور حسن الأعرج مؤسس المستشفى قبل وفاته بدقائق خلال غارة جوية على إحدى سيارات الإسعاف، العام الماضي: "الشيء الذي أطلبه هو أن يتخذ العالم إجراء من أجل حماية المرضى، كما هو الحال مع المستشفيات تحت الأرض. نحتاج إلى حماية".
وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن مستشفى حلب "إم 10" تم نقله تحت الأرض أثناء حصار المدينة وقصفها العام الماضي، بعدما تعرض المبنى إلى سلسلة من الهجمات.
أما أحدث المشاريع الطبية تحت الأرض والتي تسعى إلى تمويل جماعي لاستكمال بنائها، فهي مستشفى ابن سينا للنساء والأطفال في مدينة إدلب، برئاسة خالد المليجي، رئيس منظمة الإغاثة الطبية الدولية المستدامة.
ويعمل المليجي على جمع التبرعات مع زملائه من جامعة براون الأمريكية، حيث درس، حتى أعلنت إدارة دونالد ترامب "حظر السفر لمواطنين من دول ذات أغلبية مسلمة" ما منعه من الدخول مرة أخرى إلى الولايات المتحدة عقب إجازة في تركيا.
وركز المليجي بدلا من ذلك على بناء مستشفيات محصنة تحت الأرض، معتمدا على تبرعات خاصة لسد العجز المتسبب فيه تمويل الجهات المانحة والتكاليف الفعلية.
أيضا كان التمويل الجماعي أمر ضروري لبناء مستشفى الأمل للأطفال بالقرب من جرابلس، شمال سوريا، ويدير المشروع مجموعة أطباء من شرق حلب، الذين تم إجلاؤهم من المدينة ديسمبر الماضي، بعد حصارها حوالي 6 شهور وسط حملة عسكرية مكثفة.
وتعاون هؤلاء الأطباء مع "بيبولز كونفوي" التي نقلت إمدادات طبية مهمة من لندن إلى جنوب تركيا، فضلا عن جمعها التبرعات لبناء المستشفى الذي تم افتتاحه في إبريل. وساعد ما يزيد عن 4800 تبرع فردي في تكاليف بناء المستشفى، ما تبقى مبلغ جيد يصلح لإدارة المستشفى 6 أشهر مقبلة.
على مدار الـ6 سنوات الماضية، تم تخصيص 1.7 مليون دولار في الصناديق المجمعة إلى تحصين وتعزيز المستشفيات السورية تحت الأرض، وأسهمت الحكومة الفرنسية بمبلغ أقل قليلا من 0.5 مليون دولار، فيما جمعت المنظمات السورية غير الحكومية 2.5 مليون دولار من تبرعات ومنح خاصة. وبلغ طلب صندوق مجمع للصحة في 2017 فقط أقل من 500 مليون دولار.
واختتمت الجارديان تقريرها بأن استهداف المستشفيات وتقييد الوصول إلى الأدوية والرعاية الصحية، طالما كان تيكتيكا لبشار الأسد وجيشه. وأشارت إلى أنه في مارس الماضي تم تجريد مبعوث أممي إلى وادي بردى في ريف دمشق، من جميع الإمدادات والمعدات الطبية التي كانت معه. فيما قالت منظمة الصحة العالمية إنه تم تجريد مبعوثين أممين من حوالي 20% من مساعداتها الطبية خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري.